سورية

الأمين القطري المساعد يستقبل وفداً أهلياً كردياً من مختلف المناطق السورية … أوسي لـ«الوطن»: القيادة السياسية منفتحة على أي مشروع كردي وطني في إطار الحفاظ على الوحدة الجغرافية .. الإدارة الذاتية نموذج معقول ويمكن محاكاته مع الإدارة المحلية مع إدخال بعض التطوير السياسي بضمانات دستورية

| جانبلات شكاي

وصف عضو مجلس الشعب ورئيس المبادرة الوطنية للأكراد السوريين عمر أوسي اللقاء الذي جمع أمس بين الأمين القطري المساعد هلال الهلال ووفد من الفعاليات الأهلية بعضوية 120 كرديا أنه مؤشر على مدى انفتاح القيادة السياسية على المشهد الكردي وعلى أي مشروع كردي وطني في إطار الحفاظ على الوحدة الجغرافية للبلاد.
وفي تصريحات له بعد اللقاء لـ«الوطن» عبر أوسي، الذي كان من بين أعضاء وفد الحكومة السورية إلى لقاء جنيف الأخير، عن قناعته بأن «الإدارة الذاتية هي نموذج معقول ويمكن محاكاته مع نظام الإدارة المحلية، مع إدخال بعض التطوير السياسي بضمانات دستورية»، منتقداً في ذات الوقت أعضاء «المجلس الوطني الكردي» المنخرطين في الائتلاف المعارض، والذي «سجلوا موقفاً سيئاً على الكرد السوريين من خلال مشاركتهم مع معارضة الرياض» في مؤتمر جنيف الأخير، على اعتبار أن «القضية الكردية يمكن أن تحل في دمشق مهما كانت المطالب».
وبين أوسي أن الوفد الكردي تألف من 120 شخصية مثلت معظم العائلات الكردية في دمشق والقامشلي وعين العرب وعفرين، من المقيمين في العاصمة من حي الأكراد ووادي المشاريع وغيرها، موضحاً أنه قد تم ترتيب الاجتماع الذي شارك فيه عضو القيادة القطرية رئيس مكتب التنظيم يوسف أحمد، عبر المبادرة الوطنية للكرد السوريين، قال إنه «كان اجتماعاً طويلاً ومفيداً»، وتابع: «نحن كأكراد سورية نعتبر أنه مؤشر على انفتاح القيادة السياسية السورية على المشهد السياسي الكردي».
ونقلت وكالة الأنباء السورية «سانا» عن الهلال تأكيده «أهمية الدور الوطني الذي اضطلعت به الفعاليات الأهلية والمجتمعية خلال الأعوام الماضية عبر دعمها ومساندتها واحتضانها للجيش العربي السوري والقتال إلى جانبه ومن خلال المبادرات التي أطلقتها وتركت آثاراً إيجابية على المجتمع وساهمت في التخفيف من الأعباء على المواطنين».
وأوضح الهلال «الحرص على اللقاءات مع المواطنين في مختلف المناطق والمحافظات للاطلاع على ظروفهم الحياتية ومساعدتهم على حل مشكلاتهم»، ناقلاً «تقدير الرئيس بشار الأسد للفعاليات».
وأشار الهلال إلى أن سر صمود سورية وقوتها هو تنوع نسيجها الاجتماعي وتكوينها الديمغرافي وهذه العوامل جعلتها من الدول المميزة في المنطقة وعرضة للتآمر منذ أكثر من خمس سنوات إلا أنهم فشلوا وسيفشلون مستقبلاً في إلغاء هذا التنوع لأن سورية لا يمكن أن تكون دون هذا التنوع.
بدوره رأى يوسف أحمد أن أشرس هجمة وحرب عرفها التاريخ البشري فشلت «بسبب التفاف الشعب حول قيادته وحفاظه على دولته وهذا ما نشاهده اليوم من خلال تصدي أبناء المناطق للإرهابيين».
وفي تصريحه لـ«الوطن» أوضح أوسي أن «أعضاء القيادة استمعوا لهموم أبناء الشريحة الكردية السورية الذين نقلوا بعض المعاناة وخصوصاً في حي الأكراد وأماكن التواجد الكردي مثل المداهمات العشوائية إضافة إلى همهم ورؤيتهم للأزمة في سورية وكيف حارب الكرد السوريون الإرهابيين في مناطقهم».
وبين أوسي أن «الهلال والأحمد كانا متفهمين لهذه الطروحات وأشادوا بمواقف الأكراد الوطنيين في هذه الأزمة وأكدا ضرورة استمرار مثل هذه اللقاءات وأنه سيتم توجيه الحكومة لتلبية مطالب الوفد الكردي».
أوسي الذي قدر عدد الأكراد في العاصمة دمشق بنحو 700 ألف نسمة أكثر من نصفهم من الدمشقيين، بين أنه كان من بين الحضور عدد من المحسوبين على أحزاب كردية سورية ولكنهم لم يشاركوا بصفاتهم الحزبية وإنما الشخصية.
