ثقافة وفن

وتبقين على الزمن حلب.. ثغر الشام وحصن الأمة

| إسماعيل مروة

حلب قصدنا وأنت السبيل.. وهل مثل حلب؟
يا للبطولة عندما تصحو!
يا للرجولة حين يطلبها الميدان!
يا خيبة الظن حين يتكالب المتآمرون
وسوى الروم خلف ظهرك روم
فعلى أي جانبيك تميل؟… هل اختلف الروم؟
إن اختلف المقاتلون هل تختلف الغاية؟
امتشق سيف الدولة سلاحه ورابط
إنه ثغر بلاد الشام… إنه ثغر بلاد الإسلام والعروبة
وإن اختلفت التسميات بقيت النزعة الرومية
وتبقى حلب جوهرة البلاد… بقلعتها وقاعة عرشها
بأربعمئة شاعر في بلاط سيف الدولة
يتأهبون لتخليد البطولة
في كل زمان كانت حلب القلعة الأولى
منحدراتها.. تلالها.. قلاعها.. أسواقها
حلب بإنسانها الذي لا يعرف التعب
بهمتها التي لا تفتر
بأرضها التي لا تتوقف عن العطاء
وحدها حلب بالترابة الحلبية وعطرها
وحدها بالغار في أرضها يشكل إكليلاً
وبالزعتر الذي لا يعرف أي نوع من التحول..
حلب طريق عزة ومستقر وطن
إن كانت فإن البلاد كائنة
وإن تعبت كانت البلاد متعبة
حلب وأنت المنطلق والسبيل والغاية
حلب النغم والدراويش والصوفية والقداسة
في شعابك هام القديسون والصوفيون فكنت ملاذاً
فيك انهمر الشعر والإبداع
كيالي على رصيفك اختار لونه القاتم بإحساسه
من براريك جاءت نبتة برية حملت اسم فاتح مدرس
فهام بك من كفرجنة إلى كل مكان
من كبريات بيوتك خرج أبو ريشة فغنى للوطن
ونادى: يا عروس المجد تيهي واسحبي
أبى الذل.. رفض الاحتلال.. ألهب المنابر والمشاعر
ترك الأصباغ والألوان ليكون شاعرك ومحرّك الروح
ومن بيوتاتك صبري المدلل… وقبله عمر البطش
وبعده محمد خيري وصباح فخري وشادي جميل
بكل ألوان الطيف كنتَ يا حلب
أغنيتنا ثقافة وأكاديمية بأساتذتك الكبار
غيمات فكرك النيّرة نيازك سورية
في معاهدك.. في جامعاتك.. في تكاياك الصوفية.. في كنائسك
في كل مكان منك.. من خان الحرير إلى الموكامبو
من ساحة الفرج إلى سعد الله الجابري
من أبي فراس الحمداني إلى أبي ريشة
تهلّ بشائرك.. ترسلين رسل الحب والحرية للوطن
ها هو سعد الله الجابري يستمع إلى ما يقوله فيه الشعراء
يغضّ الطرف حياء لما يقولون
ويطرب الكون لما فيه من خصال… هدير مصانعك لا يتوقف
آلات نسيجك وإن سرقها اللصوص تنسج للبسطاء
حلب التاريخ والحضارة لا يملكها واحد في الكون
خير الدين الأسدي سجّل مآثرها
وكان تاريخها زبدة التاريخ كله
أيا أيها الألم العاصف بحلب وهي تشد الركاب..
تعبت… استردت أنفاسها
بدأت تنهض من جديد…. عادت الحياة إلى أزقتها
عادت الزينات إلى طرقاتها
ولأنها الرئة والنبض… الروح والنفس
لأنها ذلك وأكثر عادت غاية للطامعين
هي كنز في كل زاوية وتحت كل حجر
كل حجر ينادي على سيف الدولة
وإنسانك يستجيب للمتنبي: ليس إلاك يا علي همام
سيفه دون عرضه مسلول… عجيب أمرك يا عجيبة المدائن
توزعين عطرك وبخورك على الجميع
لا تشعرين بالغربة وأنت تسمعين نبوءته:
ولا المتنبي مالئ حلبا..
ويستمر صمودك وأنت تجابهين وتسمعين:
فلا خيول بني حمدان… وتبقين على الزمن حلب
حلب قصدنا وأنت السبيل

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن