التشكيلي عبد الله مراد من نافذة صغيرة إلى العالم … وزيرة الثقافة: يترك لنا الخيال لنبحث في ألوانه وخطوطه
| مايا سلامي
بحضور وزيرة الثقافة د. ديالا بركات افتتح الفنان التشكيلي عبد اللـه مراد معرضه الفردي في غاليري «البيت الأزرق» بدمشق.
وتضمن المعرض ما يقرب من 60 لوحة من القياس الصغير، تجلّت فيها عفويته المنظمة التي يحيك بها خطوطه وألوانه بحرية واسعة، فلا يؤطرها باسم أو عنوان محدد، فيترك المشاهد لخياله حتى يقله من نافذة صغيرة إلى عالم واسع الآفاق والموضوعات.
إتقان وحرفية
وفي تصريح للصحفيين قالت وزيرة الثقافة د. ديالا بركات: «غاليري البيت الأزرق يستضيف معرضاً للفنان عبد اللـه مراد الذي يعتبر واحداً من أهم الفنانين السوريين، ونحن محظوظون لوجود مثل هذه القامات التي مازالت مستمرة بالعمل والإنتاج الفني والإبداعي الرائع.
وأضافت: «الفنان عبد اللـه مراد بلغ في لوحاته من الإتقان والحرفية لدرجة أصبحنا نشبهها بأعمال الأطفال البدائية الذين يرسمون سكيتشات بعفوية شديدة، كما أنه يترك لنا الخيال لنبحث في موضوعات أعماله التي تجلت له بلحظة معينة وترجمها بألوان وخطوط».
عفوية مدروسة
وأوضح مدير مديرية الفنون الجميلة وسيم عبد الحميد أن جمالية هذا الغاليري المميز ترافقت اليوم مع معرض للفنان عبد الله مراد الذي يعتبر من أهم الفنانين التشكيليين السوريين، الذي ترك بصمة مهمة محلياً وعالمياً من خلال مدرسته وأفكاره وألوانه.
وأشار إلى أن أعمال عبد الله مراد تتسم بالعفوية المدروسة بكل تفاصيلها والروح الطفولية الناتجة عن تراكم سنوات طويلة من الخبرة والعمل، منوهاً بأن أي عمل يقدمه مدروس من ناحية التكنيك والفراغ والخط لذلك يجد صعوبة في شرح عمله أو الحديث عنه، لأنه يرسمه بفطرته من دون أي أفكار مؤطرة ومحددة ومن هنا تأتي أهمية أعماله.
بسيطة ومعقدة
وبين أمين السر العام لاتحاد الفنانين التشكيليين غسان غانم أن عبد اللـه مراد فنان تشكيلي بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، قدم لوحات جميلة ومبسطة ومعقدة بآن واحد، لافتاً إلى أن الفنان يحاول من خلال أعماله إيصال المتلقي إلى قراءتها وفهمها بالطريقة التي يشاهدها به.
وكشف أن عبد الله مراد لا يتحدث عن لوحاته ومضامينها لأنه يعتبرها وليدة لحظتها، فكانت أعماله متميزة وحديثة، والمعرض جميل وراق ومرتق لاسم عبد اللـه مراد.
ملحمة كبيرة
وقال الفنان التشكيلي د. إحسان عنتابي: «من معرفتي السابقة بالفنان عبد اللـه مراد والتجريد الذي كان يشتغله ضمن قياسات ومساحات صغيرة وكبيرة وبرؤية خاصة فيه، اليوم نلاحظ نقلة نوعية بالشخصيات الموجودة في أعماله بالإضافة إلى أن اللوحة رغم مقاساتها الصغيرة أو المحدودة توحي لنا بأعمال كبيرة وجدارية بعض الأحيان وهنا تكمن الحرفة في فنه أنه استطاع أن يعبر من خلال مساحات صغيرة عن ملحمة كبيرة».
وأضاف: «هناك أعمال ذات بعد ملحمي وأنا أتمنى عندما ينتقل إلى مرسمه الجديد أن يتحرر من مقاساته الصغيرة ويدخل بمضمون اللوحة الواسعة، وأنا مسرور بهذا التطور الذي شاهدته، وهو بعمره مر بتجربة واسعة واليوم يلخص نتاجاتها ويدخل في عالم جديد وصعب استطاع أن يحقق فيه خصوصية تمس أعماله السابقة».
الفنان في سطور
وُلد عبد اللـه مراد في حمص عام 1944، وتخرّج عام 1970 من قسم التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق. مُستلهِماً من إيقاعات خطوط الأرابسك، يُظهر مراد تأثراً شديداً بألوان تياري الوحشية والتعبيرية التجريدية. ورغم أنه قدّم على امتداد مشواره الفني بورتريهات ومشاهِد طبيعية ومنحوتات، إلا أنه يميل للتركيز على عوالِمه الداخلية من خلال الارتجال على المستوى التجريدي.
تتراوح الطاقة الكامنة في أعماله بين المشاعر المحمومة والمكثّفة وبين الرصانة والسكينة، ليُقدّم تراكيب غير متناظرة تترك لنظرة المشاهِد أن تُبحر في فضاءات العمل.
عبر تلاعبه بالخيط الرفيع بين التوازن وعدمه، تتنوّع تقنيات الفنان بدءاً من ضربات فرشاة سميكة وصولاً إلى طبقات لونية رقيقة وشفيفة، وتلاعُب بقوام وسطح العمل، وإضافة كولاج من قصاصات جرائد وخامات أخرى.
يشتهر مراد بأعماله المركبة التي تنطوي على عدة طبقات، وقد شاركت أعمال مراد في معارض ومزادات دولية، وهي مقتناة ضمن مجموعات خاصة وعامة، منها متحف الشارقة والمتحف الوطني بدمشق ومؤسسة دلّول للفن ووزارة الثقافة السورية.