وذكر أن كثيراً من مداخلات الجانب الكردي قد ركزت على مقاومة وحدات الحماية الكردية ودفاعها عن الخاصرة الشمالية للجغرافيا السورية وعن حجم التضحيات التي بذلوها وبلغ أكثر من 2500 شهيد في قتالهم مع داعش وجبهة النصرة وبقية الإرهابيين، الأمر الذي مكنهم من السيطرة على الحدود المشتركة مع تركيا وبطول أكثر من 800 كيلو متر، موضحاً أن الاعتداءات التركية الأخيرة قد استهدفت المكون الكردي في القامشلي وعين العرب وعفرين وشمال حلب وهي بمثابة عدوان سافر على سورية.
وعن قراءته لإمكان تحقيق تواصل جغرافي بين مناطق الإنتاج للقمح والنفط في الحسكة ومناطق الاستهلاك في حلب ودمشق عبر المناطق التي سيطرت عليها وحدات حماية الشعب بما يخفف من الضغط الاقتصادي على الحكومة السورية قال أوسي: نستطيع اليوم القول إن محافظة الحسكة السورية لم يعد فيها إرهابي داعشي أو من جبهة النصرة وصارت من المحافظات النظيفة والمحررة كاملاً ريفاً ومدينة وهذا يعني الوصول إلى تخوم الرقة.
وتابع: في حال تحقيق بعض النجاحات من الجيش السوري ووحدات الحماية فإن الطريق الدولي دمشق حمص الرقة سيصبح سالكاً ثم الرقة الجزيرة وبالتالي يتم نقل البضائع الإستراتيجية من إنتاج المنطقة من قمح وقطن وبترول وغيرها إلى المحافظات الداخلية وخصوصاً دمشق وبما يسهم بفك الحصار أيضاً عن محافظة الجزيرة.
وعبر أوسي عن ارتياحه للقاء بين ممثلي الأكراد في سورية والقيادة القطرية وقال: «إنه مؤشر قوي والقيادة السياسية في القيادة القطرية وعدوا بنقل تفاصيل وجوهر اللقاء إلى الرئيس بشار الأسد»، وتابع: «أعتقد أنه سيكون هناك انفراج أكثر باتجاه المشهد الكردي وتلبية المتطلبات التي طرحت اليوم»، مشيراً إلى أن وجوده «كشخصية وطنية كردية سورية في وفد الحكومة السورية إلى جنيف كان له صدى كبير في الوسط الكردي وحتى بين المعارضين».
وانتقد أوسي الأحزاب الكردية المنضوية تحت ائتلاف معارضة الرياض وقال: إن أعضاء المجلس الوطني الكردي لهم تمثيل ضعيف في الشارع الكردي السوري وهو ما انعكس في جنيف حيث شارك ممثل واحد للأكراد ضمن وفد معارضة الرياض في حين تم إقصاء أكبر وفد كردي سوري وهو الاتحاد الديمقراطي بفيتو من السعودية وتركيا وقطر وموافقة أميركية وهذا ما اعترف به المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا خلال لقائه مع الوفد السوري حيث أكد أن غياب الاتحاد الديمقراطي مرده فيتو تركي، فرد عليه رئيس الوفد السوري بشار الجعفري أن هذا ليس من مهمة تركيا وإنما مهمتك أنت كميسر ولم تقم بواجبك، فلم يكن هناك جواب لدى دي ميستورا وكان محرجا».
وتابع: تواصلت مع إخوتي الأكراد سواء في المجلس الوطني الكردي أو الاتحاد الديمقراطي وقلت لهم أتمنى ألا تشاركوا تحت اسم وفد معارضة الرياض وهذا عيب ويسيء للقضية الكردية وللشعب الكردي، والرياض وتركيا منخرطة في العدوان على الشعب السوري وستسجلون موقفاً سيئاً على الكرد السوريين وكنا نتمنى أن تكونوا في وفد معارض آخر أو في وفد مشترك.
وأضاف أوسي: طلبت منهم أن يزورا دمشق وقلت إن القضية الكردية تحل في دمشق مهما كانت مطالبكم وهو ما أشار إليه الرئيس الأسد خلال لقائه الأخير مع وكالة فرانس برس، وأن الأمر سيدرس في الدستور المقبل وسيعرض على الاستفتاء على الشعب السوري.
وقال: أعتقد أن القيادة السورية باتت منفتحة على أي مشروع كردي وطني شرط الحفاظ على الوحدة الجغرافية لسورية، وأعتقد أن نموذج الإدارة الذاتية نموذج معقول ويمكن محاكاته مع نظام الإدارة المحلية المعمول فيه في سورية منذ عام 1972 مع إدخال بعض التطوير السياسي بما يضمن الحقوق الأساسية والثقافية للأكراد بضمانات دستورية في الدستور الجديد القادم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن