سفير أندونيسيا بدمشق جوكو هاريانتو في مقابلة مع «الوطن»: مفاوضات جنيف «معقدة».. ونرفض المشاركة في «التحالف الإسلامي».. ونؤيد الجهود السورية ضد الإرهاب … الحديث عن مشاركتنا في تدخل بري بسورية «دعاية إعلامية» إسرائيلية وغربية لإحداث «بلبلة»
| حاوره سامر ضاحي – تصوير طارق السعدوني
يؤكد السفير الاندونيسي لدى دمشق جوكو هاريانتو «رفض» بلاده المشاركة في مبادرة «التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب»، التي أعلنتها السعودية لأن بلاده «لم تخبر» بها مسبقاً.
ويعتبر هاريانتو في مقابلة خاصة مع «الوطن» في مكتبه بدمشق، أن مبادرة السعودية «ليست واضحة بعد بتوجهاتها وأهدافها، وليس لها غطاء رسمي دولي»، ولذلك «يستنكر» إدراج إندونيسيا فيها، وينفي ما نقلته شبكة «سي إن إن» الأميركية عن وجود مقاتلين إندونيسيين تدربهم الرياض ضمن 150 ألف مقاتل قالت الشبكة إنهم سيدخلون سورية عبر الحدود التركية.
ويقول: إن هذا «الحديث تدخل سافر بشؤون بلاده»، وهو مجرد «دعاية إعلامية» من وسائل إعلام مدعومة «إسرائيلياً وغربياً» لإحداث «بلبلة» بين الدول. الدبلوماسي الاندونيسي، ورغم «حياد» بلاده، يرى «ضرورة أن يضغط المجتمع الدولي لحل الأزمة السورية بالوسائل السياسية»، تلك الأزمة التي «أدت لتراجع» التبادل التجاري بين البلدين، ويعرب هاريانتو عن تقديره للحكومة السورية على حماية سفارة بلاده و«جعلنا نشعر بالأمان».
سفير الدولة «العلمانية» التي تضم أكبر عدد من المسلمين في العالم إذ يبلغ تعداد سكانها قرابة 240 مليوناً بينهم 94% مسلمين، يشدد على أن «مستقبل سورية بيد شعبها فقط»، ويعتبر أن مباحثات جنيف 3 «ليست سهلة بل معقده والدليل من حضر (في الجولة الأولى) انسحب فما بالك إذا كان هناك أطراف كثيرة». ويرى أن الجولة الثانية من المباحثات ستنعقد في موعدها المقرر في 25 الشهر الجاري، «في حال توافرت نيات حسنة من جميع الأطراف».
ويرى أنهم «كقياديين في آسيان سندعو لإعمار سورية»، لأن «التطورات الأخيرة فيها تتجه نحو الأفضل». ويصف هاريانتو الذي ضرب إرهاب داعش عاصمة بلاده في الرابع عشر من الشهر الماضي «صمود» الشعب السوري لأكثر من خمس سنوات بأنه «نموذج فريد»، وهو يواجه «الإرهاب والقوات الخارجية القادمة من أكثر من ثمانين دولة».
ويرى أن الإرهاب «تهديد للعالم، وبالتالي من الضرورة مكافحته ضمن إطار من التعاون الدولي»، ولذلك يأمل «بعلاقات أمنية وثيقة» بين جاكرتا ودمشق في المستقبل.
السفير هاريانتو الذي عمل أستاذاً في جامعات إندونيسية وبعض الجامعات الماليزية يقول بشأن المشاركة الروسية الجوية في سورية: إن «التعاون العسكري بين سورية وروسيا قديم»، في حين أن الحكومة الأميركية «تكيل بمكيالين». وفيما يلي نص المقابلة كاملاً:
سعادة السفير بداية اسمح لي بأن أقدم التعازي باسم صحيفة «الوطن» للسفارة الإندونيسية بضحايا الاعتداء الإرهابي الذي ارتكبه تنظيم داعش في جاكرتا في الرابع عشر من الشهر الماضي.
نشكركم على تعزيتكم ونحن حقيقة نعزي الشعب السوري لأنه يقع يومياً ضحية مثل هذه الأعمال الإرهابية.
إندونيسيون انضموا إلى داعش في سورية تحت مجموعة «لواء أرخبيل»
سعادة السفير، قالت الشرطة الإندونيسية بأن متزعم «كتيبة نوسانتارا» المدعو بحرون نعيم هو من أعطى الأوامر بتنفيذ تلك الاعتداءات من معقل داعش في مدينة الرقة، هل تتوقعون وجود خلايا أخرى نائمة للتنظيم في بلادكم، أو تجنيد داعش عدد كبير من الشبان هناك لتنفيذ عمليات في إندونيسيا أو خارجها؟
نحن واعون جداً لمثل هذه الظاهرة لأن الأصوليين والراديكاليين موجودون في إندونيبسيا ويحاولون البلبلة بهذه الطريقة ولكن هذا الوضع لايتناسب مع الثقافة الإندونيسية والإسلام الصحيح أما بالنسبة للتعامل مع هذه الاعتداءات فقد تحركت الشرطة الإندونيسية بسرعة كبيرة وتمكنت من القبض على الشبكة في غضون أربع ساعات، وقال رئيس الجمهورية جوكو ويدودو: «إن الدولة لا ينبغي أن تهزم، وينبغي للشعب ألا يكون خائفاً من الإرهاب».
لقد أثبتت أحداث 14 كانون الثاني 2016 للعالم أن الإرهاب هو عمل جبان والتطرف لن يكون مقبولاً من الشعب الإندونيسي. وقد أوعز الرئيس الاندونيسي مباشرة إلى السلطات بملاحقة واعتقال الشبكات المعنية والمسؤولة عن أعمال الإرهاب بعد الأحداث في جاكرتا. خلال هذا الوقت، فإن قوات الأمن من الشرطة والاستخبارات الاندونيسية قامت بمطاردة معاقل الشبكة الإرهابية، بما في ذلك الإندونيسيون الذين انضموا إلى داعش في سورية تحت مجموعة «لواء أرخبيل».
الإرهاب ليس قضية دولة واحدة
تحدثتم عن أصوليين في إندونيسيا، ومع أنباء عن مشاركة إندونيسيين مع مجموعات تعتبرها دمشق «إرهابية»، وتفجيرات جاكرتا الأخيرة، ما الإجراءات التي اتخذتها بلادكم، وهل تواصلتم مع دمشق لتبادل المعلومات؟ أو إمكانية عقد اتفاقيات مشتركة في مجال التعاون في مكافحة الإرهاب؟
الإرهاب ليس قضية دولة واحدة، بل قضية دول. لذلك، يجب التعامل مع هذه الظاهرة ضمن إطار التعاون الدولي. ويوجد في إندونيسيا «الوكالة الوطنية لمكافحة الإرهاب» (BNPT) تتعاون مع العديد من البلدان في آسيا والمحيط الهادئ. ومن أجل منع الأعمال الإرهابية بدأت اندونيسيا، وبالتعاون مع أستراليا، بمبادرة المنتدى الإقليمي الأول لمكافحة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، وحتى من يشارك بأعمال إرهابية في سورية ونعلم به يتم سحب جنسيته.
نأمل أن تقوم كل من إندونيسيا وسورية بإقامة علاقات وثيقة في المجال الأمني، وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية في المستقبل، نظرا لأهميته لمصلحة البلدين. ونحن نشجع ونحث السلطات في إندونيسيا، وخاصة الاستخبارات الإندونيسية على استمرار التواصل مع شركائها في سورية.
الحكومة السورية تتهم السعودية وتركيا وفرنسا والأردن بدعم الإرهابيين، وتربطكم علاقات جيدة مع تلك الدول، ما رأيكم بهذا الكلام؟ وكيف تقيمون مكافحة دمشق للإرهاب؟
حسب المنصوص عليه في الدستور الإندونيسي فإن من أهداف إقامة الدولة الاندونيسية هو المساهمة في أمن النظام العالمي القائم على الحرية والسلام الدائم والعدالة الاجتماعية. وإضافة إلى ذلك، فإن إندونيسيا تتمسك بالسياسة الخارجية المحايدة، من حيث المبدأ، وهي حرة في تحديد المواقف والسياسات التي تؤدي إلى الحل المناسب للمشاكل والأزمات الدولية، وفي عدم ربط نفسها بأي كتلة من كتل القوى العالمية. إندونيسيا أيضاً نشطة في تقديم الدعم سواء في أشكال الفكر أو المشاركة الفعالة في حل الصراعات والنزاعات والمشاكل الأخرى من العالم، إلى أن يتحقق نظام عالمي قائم على الحرية والسلام الدائم والعدالة الاجتماعية.
