اقتصاد

الدعم والرواتب.. لعبة أرقام مكشوفة!

| علي نزار الآغا

تصرّ الحكومة على أن الموازنة العامة للدولة 2016 ازدادت بنسبة مهمة عن الموازنة السابقة، ما يجعلها متوازنة نوعاً ما أمام ارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة الوطنية. وفي كل مرة تحضر فيه الموازنة في كلام الحكومة، يلحق هذا العرض بتأكيدات على ارتفاع قيمة الدعم الاجتماعي في الموازنة، بالرقم والنسبة من الإنفاق المقدّر.
كلام الحكومة هذا صحيح من الناحية الرقمية المطلقة، ولكنه غير واقعي قياساً إلى القوة الشرائية للدعم المرتفع في 2016، وهذا ما يجعل الدعم ضعيف الأثر، جداً، على المواطن، خلافاً لما هو متوقع من الحكومة، والمطلوب منّا كإعلام عرضه بواقعية للمواطن، من خلال إعادة تأكيد زيادة أرقام الدعم وعرض أسباب الحرب وتداعياتها الاقتصادية على البلد والمواطن والحكومة.
طبعاً، لا خلاف على هذه التداعيات المعقدة، التي تتطلب فريقاً عالي التأهيل والكفاءة لإدارة خسائرها وتقليصها قدر المستطاع على الوطن والمواطن.
وبالأرقام، نبين حقيقة الأرقام التي تتناقلها الحكومة وتطلب من الإعلام عرضها بمنطقية، وما هو عليه الواقع:
ففي البداية، ارتفعت قيمة الدعم الاجتماعي بنسبة تزيد على 152% بين الأعوام 2012 و2016، فبينما بلغت 386 مليار ليرة سورية، ما نسبته 41% من الإنفاق الجاري في موازنة 2012، أصبحت 973.25 مليار ليرة، ما نسبته 66.2% من الإنفاق الجاري في موازنة 2016.
ولكن، بمقياس الدولار، تختلف المعادلة رأساً على عقب، فقيمة الدعم الاجتماعي في 2012 تتخطى مبلغ 3.85 مليارات دولار أميركي على أساس سعر الصرف المتعامل فيه في الأوساط التجارية (السوق غير النظامية)، على حين بالكاد تتعدى 2.45 مليار دولار أميركي في العام الجاري. أي إن قيمة الدعم الاجتماعي المعدّلة بالدولار الأميركي انخفضت بأكثر من 57%. وهذا يعكس نسبياً انخفاض قيمة العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية على قيمة الدعم الاجتماعي في موازنة الدولة.
وبمقياس الرقم القياسي للأسعار، أي معدل التضخم، فإن المحافظة على مستوى الدعم المقدم نفسه للمواطنين في العام 2012 يتطلب من الحكومة تخصيص مبلغ لا يقل عن 2300 مليار ليرة سورية في العام الجاري 2016.
أي إن ما أمنته الحكومة في موازنتها للعام الجاري بالكاد يزيد على 42% من المطلوب للمحافظة على مستوى الدعم المقدم في 2012.
والخلاصة، تبين القراءة الاقتصادية لأرقام الدعم الاجتماعي خلال سنوات الحرب القاسية، فقدان المواطنين لجزء كبير من الدعم المقدم لهم، ولا يمكن اعتماد رقم 58% كنسبة لتدهور الدعم الاجتماعي، لأن الرقم يحتاج لمعاملة حسابية جديدة، تراعي العدد الحقيقي من المواطنين المستفيدين من الدعم في 2016 وفي العام 2012، وهذا الرقم غير متاح لنا، إلا أن النسبة لا تنخفض كثيراً عن 58%.
إلى ذلك، من الجدير التذكير بأن المقارنة بين رفع أسعار المواد المدعومة من الحكومة وزيادة الرواتب غير دقيقة اقتصادياً، فصحيح أن أغلب الرقم الذي تحصله الدولة من الرفع يعاد ضخه لتمويل زيادة الأجور وتحسين الخدمات، لكن الأمر الذي غاب عن ذهن الحكومة، أن رفع أسعار مصادر الطاقة، وحده، حمّل الراتب أعباءً إضافية بسبب رفع أسعار السلع والخدمات المتصلة بمصادر الطاقة، لذا لا يصح الحديث والربط بين تحصيل الحكومة مبلغ 220 مليار ليرة من «تصحيح الأسعار» تم استخدام 215 مليار ليرة منها لتمويل زيادات الرواتب المتتالية والمنحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن