سعادة الوزير الحزين!!
| عبد الفتاح العوض
أكثر الموضوعات نقاشاً الآن في دبي هو وزير السعادة أو بالأحرى وزيرة السعادة التي علقت قلادة مكتوباً عليها happy.
سعادة وزير السعادة أحد الألقاب الجديدة التي يمكن أن تصبح موضة الحكومات في المستقبل، وربما من المبكر الحكم على قدرة الأفكار الجميلة أن تتحول إلى واقع…. فالسعادة بحد ذاتها هي أحد الموضوعات «المطاطة» كل شخص لديه مفهوم للسعادة… أضف إلى ذلك: إن السعادة حاجة دائمة وليست مؤقتة… بمعنى أن أي حكومة تستطيع أن تجعلك سعيداً في هذه اللحظة لكنها لا يمكن أن تضمن قدرتك على الاحتفاظ بالسعادة دائماً.. أحد علماء الاجتماع لاحظ أن في الدوريات المتخصصة بعلمي النفس والاجتماع تركيزاً على الحزن وتحليل استجابة الفرد والمجتمع للأحداث المحزنة، وكان تفسيره أن العلم يهتم بالمشاكل.. والحزن مشكلة، على حين السعادة من المفترض أن تكون الحالة الطبيعية في حياة البشر وليست الحالة الطارئة.
العلماء الأوائل ركزوا على السعادة وليس الأحزان.. أفلاطون واحد من هؤلاء الذين رأوا أن السعادة هي فضائل النفس (الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة) لاحظوا هنا تجليات المدينة الفاضلة.
أما أرسطو فاعتبر السعادة هي خمسة أشياء، أولها الصحة، ثم المال، ثم العمل الناجح، ثم العقل والاطمئنان للعقيدة، وأخيراً رضا الناس والسمعة الحسنة.
العلماء العرب أيضاً اهتموا بالسعادة وهذا الفارابي يؤلف كتاباً في تحصيل السعادة.. ورغم أن لفظ السعادة لم يرد في القرآن الكريم، إلا أن حديثاً للرسول محمد صلى اللـه عليه وسلم يلخص السعادة بأفضل تلخيص: «من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها».
لو أردنا أن نختار من حكومتنا وزيراً للسعادة… فلن يكون الأمر سهلاً!!
ولا أظن أن أيا منهم يمكن أن يجد نفسه أهلاً لذلك وخاصة في هذه الفترة الصعبة… ثم إنها في ظل هذه الكارثة التي يمر فيها بلدنا لن نجد مادة السعادة متوافرة في حياتنا، لكن الخبر الجيد أنه يمكن تصنيعها، والسوريون بارعون بذلك إنهم أفضل من يصنع السعادة، فالمواطن السوري رغم كل ما يعانيه يجد وسائل بسيطة لخلق السعادة والإحساس بالرضا.
أسوأ ما يمكن أن يواجهه وزير السعادة هو ألا يملكها هو نفسه… أظن أن أكثر الأسئلة التي ستواجه وزيراً أو وزيرة السعادة هو… هل أنت سعيد؟
وإذا سأل كل منا نفسه هذا السؤال في الأحوال العادية، فإن الإجابة لن تكون دوماً «سعيداً» وطبعاً لن تكون «حزيناً»، معظم أوقاتنا لسنا سعداء ولا حزانى.
السنوات الخمس الأخيرة من عمر السوريين لن تجد إجابة غير حزينة.. والدول مثل الأفراد تمر عليها فترات حزينة، الفرق أن خمس سنوات من عمر الأفراد طويلة وطويلة جداً على حين في مقياس الدول هي فترة وتمضي.
لو كان لدينا وزير للسعادة وسألناه: كيف حالك يا سعادة الوزير؟ توقعوا أن يكون حزيناً.. ولا حل مع سعادة الوزير الحزين إلا مواطن سعيد؟
أخيراً هل حدث أن فتشت وتعبت وأنت تفتش عن شيء وهو في جيبك؟ هذا ما حدث مع السوريين وهم يفتشون عن السعادة، وكانت في جيبهم أو على الأقل جزء منها.
أقوال:
الكثير من السعادة يستحق القليل من الحزن.
البحث عن السعادة أحد مصادر عدم السعادة.
نحن نتعب في البحث عن الراحة، ونشقى في البحث عن السعادة، ونفلس وراء الفلوس، ونولد ونموت وننسى أن نعيش.
كن سعيداً وأنت في الطريق إلى السعادة، فالسعادة الحقّـة هي في المحاولة، وليست في محطة الوصول.