قضايا وآراء

الكذب والدبلوماسية التركية.. ملح السياسة يتحول نهجاً

| منذر عيد

قال أوتو فون بسمارك إن السياسة هي فنّ الممكن، والقابل للتحقّق، وفنّ ثاني أفضل الخيارات، ولكن مفهوم السياسة لدى وزير خارجية النظام التركي هاكان فيدان، والدول الغربية الداعمة لـ«ديمقراطية اللحى والذبح بالسكين»، يخالف رأي بسمارك، فباتت السياسة لديهم «فن الكذب» وتحريف الحقائق، ليخرج علينا فيدان بجملة من الأضاليل وسيل هائل من الأكاذيب خلال حديثه عما يجري في حلب وهجوم التنظيمات الإرهابية عليها، ليقول إن «الحكومة التركية مستعدة للتوسط مع الفصائل المسلحة ضمن اتفاق أستانا، دعمنا دائماً وسنواصل دعم وحدة الأراضي السورية وسلامتها، ومن الخطأ في هذه المرحلة محاولة تفسير الأحداث في سورية بوجود تدخل خارجي»! وكل ذلك في محاولة لنفض يدي النظام التركي من الهجوم الإرهابي على حلب، وكأن رسن التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم جبهة النصرة ليس بيد أردوغان.

من باب حسن النيات، وتربيتنا اجتماعياً أن «الرجال» لا تكذب، سندعي القناعة بما قاله فيدان، لكن من حقنا قبل ذلك أن نسأل السيد فيدان، كيف رفع علم بلاده المحتلة على قلعة حلب، وماذا كان يفعل والي كلس برفقة جهاز المخابرات التركية في محيطها مع سيطرة الإرهابيين عليها، كما ذكرت مواقع وصفحات بعض المسلحين، ومن وضع علم بلاده على سترات قطعان الإرهابيين والمرتزقة الذين هجموا على حلب، وكيف بدأت شبكة الخليوي التركية العمل في حلب، يبدو أن فيدان فهم المبدأ القائل: إن الكذب ملح السياسة بطريقة أخرى، وحول الكذب كملح في طبخته السياسية، إلى مكون رئيس ووحيد فيها، وبعد كل ذاك يدعي أن من يحاول تفسير الأحداث في سورية بوجود تدخل خارجي، أنه ملجأ من لا يريد فهم الحقائق المتعلقة بسورية.

من المؤكد أن النظام التركي يحاول التسويق بأن قطعان الإرهابيين أتوا بما يملكونه من أسلحة متطورة ومسيرات وبنك أهداف كبير، من الفضاء الخارجي، وسقطوا في إدلب بالمظلات، بما يعكس حالة « لولدنه السياسية» التي تحاول أنقرة امتهانها تجاه سورية، وهذا الوضع يتنافى كلياً مع المعلومات المؤكدة التي تحدثت عن اجتماع في معبر باب الهوى قبل أكثر من شهرين، ضم ضباط من المخابرات التركية والفرنسية والأوكرانية مع عدد كبير من قيادات المجموعات الإرهابية وفي مقدمتها «النصرة والإسلامي التركستاني وأنصار التوحيد» لتنسق الهجوم على حلب، وتزويدهم بأسلحة نوعية وفي مقدمتها الطيران المسير، الأمر الذي شاهدناه وترجم لاحقاً في الهجوم الإرهابي على حلب واستخدام المجموعات أسلحة متطورة من مناظير ليليلة وصواريخ موجهة ومسيرات انتحارية، إضافة إلى ظهور جنود ومسلحين أوكران في حلب برفقة الإرهابيين.

حالة الكذب السياسي لم تقتصر على الدبلوماسية التركية، بل ظهرت في عواصم الغرب الاستعماري، الأميركي والأوروبي، حيث لحق المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض الأميركي شون سافيت، بركب فيدان وزعم أن لا علاقة لبلاده بهجوم «النصرة» على حلب!

من الواضح سعي أردوغان في ظل تسارع المتغيرات في المنطقة، إلى رسم معادلة جديد يغير من خلالها قواعد اللعبة عبر رسم خريطة ميدانية جديدة، يملك من خلالها أوراق ضغط ومساومة على طاولة المحادثات الإقليمية المرتقبة مع قدوم رئيس أميركا الجديد دونالد ترامب، وماهو متوقع من سياسات جديدة صعبة التكهن، بخصوص العلاقة مع ميليشيات قوات سورية الديمقراطية- قسد» العدو اللدود لأنقرة، وموضوع الانسحاب من سورية، وطبيعة دعمه للكيان الإسرائيلي، والحرب في أوكرانيا، وهذا ما ظهر جلياً وسريعاً في مفردات الدبلوماسية التركية في جميع مباحثاتها مع اللاعبين الإقليميين عبر الحديث عن البحث عن حل عبر «اجتماع آستانا»، ليفضي ذلك عن اجتماع مرتقب الأسبوع القادم في الدوحة يضم روسيا وإيران وتركيا وقطر!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن