موسيقا موتسارت نصيحة لكلّ ربّات البيوت … دانا دبوس لـ«الوطن»: الموسيقا طريقنا لنعبر عن أصالة السوري عالميّاً
| عامر فؤاد عامر
تميّزت عازفة الكمان السورية «دانا دبوس» على المستوى العربي بإخلاصها لخطّها في العزف على هذه الآلة، ويُشهد لها بحالة من التفوق في هذا المجال، فالمتتبع لسيرتها الذاتيّة يفاجأ بكمّ الحفلات ونوعيّتها على الصعيد المحلّي والعالمي، وبين حالة تفوّقها وآخر مشاركاتها، وحول مواضيع تخصّ الشأن الموسيقي – ولا سيّما أنّه بات يعول على الموسيقا بأنّها حالة علاجيّة للأجيال التي عانت في الأزمة السوريّة – كان حوارنا معها:
• لنعد إلى بداياتك في تعلّم الموسيقا وكيف اخترتِ العزف على آلة الكمان؟
بدأت في عمر 6 سنوات، وأذكر أن أهلي كانوا على رغبة في دراسة البيانو، لكني قررت باستقلاليّة واضحة عنهم، أن رغبتي هي في دراسة آلة الكمان، فقد أحببتها في التلفزيون عندما كنت أتابع فسحرتني كثيراً، وفعلاً درست في هذا المجال، وكانت العلامات عالية منذ البداية، وقد تعلّمت على يدّ أساتذة من روسيا، وفعلاً استفدت من المدرسة الروسيّة كثيراً، وأثرت في طريقة عزفي إلى اليوم، وأشكر بلدي سورية لأنّها وفرت لنا حينها هذا الظرف، فقد درست هنا كما لو أني درست في روسيا.
• مع أبنائك ما المنهج الذي اتبعته اليوم في تعلم الموسيقا؟
سمع أطفالي الموسيقا منذ أن كانوا في رحمي، فالعزف حالة مستمرة في حياتي، وتوءمي «أسمى وتيما» بدأتا منذ مدّة في العزف على الكمان، وأنا من اخترت لهما هذا الطريق، فقد وجدت أنه متلائم مع شخصيتيهما مبدئيّاً لكن الصعوبة التي واجهتها هي في التفريق بين أن أكون أمّاً، وبين أن أكون معلمة، ولذلك قررت الفصل في هذا الموضوع، فاخترت لكلّ واحدة منهما؛ أستاذاً في الكمان، ومن جانبٍ آخر كان هذا الأمر ممتعاً للمقارنة بينهما وفي إنجاز كلّ منهما.
• كيف يمكن أن ننجح في نشر ثقافة موسيقيّة وهل يمكن فرضها على أطفالنا؟
عندما نعلّم الأطفال الصغار لغة الموسيقا سنضيف إلى إدراكهم، ووعيهم، ونوسع آفاقهم، لكن هناك نقطة مهمّة يجب التحدّث عنها وهي عدم فرض تعلّم الموسيقا على الطفل، بل يجب أن يمتلك الموهبة أولاً، ثم بعد ذلك نقوم بتوجيهه بما يتناسب ويتناغم معه، فالإجبار لن ينتج شيئاً، ولا نجاح في الإجبار.
• كان لك مشاركات مهمّة في الآونة الأخيرة، حدّثينا عنها؟
شاركت مع الفنان «مروان خوري» في حفلة «بيانو راما» في «كازينو لبنان» وسعدت بهذه المشاركة، فقد ألف «مروان» قطعة خاصّة لي على الكمان، وهو من عزف على البيانو في هذه الحفلة. وقد لاقت نجاحاً في الوسط الفني والإعلامي في لبنان، و«مروان خوري» موسيقي وفنان مختلف لديه خط معين حافظ عليه.
أيضاً من المشاركات المهمّة التي أذكرها هي دعوتي إلى جمهوريّة «إرمينيا» في حفلة «إيريفان» إحياء لمناسبة مرور مئة عام على المذبحة الأرمنية، فاجتمع في إرمينيا – بدعوة خاصّة – 120 عازف كمان من أنحاء العالم، وأنا كنت العربيّة الوحيدة التي حققت الشرط المطلوب في المستوى، وكان ذلك في 24 نيسان 2015 وإضافة لأهمية هذا الحدث على الصعيد الإنساني؛ فقد كان مهمّاً لي على الصعيد الموسيقي، لأنّي اجتمعت مع أهم عازفي وقادة الأوركسترا في العالم.
وأذكر المشاركة في 3 حفلات مع السيدة «ماجدة الرومي» في نهاية عام 2015 وقد ذهب ريع هذه الحفلات للفقراء، وأذكر شيئاً من هذه المشاركة وهي الحفلة الرابعة التي سعت إليها السيدة «الرومي» بمجهود شخصي ورغبة منها فكانت مخصصة لجمهور من الأطفال الفقراء، واليتامى، والعجزة، وهنا فوجئت بما فعلته يومها فهي لم تلغِ ولا قطعة من البرنامج بل قدمت الحفلة كما هي وغنت بكل محبّة وفرح، وكان موعد هذه الحفلة في تمام الرابعة وفي اليوم نفسه كانت الحفلة المقررة في البرنامج الأساسي في تمام الثامنة من يوم 22 كانون الأول من العام الفائت، وأود التوضيح بأنها تحبّ سورية كثيراً وهي في انشغال دائم حول ما أصاب الوطن من فوضى وقد عبرت لي في أكثر من مناسبة عن أمنياتها في استقرار سورية وزيارتها.
• ما دور الموسيقا في إنقاذ الأجيال وانتشالها مما سببته لهم الحرب على سورية؟
الموسيقا لغة سلام ومحبّة، وهي لغة عالميّة، وهي المحفز لتطوير الملكات الداخلية لدى الطفل، حتى الموسيقا الحزينة منها فيها تأثير يرفع من المستوى لدى الإنسان، والأبحاث الجديدة تدور في فلك العلاج عن طريق الأنغام الموسيقيّة، ولا شكّ لديّ بأن للموسيقا دوراً في إزالة الحزن المتراكم خلال فترة السنوات التي مرّت، وسيكون لها دور في صناعة قيم ومفاهيم الحبّ والسلام، وليس الحرب والدمار.
• هل فكرت في المنهج الدراسي وتطويره بالنسبة لمادّة الموسيقا في سورية؟
إذا أردنا تطوير المنهج التربوي فعلينا الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة التي سبقتنا في هذا المجال، وتطويعها بحسب بيئتنا وحاجة أبنائنا منها، وفي هذا التطوير يمكنني أن أكون عاملاً مساعداً في تقديم ما يمكنني لبلدي وأبنائه، فمبادرتي حاضرة بالنسبة لبلدي وجاهزة أمام أي خطوة تفيد البلد.
• هاجر الكثير من موسيقيي البلد، فكيف يمكن التعامل بإيجابيّة مع هذا الموضوع؟
أفخر دائماً بأنّني من سورية، ودائماً يُفاجأ الناس في البلاد الأجنبية أنني من سورية، فهم يتوقعون أنه في ظرفنا الحالي لسنا سوى أشخاص من عالم الحرب والدمار، فهكذا تمّ تصدير الصورة عن بلدنا، ولكن أحاول دائماً أن أصدّر بلدي بالصورة التي تربيّت عليها، فالموسيقا تتكلم، وقد أجرى التلفزيون الروسي– الذي يتابعه 80 مليون مشاهد- معي مقابلة بعد حفلة إرمينيا التي ذكرتها سابقاً، وتحدّثت عن بلدي وجماله، وعن سوريتنا وما قدّمه الوطن لنا، فنحن سوريون ولدينا المقدرة على الارتقاء. وهذا ما أريد أن أوجهه للجميع الذي هاجروا من البلد ولاسيما الموسيقيين فعليهم الاعتزاز بأساسهم السوري، ولنسع لمحو الصورة السلبيّة التي أخذها العالم عنا بكلّ سطحيّة. والموسيقا هي الطريق الأفضل، وهي اللغة الأسرع لتغيير هذه الصورة، فهي التي تزاوج الزمن ولا يمكن أن تفنى.
• من أجمل الذكريات كانت المشاركة في حفلة السيدة فيروز في هولندا، فهل لنا من تفاصيل؟
كلّ المشاركات لها مكانٌ في قلبي، أمّا عزفي مع السيدة «فيروز» فمكانته مختلفة، فهي ذاكرتنا، وهي حياتنا، وهي صباحاتنا، وأنا سعيدة بالمشاركة معها، فقد أضافت لي هذه التجربة كثيراً، فمن خلال مشاهدتي لها يوميّاً وعلى مدى أسبوع من الزمن فوجئت بما تقوم به هذه السيدة، فعلى الرغم من عمرها وتاريخها وتألقها كانت تأتي بمواعيدها الدقيقة وتتدرب على كامل البروفات مهتمّة بكلّ التفاصيل. وشرف لي الوجود معها، وأتمنى تكرار التجربة، وكان هناك تعامل شخصي معها وكان من الممكن أن أتابع معها في بيروت ولكن التزامي في العمل في مكان آخر منعني من هذه المشاركة.
• ماذا ننصح سيدات البيوت في التعامل مع أطفالهن وتربيتهن؟
أنصحهن بوضع موسيقا موتزارت في البيت، فهي الموسيقا المتوازنة المناسبة لمرحلة الطفولة، وتمنح الأطفال حالة من الهدوء والطمأنينة.