«لهجة» جديدة في مجلس الشعب قبل الوداع!! النائب طالب الاستجواب: لا رقيب ولا حسيب والضمير غائب ومعظم مراقبي التموين تحت السيطرة .. الوزير: القوة الزجرية قد تعوق استمرار تدفق السلع
| هناء غانم
بين مؤيد ومعارض لاستجواب وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال شاهين، في الهزيم الأخير من دورة مجلس الشعب الحالية، كان السؤال الأبرز الذي تكرر على لسان المتابعين لمجريات البث المباشر على مدى 3 ساعات: أين كان أعضاء المجلس في السنوات الأربع الماضية، ولماذا لم يطلبوا استجواب أحد من السلطة التنفيذية حتى اليوم؟.. وغيرها الكثير من التساؤلات حول بدء الحملات الانتخابية استباقياً.. وما يدور في الفلك نفسه، والتي شغلت رواد الفيسبوك يوم أمس بصورة خاصة.
رئيس المجلس محمد جهاد اللحام أكد أن الاستجواب حاجة ضرورية، داعياً الأعضاء إلى تقديم الوقائع والمعطيات الدقيقة التي تتعلق بموضوع الاستجواب سواء قرارات أو إجراءات ترتبت عليها آثار سلبية على المواطنين أو عدم اتخاذ إجراءات أو تقصير واضح في قضية معينة ترتب عليه سلبيات كثيرة على حياة المواطن. مشدداً على ضرورة أن يكون الاستجواب بعيداً عن الشخصنة والمصالح الخاصة واستخدام عبارات التجريح أو اتهام عام وأحكام مسبقة.
أما النائب صفوان القربي الذي طلب استجواب الوزير شاهين، فبرر مطلبه بالقول: «إن هناك موضع خلل يمس الحياة المعيشية للمواطن السوري الصامد ونحن في مرحلة حاسمة وشح في الموارد الحكومية والفريق الاقتصادي ساهم بالاستكانة والتراخي تحت مظلة الأزمة».
في تصريح لـ«الوطن» قال القربي: «إن مطالبتنا باستجواب الوزير كانت أمراً لا بد منه لأنه يجب أن نتحاجج للوصول إلى ما يرضي الشارع السوري. بل هو إجراء إيجابي يخدم المواطن والعمل الحكومي» مؤكداً أنه ومن خلال الجلسة تبين أن هناك إجماعاً من الجميع بأن الفريق الاقتصادي للحكومة يستحق الاستجواب تحت قبة المجلس نظراً للتقصير الواضح في بعض المفاصل الأمر الذي يتطلب التدقيق أكثر والمتابعة و«أنا شخصياً جاهز لاستجواب الفريق الاقتصادي كاملاً فهناك رأي عام يؤكد أنه فريق غير منسجم».
وخلال جلسة الأمس في مجلس الشعب، طرح القربي العديد من الانتقادات لعمل التموين، أبرزها أن «مؤسسات التدخل الإيجابي من حيث المبدأ لكي تستطيع أن تتدخل يجب أن تملك أدوات ومفاتيح هذا التدخل، ولكن أين هي هذه الأدوات؟ الجواب أن معظمها معطاة لمستثمرين أو سماسرة يتسوقون من التاجر وليس المنتج أو الفلاح إذا هي خارج معادلة التدخل الإيجابي من دون رقيب أو حسيب».
وتساءل عن إجراءات الوزارة في محاولة ضبط الأسعار للمواد الغذائية «التي تحلق من دون ضوابط ومبررات». كما انتقد الخطابات والأرقام الفلكية صعبة الهضم والتصديق عن مبالغ الدعم المقدمة من الحكومة. إضافة إلى الحصرية وحقوق ومزايا الاستيراد المعطاة لمجموعة صغيرة من التجار، والعمل على تضييق وإزعاج وتطفيش كل من يدخل هذا المجال.
وسأل القربي عن مؤسسة الخزن والتسويق ودورها في استجرار الإنتاج الزراعي وفائضه من الحمضيات والخضار التي تباع في الساحل بربع ثمنها الموجود في دمشق. مشيراً إلى أن «استخدام تكاليف النقل كمبررات أمر غير مقبول، لأنه مؤشر لتخلي الوزارة عن مسؤولياتها في حماية المستهلك».
وبيّن القربي أنه بعد مضي 8 أشهر على صدور قانون التموين رقم 14 لم يصدر الوزير حتى الآن التعليمات التنفيذية له «في خرق واستهتار غير مقبول بكل الضوابط والمعايير كما يعني أن الكثير من إجراءات تطبيقه حالياً على الأرض غير قانونية ومرتجلة».
وعن الرقابة قال النائب: «الرقابة وما أدراك ما الرقابة حديث ذو شجون أسواق وأسعار كل يُسعّر على هواه لا رقيب ولا حسيب والوجدان والضمير غالباً غائب ومعظم مراقبي التموين تحت السيطرة بالحوافز والرواتب والإكراميات الشهرية».
وسأل «هل يحتاج وزير التجارة ووزير الصناعة إلى فيزا ليلتقيا ويتفاهما حول تنفيذ الاتفاق المبرم بينهما حول تنفيذ عملية جرش القمح لتحويله إلى برغل للتخفيف من استيراد الرز وتشغيل عمالة وآليات وزارة الصناعة المتوقفة». وأضاف: «بماذا تفسرون وجود 500 طن شاي سيلاني فاخر في مستودعات المؤسسة الاستهلاكية كاسدة لعدم الطلب عليها وبالوقت نفسه تقوم المؤسسة باستيراد 5 آلاف طن جديد».
كما سأل عن الوعود التي أطلقتها الوزارة بتحويل صالات ومؤسسات التدخل الإيجابي إلى مولات حكومية تؤمن حاجات المواطن بأرخص الأسعار.
ووصف القربي ملف المطاحن الخطير بما فيه من إشارات استفهام وفساد وهدر للمال العام متسائلاً «لمصلحة من يتم تأخير إنجاز المطاحن التي هي شبه جاهزة لوضعها في الخدمة حتى يستمر استمرار استيراد الطحين للسمسرة والعمولات».
الوزير شاهين رد على ما جاء به النائب مبيناً أن ارتفاع الأسعار وعدم انضباط الأسعار لهما أسباب موضوعية وأخرى ذاتية تخصنا كحكومة عموماً وكوزارة على وجه الخصوص ففي الأسباب الموضوعية «تعلمون مدى الانخفاض الحاد في موارد الدولة والتدمير في البنى التحتية بفعل الإرهاب وانخفاض الإنتاج إلى حدود قياسية وتدني الإنتاج الزراعي والصناعي وهو ما أفقد الدولة موارد عملاقة ما زاد مستوى التكاليف». لافتاً إلى أن انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية هو العامل الأساسي والموضوعي الذي أدى إلى زيادة التضخم مبرراً أنه ومنذ تكليفه المهام وحتى الآن انخفضت القوة الشرائية لليرة بمقدار 30 بالمئة وهو ما انعكس على واقع الأسعار والتكاليف.
وأوضح أن وزارة التجارة الداخلية بحاجة إلى كوادر ضخمة لتعدد أقسامها وتشعب المؤسسات والشركات التابعة لها وأن الوزارة عملت في بعض الأحيان على المستوى الإسعافي وأحياناً أخرى على المستوى الإستراتيجي، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل في مجال ضبط الأسعار على تفعيل عمل مؤسسات التدخل الايجابي من خلال التوسع الأفقي في منافذ البيع والتشكيل السلعي الواسع وإعادة تأهيل ما أمكن من مديريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك، لافتاً في الوقت ذاته إلى إعفاء 4 مديرين للتجارة الداخلية و21 مديراً فرعياً وغيرهم من رؤساء الدوائر والشعب والمراقبين التموينيين.
وأشار إلى أن جزءاً أساسياً ومهم من عمل الحكومة مجتمعة والوزارة على وجه التحديد أن تضمن تدفق السلع وتنوعها لذلك في أن «القوة الزجرية بالمطلق عند مراقبة الأسواق قد تصل إلى انعطافة لا نستطيع بعدها الاستمرار تدفق السلع، ومع ذلك تشددنا بالتدريج ووصلنا إلى أرقام ضبوط جيدة»، مبيناً أن موضوع التسعير في الوزارة كان يفتقد إلى الجودة منذ سنوات لذلك عملنا على تغيير مدير الأسعار وتشكيل فريق مختص للتدخل بطريقة التسعير في الأسواق.
مؤكداً أن الحكومة لم تتخل أبداً عن سياسة الدعم التي تقدمت بها في بيانها الحكومي وحازت على ثقة المجلس بل تضمن عقلنة الدعم وهو قضية مختلفة عن رفع الدعم حيث إن الحكومة لم تأت على ذكر موضوع رفع الدعم أبداً، لافتاً إلى تحسن نوعية الخبز مؤخراً بشكل ملحوظ وهو يتطلب جهداً ومراقبة دائمة ومستمرة إلى الآن وهو هاجس أساسي وحقيقي للحكومة.
وفي معرض رده على ما يتعلق بارتفاع أسعار مادتي الأرز والسكر الأساسيتين في الأسواق أوضح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن الوزارة تدخلت في السوق بشكل يومي وممنهج بسعر 175 لكيلو السكر وذلك عبر مؤسسات التدخل الإيجابي وهو قرار مرحلي ريثما نتمكن من توريد المادة وخصوصاً من الدول الصديقة، مبيناً أن الوزارة تمتلك مخزوناً استراتيجياً مهماً في المؤسسة العامة الاستهلاكية وهي تبيعه بأسعار تقل حتى 25 بالمئة عن السوق.
وأضاف: إن الوزارة قامت بحملة على محطات الوقود في المحافظات التي تكثر فيها عمليات التهريب وأغلقنا 14 كازية كان البعض يظنها خطاً أحمر فنحن أبناء الدولة ومؤتمنون عليها إضافة إلى الاستمرار بالحملات الرقابية المكثفة عليها، مشيراً إلى أن الوزارة قامت أيضاً بسحب بعض الصالات الاستهلاكية في دمشق من مستثمري القطاع الخاص علماً أن هذا الملف مضن ويخضع لتراكم تاريخي.
وحول موضوع الشاي بين الوزيران قال المواصفة القياسية من أرقى المواصفات لكن قد نختلف مع دول الجوار بمستوى المواصفة لكن وفق التحاليل مادة الشاي صالحة للاستهلاك البشري ولا يوجد فيها شوائب المشكلة فقط بنسبة التلوين واختلاف المعايير بين دولة وأخرى فقط وضع ملعقتين بدل ملعقة ومع ذلك استمرت مؤسسات التدخل ببيع السلع بأسعار منافسة.
وحول ملف المطاحن قال الوزير: «نحن نتأخر في إنجاز المطاحن وهذا الموضوع قديم لدينا محنة استمرت 20 سنة حتى أصبحت جاهزة لكن نعمل مع الروس على تنفيذ مطحنة تل كلخ بطاقة إنتاجية 600 طن»، لافتاً إلى أنه فعلياً بالمنطقة الجنوبية لم تعد بحاجة لمطاحن خاصة فهناك طاقة إنتاجية كافية.
أما بالنسبة لموضوع ضعف تسويق الحمضيات المنتجة، بيّن الوزير أن المشكلة الأساسية تكمن في إغلاق المعابر الرئيسية مع الدول المجاورة والتي كانت تمثل أسواقاً خارجية مهمة ولكن على الرغم من ذلك تم تسويق 40 ألف طن منها داخلياً.