«زوال»: تناقضات على صعيد الظروف وطريقة التعامل بين أهالي العشوائيات … أحمد إبراهيم: الجرأة في طريقة طرح مكونات المجتمع السوري
| وائل العدس
يواصل المخرج أحمد إبراهيم أحمد تصوير المسلسل الاجتماعي «زوال» عن نص كتبه يحيى بيازي بالشراكة مع زكي مارديني، وتنتجه المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي لموسم دراما 2016.
وتنتقل الكاميرا حالياً بين عدة مواقع في أحياء دمشق الشعبية، حيث يمتد مسرح الأحداث في كتلة العشوائيات على سفح جبل قاسيون المطل على العاصمة، أو ما يسمى (جبل الأكراد)، تلك المنطقة التي تضم خليطاً لجميع مكونات المجتمع السوري.
يضم العمل أكثر من 150 شخصية، تربطها علاقات معقّدة، ضمن خطوط متنوعة من قتل وإجرام وتهريب وثأر ودعارة.
ويؤدي أدوار البطولة كل من: سلوم حداد، وميسون أبو أسعد، وشكران مرتجى، وباسم ياخور، ووفاء موصللي، ونادين خوري، وأمانة والي، وفادي صبيح، وسعد مينه، وزهير عبد الكريم، وعلاء قاسم، ويامن الحجلي، ورامز أسود، وغادة بشور، ونظلي الرواس، وحسن دوبا، ومصطفى المصطفى، وتامر العربيد، ولجين إسماعيل، وأنس طيارة، ورنا كرم، ونانسي خوري.
قصة العمل
يسلط العمل الضوء على حياة ناس بسطاء اتخذوا من تلك الحارات مسكناً لهم بسبب عدم قدرتهم على تحمّل تكلفة العيش داخل دمشق.
وتدور الحكاية في حقبتين زمنيتين، الأولى بعام 2010 وهي مرحلة بداية ما يسمى الربيع العربي في تونس ومصر وصولاً إلى سورية عندما كان المجتمع السوري يعيش فترة رخاء، ثم زوال تلك المرحلة المشرقة والدخول بفترة الفوضى، أما المرحلة الثانية فهي في العام 1998 عندما يعود العمل بالزمن إلى الوراء لملاحقة قصص شخصياته منذ بداياتها، لينطلق من خلال تلك القصص إلى عوالم مرتبطة بمدينة دمشق.
ويحمل العمل تناقضات جميلة وغريبة لم نرها من قبل في أي نص درامي على صعيد الظروف وطريقة التعامل بين أهالي العشوائيات.
المسلسل زاخر بالشخصيات الغنية في تركيبتها، منها «عنز» بهلول الحارة، وضميرها، والمنقذ، والساخر، والعاشق إلى أقصى درجات الوله. وهناك «أبو معروف» المسكون بهوس البحث عن الثروة، والكنوز الدفينة التي يسعى للكشف عنها عبر الطلاسم، والسحر.
من مرحلة إلى أخرى
كشف مخرج العمل أن الحكايات تناقش عدة أسئلة، هل فعلاً بدأت الأزمة السورية عام 2011؟ أم إن رواسبها تكونت قبل تلك الفترة؟ إضافة لكيفية تكوين المجتمع والعلاقات التي ساهمت بذلك.
ويعد الأحمد أن عمله سيتضمن جانباً من الجرأة في طريقة طرح مكونات المجتمع السوري والغوص في عوالم مناطق العشوائيات، التي لن تخلو من قصص الثأر والقتل والحقد وتعاطي المخدرات، إضافة إلى تطرقه إلى مواضيع لم تتناولها الدراما السورية بعد.
وأشار إلى أن عوالم البيئة تتشابه بشكلٍ أو بآخر مع العشوائيات المستحدثة لاحقاً في محيط المدن السورية. ونوه بتناقض العلاقات القائمة بين أبناء هذه المناطق، التي تنطوي على التنافر، والتعاطف، والحميمية في آن واحد، مضيفاً: هذا ما نسعى إلى إظهاره في العمل، وربما يستغرب المشاهد ردود الفعل القاسية أو غير المتوقعة للشخصيات، التي يمكن أن تقود إلى أحداث كارثية، وسببها الضغط المادي والفقر، وطبيعة الحياة داخل الحارة، والأعراف المتحكمّة بها.
أما عن العنوان الذي اختاره بنفسه قال: نقصد به زوال المرحلة المشرقة من تاريخ سورية والدخول بمرحلة ما بعد ما يسمى «الربيع العربي» وتقسيم المجتمع العربي والنهوض بمجتمع جديد ينادي به الغرب، وهو مجتمع الشرق الأوسط الجديد.
وختم بالقول: أتمنى زوال الأزمة السورية وبداية عصر جديد وخيّر لسورية.
شخصية إشكالية
يظهر سلوم حداد بشخصية «عنز» الإشكالية، فهو يظهر كبهلول في الحارة لكن خلف هذه البساطة والسذاجة تسكن أسرار كبيرة وعقل ولسان لا يتوانى عن إرسال كلمات تقع كالسيف أو كزخات مطر الربيع.
ولاؤه لـ«أبو حوا» منقطع النظير فهو الصديق والمساعد والمضحي في سبيله، ونكتشف مع سير الأحداث أن له قصة كبيرة وأعمالاً رائعة يأبى أن يفصح عنها لأنه اختار ما يريده، حتى عندما عشق كان مستعداً لفعل نبيل جداً في سبيل سعادة هذه المعشوقة.
روبن هود
ويؤدي فادي صبيح شخصية «أبو حوا»، شغله البائن التهريب والعمل بفرن لصنع الفطائر لكن ما يخفيه أكبر وأعظم وذو قيمة رائعة، يدافع عن أهل حارته وهو بمثابة المخلص والحامي لهم، ويسعى دائماً لصون كرامتهم وتأمين لقمة عيشهم ويزرع بعض الفرح في نفوسهم، هو باختصار «روبن هود» الجديد.
«أبو حوا» له سطوة مكتسبة بفعل الواقع الذي تعيشه الحارة الرازحة تحت فقر مدقع، وقد يضطر لارتكاب حماقة ما في سبيل تحصيل حقوق الناس.
يقع في قصة عشق لكنه يأبى إتمامها لإيمانه أن حياته نذرت لخدمة أهل حارته ووطنه، إلى جانب كونه شخصاً عقائدياً، ونشاطه يتعدى حدود الحارة، ولديه فهمه الخاص للقانون.
طريقة مأساوية
تجسد ميسون أبو أسعد شخصية «وداد» التي تعيش هاربة من أهلها نتيجة زواجها رغم إرادتهم، ودفعها لثمن هذا الزواج الذي لن يكتب له الاستمرار فينتهي بطريقة مأساوية.
إلا أن استمرار المعاناة نتيجة الخيار الخاطئ في الماضي، لن يحول دون عيشها قصة حب أخرى. وتكتمل القصة في العمل من خلال تطوّر القصص الأخرى. ويلعب المكان «الحارة» دوراً كبيراً في نسج القصة الكبرى.
قرار خطر
تؤدي شكران مرتجى شخصية «أم معروف» إحدى نساء الحي الشعبي الذي تدور فيه أحداث الحكاية. تتعرض وزوجها لحادثة تحولها إلى شخصية انطوائية ترفض التواصل مع جيرانها وأصدقائها.
تعيش على مضض مع زوجها المنشغل عن عائلته تماماً وتفجع بوفاة ابنها ثم تتخذ قراراً خطراً بعد وفاته تنقل حياتها لخط آخر تماماً ولكن مساعدة بعض جيرانها تعيد لحياتها الأمان.
حلم الذهب
يحل باسم ياخور ضيف شرف على المسلسل، ويؤدي شخصية «أبو معروف»، وهو رجل سرق حلم الذهب والثروة عقله، وجعله عبداً لطلاسم، آمن بأن الجان يحفظها ويستجيب لها.
حلم بالذهب سرقه من عائلته ومن وجوده، حتى بات كشبح يقضي نهاره كله في التخطيط لظهور سحري في الليل، وسعي لا يتوقف أبداً وراء وهمّ الذهب والكنوز الدفينة.
امرأة ثرثارة
تجسد غادة بشور شخصية «أم طالب»، وهي امرأة قوية ثرثارة، لا تتوقف عن إثارة المشاكل، حيث تتحكم بزوجها وجميع نساء الحارة باستثناء شخص واحد قادر على كبحها.
دور جريء
تقدم نظلي الرواس دوراً جريئاً جداً من خلال شخصية «سماهر» المرأة التي تدير بيت دعارة، تسعى لتحقيق أحلامها عبر امتلاكها القدرة على الإغواء والمكر، والتي تربطها علاقة قوية مع «ملحم» وهو شخص فاسد جداً، علاقتها به تتحول إلى عداوة بتقادم أحداث المسلسل، ما يحدو بها إلى الوقوف في صف رجل كانت تتمنى أن تعشقه وأن تخضعه لها.
المرأة المنفتحة
تؤدي أمانة والي شخصية «أم نبيل» وهي أرملة، تنحدر أصولها من جبل العرب، تعمل «طباخة» في بيوت الأثرياء أثناء إقامتهم للولائم، كافية أسرتها من الناحية المادية وهي بمثابة أم وأب لأولادها.
«أم نبيل» امرأة متماسكة وقوية، لكنها لا تنضوي تحت إطار الشخصيات القوية المباشرة «الفاجرة»، تعرف هدفها من الحياة، ومتعايشة مع ظروفها، وهي إنسانة مثقفة وذات عقلية منفتحة رغم ارتباطها بجذورها، ولا تمانع زواج ابنتها من رجل من طائفة مغايرة رغم اعتراض باقي أفراد العائلة أو انضمامها لفرقة رقص تلبيةً لموهبتها، كما أنها تقف مع الحق دائماً لدرجة أنها تعاكس ابنها الوحيد رغم عقليته الخاصة، فهي مثال للمرأة السورية المنفتحة والمتوازنة.
امرأة طيبة
تؤدي وفاء موصللي شخصية «أم الياس» متزوجة من مدرّس لغة إنكليزية، وهي أم لطالبة جامعية وابن يعمل في المهجر، وامرأة طيبة، داعمة جداً لأفراد أسرتها، متعلقة بتراب الوطن، تسكن مع عائلتها في منطقة عشوائيات لضيق وضعهم المادي، فتعيش أحداث الحارة وترتبط مع أفرادها بعلاقة جيدة جداً، فرغم قساوة الأحداث نجد بساطتهم وطيبتهم، قلوبهم خالية من الحقد ومن الممكن أن يتعرضوا لأكبر المشاكل لكن دون انقطاع الود بينهم، فالقاسم المشترك الذي يجمع هذه المرأة مع أهالي المنطقة هو وحدة المصير والحالة المادية والاقتصادية الصعبة.
جرأة في المضمون
تؤدي أريج خضور شخصية جريئة تلعبها للمرة الأولى على حد تعبيرها، وهي «روجين» فتاة من عائلة فقيرة جداً، تحمل على عاتقها مسؤولية عائلتها بعد إصابة والدها بالشلل، تقودها الظروف للعمل في منزل «دعارة» تحت إدارة «سماهر» كي تعيل أسرتها.
ووصفت «روجين» بالإنسان المتصالح مع ذاته، مشيرة إلى أن المجتمع السوري مملوء بمثل هذا النموذج، وأكدت أن الجرأة تكمن في معنى ومضمون الشخصية وليس في مظهرها.
الفتاة المتمردة
للسنة الثانية على التوالي تقف ريم زينو أمام كاميرا المخرج أحمد ابراهيم أحمد، وتؤدي شخصية «خالدة» الفتاة المتمردة الرافضة لواقعها، همها الوحيد في الحياة الزواج، فيتقدم لخطبتها شاب سوري يعمل في الخليج وتقرر الزواج منه بين ليلة وضحاها ودون تفكير لتتغير الأحداث ليلة زفافها.
خدمة الحارة
يؤدي يحيى بيازي دور «وليد» وهو الذراع اليمنى لـ«أبو حوا» في كل مشاريعه ومخططاته، ويظهر للناس على أنه مجرد مهرب، لكن في الحقيقة يكون تفكيره منصباً في كيفية خدمة معلمه وكذلك خدمة الحارة.