وبهذا الإطار، قامت إندونيسيا بتعزيز علاقات الصداقة مع جميع الدول، خاصة الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، كما سعت لجعل العلاقات الأخوية تصب في مصلحة الأمة.
وفيما يتعلق بالإرهاب، فإن حكومة إندونيسيا تؤيد تأييدا كاملا جهود الحكومة السورية في مكافحة الإرهاب باعتباره تهديدا للعالم. ولا بد من الإشارة إلى أن سياسة إندونيسيا واضحة وهي إدانة جميع الأعمال الإرهابية وداعميها، والضغط للجوء إلى الحل السياسي الفوري من أجل تحقيق السلام في سورية. وبالطبع لا نهاية للحرب من دون اللجوء للمفاوضات السياسية.
مبادرة السعودية ليست واضحة بالنسبة لتوجهاتها وأهدافها
بعد أيام من دعوة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى تشكيل تحالف «سني» لمواجهة تنظيم داعش، أعلنت السعودية عن تشكيل «التحالف الإسلامي العسكري لمواجهة الإرهاب»، إندونيسيا من الدول التي طرح اسمها في «التحالف الإسلامي»، هل تمت مراجعة بلادكم قبل إعلان ضمها للتحالف؟ وكيف تقيمونه، ولديكم أكبر عدد من المسلمين بين دول العالم؟
نحن نرفض مثل هذه التحالفات لأنه لم يتم إخبارنا أولاً وليس هناك غطاء رسمي دولي لهذه التحالفات ثانياً. وقد قدمت وزيرة الخارجية الإندونيسية، السيدة ريتنو مارسودي في 16 كانون الأول 2015 توضيحات وبيانات تتعلق بموقف إندونيسيا الواضح. وأكدت أن إندونيسيا لا يمكن أن يقال عنها إنها تدعم أو تعارض لأن مبادرة المملكة العربية السعودية ليست واضحة بعد، وكذلك الأمر بالنسبة لتوجهاتها وأهدافها وأمورها الأخرى.
لذلك، لا يمكن لإندونيسيا إعطاء أي التزام قبل معرفة المعلومات المفصلة حول هذه المبادرة، وحتى الآن لم تقدم المملكة العربية السعودية أي توضيح رسمي يتعلق بالمبادرة المعنية.
إن موقف إندونيسيا يتماشى مع أهداف دولتها التي من بينها المساهمة من أجل تحقيق السلام الدولي، والاستنكار الرسمي الآن نقوله ولا نريد أن نكون عضواً فيه (التحالف الذي دعت إليه السعودية – المحرر) وهذا جوابنا، الحقيقة أن الواقع شاهد على ذلك وإندونيسيا لن تشارك أو تساعد هذه التحالفات.
أعلنت السعودية مؤخراً أنها مستعدة للتدخل البري في سورية، وأكدت تقارير شبكة «سي إن إن» الأميركية أن الرياض تدرب 150 ألف مقاتل من بعض الدول العربية ومن دول في شرق آسيا «إندونيسيا وماليزيا وبروناي» وأنهم سيدخلون سورية عبر الحدود التركية، فما تعليقكم؟
هذه تقارير صحفية ودعاية إعلامية وهذا كلام مرفوض و«سي إن إن» هي تحت الراية الإسرائيلية أو الغربية وهي تريد إجراء «بلبلة» بين الدول، مثلاً قناة الجزيرة وقناة «سي إن إن» تقولان إن الحكومة السورية تقتل الشعب السوري، ووجودنا في سورية يبين للجمهور في اندونيسيا أن ذلك ليس صحيحاً أما لو كان السفير غير موجود لكان من الممكن أن يعتقد الإندونيسيون أن هذا صحيح.
أما الحديث عن قوات إندونيسية ستدخل سورية فإننا نعتبره تدخلاً سافراً بالشؤون الإندونيسية.
