هيستريا دول الإرهاب والخطط البديلة..!؟
| عبد السلام حجاب
بطبيعة الحال، فإنه يصبح لزاماً لسورية وحلفائها في السياسة والميدان، وما يتطلبه موقفهم الموحد في محاربة الإرهاب بكل تسمياته دفاعاً عن الحقوق ومبادئ القانون والشريعة الدولية، أن تأخذ بجدية مسألة تصاعد تصريحات وإجراءات العثماني أردوغان وحكام آل سعود ومشيخة قطر بشأن عدوان بري عبر الحدود الشمالية والجنوبية الشرقية ضد سورية، حتى وإن بدا ظاهرة صوتية، غطاؤها الحديث عن قيادة أميركية لمعالجة الفشل المتراكم في أدواتهم الإرهابية المسلحة وغير المسلحة بسبب انتصارات متدحرجة يحققها الجيش العربي السوري بدعم شرعي للقوات الجوية الروسية، وفصائل الدفاع الشعبي والمقاومة التي لا تريد الإقرار بها السياسة الأميركية!؟
وما تؤكده دراسات علم النفس السياسي والاجتماعي، فإن تراكم الفشل يؤدي بصاحبه إلى هيستريا الفعل المنفلت خارج سياق المنطق: رغم المعطيات الواقعية التي تشير الدلائل إلى أنه عمل كارثي، وأشد وطأة بنتائجه، إذا كان مدرجاً ضمن خطط بديلة معتمدة، وذلك لأسباب عدة من بينها:
1- إن تفاقم حالة سقوط الرهانات في الميدانين السياسي والعسكري، لن تساعد على إحيائها من جديد هيستيريا الفعل الانتحاري الغائب عنه وعي التطورات والمتغيرات التي تقدمها الوقائع والمستجدات في سورية والمنطق وفي العالم، فيصبح بذلك الانتحار بمنزلة المعادل الموضوعي لمعالجة السقوط عدا أن تكون الفوضى مطلباً أميركياً.
2- إن الحسابات في ضوء الوقائع الموضوعية، كثيراً ما تختلف عن الحسابات على الورق، إذ أعلن- الناتو والاتحاد الأوروبي بلسان وزيرة خارجيته موغريني البراءة من أحلام أردوغان فضلاً عن عدم السير في مواجهة مع روسيا. وقبل هذا فإن أميركا المشغولة بالانتخابات الرئاسية ليست في وارد المغامرة المباشرة لحسابات المغامرين ولاسيما أن أدواتهم الإرهابية التي جرى النفخ في قربتها التسليحية والمالية والإعلامية لسنوات فقدت الكثير من قدرة التأثير وقلب الواقع حسب مخططات الحرب على سورية بما فيها الإعلام المضلل!؟
3- إن واقع دول مثلث الإرهاب، السعودي التركي القطري ومن يدور في فلكهم من مملكات ودول ومنظمات إرهابية جاهزة للاستخدام على قاعدة الدعم اللوجستي الإسرائيلي. هو واقع يشير بعدم الثقة والاطمئنان. حيث العثماني السفاح أردوغان مأزوم في الداخل على خلفية صراعه المحتدم مع الأكراد عامة وفي سورية خاصة، كما أنه لا يمتلك قدرة جر الآخرين لحروب لحسابه.
كذلك فإن حكام آل سعود وحلفهم العسكري يواصلون الغرق في المستنقع اليمني على حساب المنطقة وتطلعات شعوبها للأمن والاستقرار. ولعله واقع يؤكد في الحالتين أن محاولات للهروب إلى الأمام بإشعال المنطقة بحرب غير محسوبة وليس هناك أشجع من الحصان الأعمى!؟
وإذا كان الكرملين الروسي عبر عن أسفه لرفض مجلس الأمن الدولي مشروع القرار الروسي المتعلق بحماية السيادة السورية، فقد أكد أن القصف التركي على الأراضي السورية أمر غير مقبول، وهي مفردة يفهم الأميركي معناها كما يدرك مضمونها أردوغان السفاح وحكام السعودية وقطر والأطراف في محور الإرهاب، ولعل أميركا الشريكة نظرياً لروسيا في وضع العملية السياسية للأزمة في سورية على قاعدة محاربة الإرهاب باعتباره العقبة الرئيسية أمام أي حل سياسي، تدرك واقعياً حقيقة ما تريده من الخطط البديلة لعلاج الهيستيريا وفق ثلاثة احتمالات:
1- مماطلة ولعب على حبال الأزمة ومؤتمرات التعطيل أو التأجيل لمؤتمر جنيف 3 في نسخته المنتظرة وقد أعرب الميسر الدولي لأعمال هذا المؤتمر دي ميستورا بأن موعد الخامس والعشرين ليس واقعياً. حيث إنه لم يقدم قائمة بالتنظيمات الإرهابية ولم يقدم قائمة بأسماء المعارضات السورية المعرفة شكلاً ومضموناً للجلوس على طاولة جنيف المرحّل حتى إشعار آخر وهو ما يعني إطالة عمر الأزمة.
2- احتمالية عودة العقل لأطراف مثلث الإرهاب، وهي فرضية لا تنسجم مع المشاريع الأميركية الإسرائيلية وجرى توظيف أطراف هذا المثلث لأداء أدوار مطلوبة في إطارها، ما يؤكد الاستمرارية في الحفر عميقاً تحت الأقدام، ومداراة الخوف من احتمالات القادم بالمظلة الأميركية السياسية مع تحاشي حالة تصادمية مع الجهد السياسي والعسكري الروسي إلى جانب سورية في مواجهة الإرهاب.
3- المقامرة بالهروب إلى الأمام، وهي فرضيه غير مرغوب فيها أميركياً، باعتبارها هيستيريا جنون الفشل الذي لن يعوض الخسائر المحتملة ويعطي المواقف السورية والروسية والإيرانية مواقع سياسية وميدانية ذات شروط مهمة ومصداقية أكبر في محاربة الإرهاب حتى اجتثاثه. ويحرم أميركا فرصة الرهان على الوقت لتحقيق مكاسب جيوسياسية مرسومة على أوراق متبعثرة ومتناقضة.
في مثل هذه التصورات يبدو المبعوث الدولي دي ميستورا، وهو الدبلوماسي المخضرم، أنه أحد أشكال الخطط البديلة في هيستيريا مثلث الإرهاب حيث يعتقد أو هكذا يعكس سلوكه بأن الاتفاقات الدولية وآخرها في اجتماع ميونيخ، إعلانية في طبيعتها وليست اتفاقية، مانحاً نفسه فرصة لمساحة اختبارات يجريها على حساب دول مستقلة ومصالح شعوبها فيبدل بواجباته ومسؤولياته المحددة بقراره تكليفه واسناد قراري مجلس الأمن الأخيرين 2253 و2254 وبياني فيينا وتوافقات ميونيخ وينحو إلى اتجاهات مغالطة وليست من أولويات مهمته السياسية وفقاً لأحد تصورين.
1- أما أن يكون دي ميستورا فتح خطاً لحسابه الشخصي بعيداً عن مهمته يخدم أجندات مخفية للإرهاب في سورية وهو أمر لا يثير الريبة فحسب بل بحاجة إلى اختبار مستمر لأداء دوره!؟
2- وإما أن يكون اعتقد فعلاً أن الاتفاقات الدولية مجرد إعلانات في إطار الداروينية الاجتماعية ما يشي بأنه منخرط في دائرة إملاءات الدول النافذة سياسيا ومالياً من دول حلف الإرهاب في المنظمة الدولية!
لكن في الحالتين يجعل من نفسه ودوره أداة سياسية في دبلوماسية الموت!؟ واستنتاجاً يسأل المراقب عن تغييب قائمة المعارضات السورية الواسعة الطيف التي ستشارك على طاولة جنيف 3 المستأنفة- كما يسأل عن قائمة التنظيمات الإرهابية في سورية وتمييع الإعلان عنها بسبب شروط وأجندات مثلث الإرهاب.
وليس بعيداً نسأل عن أسباب عدم ذكر دي ميستورا للاجراءات الاحادية الظالمة التي يفرضها الاتحاد الأوروبي وواشنطن على الشعب السوري وهي إجراءات تمثل أحد أهم أسباب المعاناة الإنسانية للشعب السوري التي تتحمل الحكومة السورية مسؤولياتها الوطنية والإنسانية لمواجهة أعبائها وليس مسموحاً لأي كان اختبار صدقيتها وجديتها، أم إن دي ميستورا يسعى بقصد أو من دون قصد إلى تحويل طاولة جنيف 3 المعلقة إلى مقصلة لحقوق وطموحات السوريين، وهو ما أشار إليه الرئيس بشار الأسد حاسماً «لن نذهب لنبيع دماء الشهداء» كما أكدت الخارجية السورية مواصلة الالتزام بحوار سوري- سوري بقيادة سورية ومن دون شروط مسبقة، ولقد آن الأوان ليدرك الجميع أننا أصحاب حق لا يعود وحده وإنما يُستعاد، وأول مدافع عن هذا الحق هو الجيش العربي السوري الذي تخطت انتصاراته الميدانية كل الاختبارات.