العدالة الدولية والكيان
| د.هالة الأسعد
بعد مرور 400 يوم على الجرائم الوحشية ضد الفلسطينيين، وخاصة غزة، أثمرت المقاومة القانونية، بإدانة الإدارة الصهيونية لأول مرة في محكمة دولية رغم كل محاولات الولايات المتحدة الأميركية.
الكيان الصهيوني، الذي كان دائماً يهرب من المتابعات الدولية بدعم من واشنطن وأتباعها الغربيين، أو عبر تعطل قرارات الأمم المتحدة باستخدام حق الفيتو، تلقى هذه المرة ضربة بعد إصدار المحكمة الجنائية الدولية وبقرار تاريخي حكماً بملاحقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين ووزير حربه السابق يوآف غالانت.
سيؤدي هذا الحكم إلى زعزعة مكانة الكيان الصهيوني على المستوى الدولي، فوفقاً لصحيفة «فايننشال تايمز»، فإن هذا القرار يعنني أن الدول الأعضاء في هذه المحكمة، والتي يتجاوز عددها 124 دولة، ملزمة باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها.
ويوم الخميس الموافق 21 تشرين الثاني الجاري، أصدرت الغرفة التمهيدية الأولى للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بالإجماع قرارين رفضت فيهما اعتراضات الكيان على المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي، كما أصدرت أوامر بالقبض على نتنياهو وغالانت.
وأوضحت الغرفة التمهيدية للمحكمة أن أوامر القبض صدرت بحق نتنياهو وغالانت لارتكابهما «جرائم ضد الإنسانية» و«جرائم حرب» وقعت على الأقل من 8 تشرين الأول 2023 إلى 20 أيار 2024، وهو تاريخ تقديم طلبات أوامر القبض من قبل النيابة العامة بعد أن كانت المحكمة قد رفضت في 20 أيار الماضي طلب الكيان الصهيوني بوقف أوامر القبض.
وجاء في بيان المحكمة: «يتحمل كل من نتنياهو وغالانت مسؤولية جنائية بصفتهما شركاء في ارتكاب جرائم الحرب باستخدام التجويع كوسيلة للحرب، وجرائم ضد الإنسانية تشمل القتل، والاضطهاد، وأعمالاً غير إنسانية أخرى، كما توصلت الغرفة إلى أدلة تفيد بأن نتنياهو وغالانت، بصفتهما مسؤولين مدنيين رفيعي المستوى، يتحملان مسؤولية جنائية عن جرائم الحرب المتمثلة في شن هجمات متعمدة على السكان المدنيين».
كما أشارت المحكمة الدولية ضمنياً إلى الإبادة الجماعية بحق سكان غزة، حيث قالت: «توصلت الغرفة التمهيدية إلى أدلة تشير إلى أن نقص الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمعدات الطبية تسبب في إبادة جزء من السكان المدنيين في غزة، وقد أدى ذلك إلى وفاة مدنيين، بينهم أطفال، بسبب سوء التغذية والجفاف».
ولاقى هذا الحكم التاريخي ترحيباً واسعاً من قبل الشعب الفلسطيني والرأي العام العالمي، لأنه عرّى جرائم الكيان ضد الأطفال في فلسطين بعد أن بلغت حداً لا يمكن حتى لحلفائه الغربيين تجاهلها.
وأعلنت دول عديدة مثل إيرلندا، سلوفينيا، كندا، بريطانيا، إيطاليا، إسبانيا، كولومبيا، هولندا، الصين، بلجيكا، الأردن، جنوب إفريقيا، السويد، سويسرا، تركيا، العراق وغيرها، عن ترحيبها بالقرار وأكدت التزامها به.
رئيس وزراء إيرلندا أعلن أنه في حال دخول نتنياهو أو غالانت إلى بلاده، سيتم اعتقالهما، كما أعلنت جنوب إفريقيا أن القرار «يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة»، وأكد، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن الاتحاد الأوروبي سيطبق قرارات المحكمة الجنائية الدولية.
أما الولايات المتحدة، وهي الداعم الأكبر للكيان، فقد رفضت القرار وأعلنت أنها ستتصدى له، ووصف الرئيس الأميركي جو بايدن القرار بأنه «مخجل»، بينما هدد بعض أعضاء الكونغرس المحكمة الجنائية الدولية.
في المقابل، أعرب السيناتور الأميركي برني ساندرز عن ترحيبه بالحكم، كما أعلن عمدة مدينة ديربورن الأميركية، عبد الله حمود، أنه سيتم اعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا المدينة.
ووصف نتنياهو القرار بأنه «فشل أخلاقي»، وصرح بأن إسرائيل لن تعترف بقرار المحكمة الجنائية الدولية، بينما زعم وزير خارجيته أن المحكمة فقدت كل شرعيتها.
ويشير هذا القرار إلى نقطة تحول تاريخية في التعامل مع جرائم الكيان الصهيوني، ما يعزز الأمل في تحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين.
كاتبة سورية