لو كانت تركيا مثل سورية ماذا ستفعل؟
اتفقت سورية وروسيا على تعاون عسكري تشارك بموجبه الطائرات الروسية في سورية بقصف مواقع الإرهابيين، لكن أنقرة تتهم موسكو بأنها تسعى لاحتلال جزء من سورية، وواشنطن تدعو لوقف الغارات، فما رأيكم بهذا؟
هذا السؤال موجه للحكومة التركية ولو كانت تركيا مثل سورية ماذا ستفعل؟ في كل حرب هناك ضحايا مدنيون وعسكريون نحن نتمنى أن تستعيد سورية مكانتها وأن يسود الأمن في أراضيها، من المعروف أن التعاون الروسي السوري قديم، وأن الحكومة الأميركية تكيل بمكيالين
التعاون البناء بين سورية وإندونيسيا
بوصفكم من السفراء الذين لا يزالون يمارسون مهامهم في سورية، كيف تقيمون الوضع داخل دمشق؟ ولماذا فضلت بلادكم المحافظة على وجود دبلوماسي قوي في سورية على الرغم من أن دولاً عربية وغربية سحبت سفراءها؟
إن وجود البعثة الدبلوماسية الاندونيسية في العاصمة دمشق برئاسة سفير في خضم أزمة سورية يعطي رسالة واضحة بأن «الصديق الوفي لن يترك صديقه الذي يعاني من الأزمة». وإن «الشعب الإندونيسي لا ينسى أن سورية هي الدولة الثانية التي اعترفت باستقلال إندونيسيا في عام 1945». وقد أثبت التاريخ مدى التعاون البناء بين سورية وإندونيسيا في كثير من المناسبات وفي والمحافل الدولية. وبالتالي، فإن اندونيسيا كصديقة مخلصة لسورية، ستواصل في تقديم دعمها لتحقيق السلام واستعادة الأمن في أراضيها. إضافة إلى ذلك، فإن مهمة السفارة الرئيسية في وسط الصراع الحالي في سورية، هي حماية مواطنيها. نحن نقدر الحكومة السورية على حماية سفارتنا وجعلنا نشعر بالأمان، ويمكننا القول إن التطورات الأخيرة داخل سورية تتجه نحو الأفضل مقارنة بالأشهر الماضية.
نحن نتواصل بشكل دائم مع أصدقائنا الدبلوماسيين من السفارات والمسؤوليين السوريين عن طريق وزارة الخارجية والمغتربين السورية، وبالتنسيق معها قمنا بزيارات عديدة للمدن السورية من بينها اللاذقية وطرطوس ونرغب بالذهاب إلى حلب حيث يوجد فرع لقنصليتنا، بعدما أيقنّا أن الطريق آمن، بالتنسيق مع السلطات المختصة.
مستقبل سورية هو في أيدي شعبها فقط
سعادة السفير كيف تقيمون ما حصل في الجولة الأولى من محادثات جنيف 3 وهل تتوقعون انعقاد الجولة المقبلة في 25 الجاري؟
تابعنا عن كثب ما حصل في جنيف ولاحظنا انسحابات فئة من المعارضة. نحن نؤيد مثل هذا الحل السياسي، لأنه لا يمكن إيقاف نزاعات كهذه إلا عن طريق المفاوضات أو الحل السياسي بجلوس الأطراف على طاولة التفاوض ولذلك لسنا بحاجة فقط إلى دعم سورية واندونيسيا بل نحتاج إلى دعم المجتمع الدولي أيضاً لهذا الحل السياسي ونتوقع انعقاد الجولة الثانية في موعدها في حال توافر النيات الحسنة من جميع الأطراف.
حضرت سفارتكم بصفة مراقب مؤتمر «صوت الداخل» للمعارضة التي لم تدع إلى مؤتمر الرياض للمعارضة السورية، لكن في جنيف تم استبعاد هؤلاء المعارضين ولم يلتق بهم دي ميستورا، ما رأيكم بذلك؟ وهل تتواصل سفارتكم مع أي جماعة من الجماعات التي تعتبرها واشنطن «معارضة معتدلة».
إن السفارة الإندونيسية في دمشق، لم تجر أي اتصال مع المعارضة السورية في الداخل، واقتصرت على تلبية الدعوة لحضور افتتاح اجتماع المعارضة الداخلية السورية، في شهر كانون الأول الماضي في فندق الشيراتون بدمشق بموافقة السلطات السورية لأننا دولة حيادية وصديقة لسورية أما استبعاد معارضة الداخل من مؤتمر جنيف فليس من حقنا التدخل فهذا من مسؤولية دي ميستورا ومسؤولية الأمم المتحدة ومسؤولية الدول الكبرى التي تدعو الأطراف السورية لحضور المؤتمر، ونحن بدورنا نؤيد كل الجهود التي تؤدي إلى إنهاء الازمة.
