وسام للأخوة السورية – اللبنانية
| ميشيل خياط
لم تكن مصادفة أبداً، أن يبادر أعتى عتاة الإرهاب العالمي المترعرعين في الحضن التركي إلى القيام بهجمة كبرى شرسة غير مسبوقة، على حلب الشهباء، لحظة وقف إطلاق النار على جبهة جنوب لبنان ما بين العدو الإسرائيلي وحزب اللـه «فجر الأربعاء 27/11/2024».
سارعت سورية في تلك اللحظة لاستكمال دورها النبيل في الاحتضان الأخوي للوافدين اللبنانيين، الذين احتموا فيها من التوحش الإسرائيلي، في سياق استهدافه الإجرامي لبيوتهم ومحالهم وورشهم ومزارعهم، بالطائرات الحربية والدبابات والمدفعية.
وتلبية لشغف الأشقاء في العودة السريعة إلى ديارهم في البقاع وبعلبك والهرمل وجنوب لبنان هرعت سورية إلى ردم الحفر العميقة وتعبيد طرقات وترميم جسور تربط ما بين سورية ولبنان كان العدو الإسرائيلي قد دمرها في سياق هجمته المجنونة على جنوب لبنان والتي دامت 66 يوماً وأدت إلى النزوح القسري تحت وابل من الحمم النارية التي صنع بها – الإسرائيليون- جحيماً على أرض لبنان.
جاءت الهجمة الإرهابية على حلب طعنة غادرة في الظهر، في وقت كانت تحتفي فيه سورية بالنصر العظيم على العدو الإسرائيلي المهزوم بدلالة عجزه عن تحقيق أهدافه المعلنة من الحرب على لبنان واضطراره إلى طلب وقف إطلاق النار رغم الجعجعة الكاذبة _ إذ قُتل له في 66 يوماً على الحدود مع لبنان، 130 ضابطاً وجندياً وجرح 1250 فرداً من قواته، ودمرت له 59 دبابة و11 جرافة عسكرية، وهرب مئات ألوف المستوطنين من 42 مستوطنة على الحدود وتعرض 9000 مسكن من مساكنها للتلف والانهيار واحترقت 7000 سيارة ودمرت 342 مزرعة و1070 منشأة في تلك المستوطنات «ومصدر هذه الأرقام تقارير وصحف عربية».
لقد شكلت الحفاوة بالوافدين اللبنانيين إلى سورية إبان الهجمة الوحشية الإسرائيلية على جنوب لبنان في الشهرين الماضيين من العام الحالي مساندة كبرى للصمود اللبناني الأسطوري في وجه تلك الهجمة، وتبدت تلك الحفاوة، بتوفير المأوى السكني الجيد والكساء لمن لم تتح لهم فرصة حمل ثيابهم من خزائنهم، والتدفئة والكساء والغذاء والطبابة المجانية من استشارات طبية ولقاحات للأطفال وأدوية وعمليات جراحية، والتعليم والكتب المدرسية، ووضعت تحت تصرفهم وسائط نقل من المعابر الحدودية إلى المحافظات التي يرغبون في الإقامة فيها.
وما من شك أن هذه المساندة الثمينة، تعبير عن قيم ومبادئ سورية هي سليلة حضارة عريقة موغلة في القدم وتزداد بهاء عصراً إثر عصر في سياق الالتزام السوري، بالعروبة كحاضنة لأمة من المحيط إلى الخليج.
وهي في المحصلة وسام نبيل جداً ورفيع المستوى للأخوة السورية اللبنانية مثلما تفهمها سورية وتحسن التعبير عنها دائماً.
ولعل أغلبنا يذكر أن السيد الرئيس بشار الأسد قد وجه الحكومة السورية الجديدة في أول اجتماع له معها في 24/9/2024 أن تعتبر العنوان الأساسي لعملها، هو كيف نقف مع أشقائنا في لبنان في كل المجالات وبكل القطاعات، من دون استثناء ومن دون تردد.
وكان التنفيذ جيداً لهذه التوجيهات الكريمة، وكان رد محور الشر عليها المتمثل في التحالف الإمبريالي الصهيوني، هجمة الإرهابيين من بعض أرياف حلب وإدلب على مدينة حلب في الأيام القليلة الماضية «وهي تشبه تماماً قيام إسرائيل بالإغارة على الطرق التي تربط لبنان بسورية وتدمير المعابر الحدودية عدة مرات وبعناد شرس تعبيراً عن حقدها على الشعب اللبناني وسعيها إلى منعه من النجاة ومن الاستفادة من المساندة السورية له».
هجمة يتم ردها ببسالة الجيش السوري الشجاع والقوات الرديفة والصديقة، بثمن غال هو دم كثير من الشهداء لكن السوريين وعلى مدى تاريخهم الحديث والمعاصر على الأقل، يسترخصون التضحيات مهما كانت غالية، في سبيل صون أرضهم والتمسك بحريتهم، وتقديس عزتهم وكرامتهم ورأسهم المرفوع.
وإذ نفخر بما نحن عليه، ندرك أننا لسنا استثناء على الأرض، كل الشعوب الماجدة دفعت أثماناً باهظة دفاعاً عن أرضها وحريتها وكرامتها.