إن هذه المسألة ليست سهلة بل معقدة والدليل من حضر انسحب فما بالك إذا كان هناك أطراف كثيرة.
بالمناسبة. هل لديكم أي تحفظ حيال ما ورد في بيان فيينا الأول حول «علمانية الدولة» في سورية مستقبلاً؟
إن حكومة إندونيسيا لم تحضر اجتماع فيينا، ومع ذلك فإنها أعربت عن موقفها الواضح في دعم التسوية السلمية للأزمة السورية، وبأن مستقبل سورية هو في أيدي شعبها فقط، ونحن دولة علمانية، نحترم كل الأديان، وهناك علاقات ثقافية بين سورية وإندونيسيا فخلال السنة الماضية استضفنا وفود علماء سورية منها مفتي دمشق وريفها الشيخ محمد عدنان الافيوني ورئيس اتحاد علماء بلاد الشام الشيخ محمد توفيق البوطي والشيخ رجب ديب كما استضفنا في شهر تشرين الأول وتشرين الثاني إعلاميين سوريين للتعريف باندونيسيا وتبادل الاخبار.
الأزمة وأثرها في العلاقات التجارية
بحثتم تفعيل العلاقات الاقتصادية مع وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية همام الجزائري، في آذار العام الماضي. هل سنشهد تطوراً في هذه العلاقات وكيف تقيمون حجم التبادل التجاري بين البلدين حالياً؟
الأزمة السورية الطويلة أثرت سلباً في كثير من المجالات وخاصة التجارية منها، منذ بدء الأزمة انخفض مستوى التجارة بين اندونيسيا وسورية بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة، على الرغم من أن المهمة الرئيسية للسفارة في هذا الوقت هي محاولة ترحيل مواطنيها من سورية، لكنها تبذل جهدها من أجل تشكيل لجنة مشتركة (لمجلس رجال الأعمال الإندونيسي- السوري) التي لم تؤسس من قبل بغية تفعيل الدور الاقتصادي للبلدين. كما أن الميزان التجاري بين اندونيسيا وسورية قد انخفض بشكل كبير خلال الأزمة. فقبل الحرب، أي عام 2010 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 65100000 دولار أميركي في حين بلغ 370000 دولار أميركي في العام 2015.
وخلال عام 2015، قام وفدان تجاريان من سورية بزيارة معرضين تجاريين أقيما في إندونيسيا ذاك العام وهما: أولاً معرض صناعة الغزل والنسيج المتكامل 2015 والمنسوجات المنزلية وأثاث النسيج معرض (INTEX من 10 إلى 12 تموز 2015، وثانياً معرض اكسبو اندونيسيا (TEI) الـ30 عام 2015، من 12 إلى 25 تشرين الأول 2015 في جاكرتا.
هل يمكن أن تساهم إندونيسيا في مرحلة إعادة الإعمار بعد حل الأزمة؟ وهل يمكن أن تستخدم موقعها في «رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان)» لدعم إعمار سورية من قبل المنظمة؟
كدولة صديقة لسورية فإن الحكومة الإندونيسية بطبيعة الحال لديها رغبة قوية بالمشاركة في مرحلة مشروع إعادة الإعمار ما بعد الأزمة السورية، نظراً لأن لدى إندونيسيا الكثير من المواد اللازمة للإعمار، ولكن يعود كل ذلك إلى قرار الحكومة السورية.
نحن مستعدون لمساعدة السوريين ونحن كقياديين في «آسيان» سندعو لإعمار سورية، وقدمنا مساعدات إنسانية وسنستمر في ذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية.
التوترات بين إيران والسعودية
تؤثر سلباً في تسوية الأزمة السورية
السعودية قطعت علاقاتها الدبلوماسية بإيران، ما دفع بلادكم لتؤكد استعدادها للتدخل كوسيط بين البلدين، وأرسلت وزيرة خارجيتها رتنو مارسودي إلى طهران والرياض. أين وصلت مساعي الوساطة الإندونيسية، وما الرؤية التي تنطلق منها؟ وهل تقيمون التوتر على أنه خلاف عقائدي «توتر شيعي سني» أم إنه مجرد خلاف سياسي؟
كمؤسس وعضو نشيط في بلدان عدم الانحياز (NAM)، فإن إندونيسيا متحمسة أن تلعب دوراً هاما كوسيط في كل الصراعات وخاصة الصراع بين الدول الصديقة. وقد قامت وزيرة الخارجية في إندونيسيا، السيدة ريتنو بريانسيه مارسودي في 13 كانون الثاني بزيارات رسمية إلى إيران والمملكة العربية السعودية لمناقشة تحسين العلاقات الثنائية بما في ذلك جهود الوساطة في النزاع الإيراني السعودي.
وتعول إندونيسيا على أهمية وحدة الدول الإسلامية في تسوية النزاعات الإقليمية، وخاصة قضية فلسطين التي مازالت محتلة من قبل إسرائيل، إن الاختلاف في المواقف هو شيء عادي وطبيعي لا يؤدي إلى التوترات، والخلاف القائم بين الدولتين إيران والسعودية إنما هو خلاف سياسي بحت، وقد حصلت وزيرة خارجيتنا على ضمانات بأنه لن يكون هناك حرب بين البلدين.
ما تقييمكم لانعكاسات هذا التوتر على المساعي الدولية لحل الأزمة في سورية؟
إن التوترات بين إيران والسعودية تؤثر سلباً في تسوية الأزمة السورية نظرا لأن البلدين لديهما القوة أو التأثير الميداني على الأرض، ومع ذلك، تأمل أندونيسيا ألا يؤثر هذا التوتر على سورية كما يتوقع ذلك كثير من الأطراف.
وإدانة إيران للاعتداء على السفارة السعودية في طهران دليل على أن هناك طرفاً في إيران وليس الحكومة هو من اعتدى على السفارة السعودية ويسعى للتخريب.
تسعى السعودية إلى عزل إيران في المنطقة. من المقرر انعقاد قمة منظمة التعاون الإسلامي في نيسان المقبل بأنقرة، إذا حاولت الرياض الضغط على المنظمة لاتخاذ موقف من طهران على غرار موقف الجامعة العربية مؤخراً هل تتوقعون حصول مثل هذا السيناريو؟ وفي حال حصل ما موقفكم؟
إن المملكة العربية السعودية وإيران هما دولتان صديقتان، وفي الوقت الحالي من الضروري أن تبذل مختلف البلدان ومنها إندونيسيا الجهود المكثفة من أجل إعادة العلاقات السعودية-الإيرانية إلى طبيعتها. وقد قامت اندونيسيا بذلك بشكل موضوعي وطرحت حلاً وسطياً من أجل مصلحة الأمة.
ولتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، أجرت وزيرة الخارجية محادثات واجتماعات مع عدة بلدان في المنطقة كلقائها مع وزير الخارجية الاماراتي في 14 كانون الثاني 2016 ومع وزير خارجية سلطنة عمان في 19 من الشهر نفسه.
وقد عقدت اجتماعات مختلفة منها تلك التي عقدت على هامش الاجتماع الاستثنائي لوزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في جدة في 21 كانون ثاني 2016.
الخطوة الاندونيسية هذه، هي مظهر من مظاهر الدور الفعال لإندونيسيا والمساهمة على المستوى الدولي للحفاظ على السلام والاستقرار العالميين وهي رسالة السلام التي تحملها إندونيسيا وثمرة جهودها وفقا لمقدمة الدستور الإندونيسي «للمشاركة في إنشاء النظام العالمي والسلام الدائم».
وفي الختام سعادة السفير ما الكلمة التي تود توجيهها للسوريين؟
نقدر عالياً صمود الشعب السوري طوال أكثر من خمس سنوات صابرين وصامدين والتفافه حول جيشه وحكومته وهذا نموذج فريد وخاص وهو يحارب ضد الإرهاب وضد القوات الخارجية القادمة إلى سورية من أكثر من ثمانين دولة وهذا يستحق التقدير.
ونتمنى أن تتحد الدول والشعوب الإسلامية فيما بينها، وكعضو لمنظمة التعاون الإسلامي فإن أندونيسيا ستتمكن من أن تلعب دوراً إيجابياً في تحقيق تلك الوحدة الإسلامية.