وفد حزب اللـه المعزي بهيكل: نأمل في دور مصري في التسويات القادمة
| القاهرة – فارس رياض الجيرودي
قام وفد رفيع المستوى ممثل لقيادة المقاومة الإسلامية في لبنان حزب اللـه، بتقديم واجب العزاء في وفاة الكاتب الصحفي الكبير محمد حسنين هيكل، وذلك في مسجد عمر مكرم في القاهرة، وضم الوفد كلاً من الشيخ حسن عز الدين مسؤول العلاقات العربية في الحزب، والحاج محمد عفيف مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب، والنائب عن كتلة الوفاء للمقاومة في البرلمان اللبناني علي المقداد.
وتكتسب الزيارة أهمية لكونها الزيارة الأولى المعلن عنها لوفد من حزب اللـه منذ التوتر الذي ساد علاقة الحزب بالنظام المصري السابق ما قبل ثورة 25 يناير 2011، إثر ما عرف بأزمة (سامي شهاب) الذي اعتقل في مصر بتهمة تشكيل خلية تابعة لحزب اللـه بقصد استهداف سياح إسرائيليين في سيناء، بينما نفى الحزب التهمة حينها وقال إن شهاب كان في مهمة جهادية لدعم فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بالسلاح. ونظراً للسياق الدولي والإقليمي الذي تأتي خلاله الزيارة كان من الطبيعي أن تبدي وسائل إعلام العدو قلقها مما يمكن أن تؤشر إليه، فقد أفردت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية تقريراً عن الزيارة رأى فيه معده أن السبب الحقيقي لوصول وفد حزب اللـه برئاسة حسن عز الدين، مسؤول العلاقات العربية في الحزب، يتمثل في توطيد المصالح المشتركة بين الحزب ومصر ومناقشة الصراع الداخلي في لبنان بين حزب اللـه والأطراف الموالية للسعودية، ومناقشة الوضع السوري وتطوراته والذي يعني الطرفين.
وقالت الصحيفة في تقريرها المنشور عبر موقعها الإلكتروني إن الأزمة السورية ردمت الهوة بين الجانبين، وقربت مواقفهما بشكل ملحوظ، حيث يقف كل منهما على الضد من المواقف التركية والسعودية بشأن الأزمة السورية، وذلك على حد تعبير الصحيفة الإسرائيلية.
«الوطن» التقت مسؤول العلاقات العربية في حزب اللـه الشيخ حسن عز الدين في القاهرة خلال اليوم الثاني للزيارة وسألته عن أبعادها وأهدافها، وعن آخر ما وصلت إليه علاقات الحزب بمصر، وعن الجهود التي يمكن أن يكون الراحل هيكل قد بذلها لجسر الهوة في العلاقة بين الطرفين، وعن نظرة الحزب للقيادة المصرية الحالية.
في البداية أكد القيادي في حزب اللـه حسن عز الدين أن الراحل الكبير محمد حسنين هيكل كان خير مثال على المثقف الحريص على تحرر الأمة العربية وقضاياها المتمثلة في التنمية والديمقراطية، وأنه ارتبط بعلاقات قديمة وعميقة بالمقاومة الإسلامية في لبنان، وأنه راهن على النموذج الذي مثلته هذه المقاومة، واستمر على رهانه في أصعب الظروف التي تعرضت لها، وأن علاقته بها وبقيادتها المتمثلة بالسيد حسن نصر اللـه لم تنقطع طوال العقود الماضية بل تحولت إلى علاقة شخصية، مشيراً إلى أن آخر لقاءات الراحل بالسيد حسن نصر اللـه كانت قبل أشهر من وفاته، وأضاف الشيخ حسن إن الراحل وبناء على ما سبق لم يدخر جهداً في تقديم كل ما يخدم هذه المقاومة ومشروعها بما في ذلك العمل على رأب العلاقات العربية، وأنه خلال السنين الأخيرة من حياته عمل على مواجهة مشروع الفتنة الطائفي الذي قصد منه تمزيق الأمة وتفتيت جبهتها الداخلية، كما عمل الراحل على مواجهة البروبوغندا التي روجت لأكذوبة الخطر الإيراني على الأمن العربي، تلك الدعاية الممنهجة الممولة من الأنظمة الرجعية التابعة في المنطقة، والتي أثبتت أن آخر اهتماماتها الاستفادة من العمق الإستراتيجي الذي تقدمه إيران وثورتها للعرب في مواجهة الخطر الصهيوني، لذلك كان من الطبيعي وللأسباب السابق ذكرها أن يحرص حزب اللـه على تقديم واجب العزاء فيه عبر الوفد الذي ينوب عن الأمين العام للحزب السيد نصر اللـه وعن مجاهدي المقاومة الإسلامية فرداً فرداً، وقد كان الراحل في مماته كما في حياته عامل جمع لنخب الأمة العربية من سياسيين وإعلاميين ومثقفين اجتمعوا في تقديم واجب العزاء فيه.
وعند سؤاله عن إمكانية لقاء الوفد اللبناني بمسؤولين مصريين خلال الزيارة الحالية، وذلك في ضوء المعلومات المتداولة في وسائل إعلام عربية عن عدم انقطاع اللقاءات على المستوى الأمني بين مسؤولين في الأجهزة الأمنية المصرية وبين مسؤولين في حزب اللـه منذ ثورة 25 يناير 2011، نفى القيادي في حزب اللـه حدوث أي لقاء مع مسؤولين مصريين حتى مساء اليوم الثاني من الزيارة لحظة حديث «الوطن» معه، لكنه لم يستبعد حدوت لقاء خلال المتبقي من عمر الزيارة، مؤكداً أن الحزب مدرك للمكانة المركزية المهمة والرائدة التي تحتلها مصر في العالم العربي، ومدرك للمشاكل الداخلية الهائلة التي خلفتها العهود السابقة في مصر، والواقع على كاهل القيادة المصرية الحالية مسؤولية معالجتها قبل التفرغ لتأدية دور مصر التاريخي في الإقليم، مشيراً إلى أن الحزب يعلق آمالاً كبيرة على ما يمكن أن تؤديه القيادة المصرية خصوصاً في ظل الخطر المشترك الذي يواجه كلاً من مصر ودول محور المقاومة ودول المنطقة كلها، والمتأتي من إيديولوجيا التكفير الخطيرة التي تغذي الإرهاب، وتهدد بالإطاحة بما تبقى من أمن العالم العربي وبمزيد من تمزيقه، وقال عز الدين إن الهجمة الإرهابية بلغت في سورية ذروتها، بدعم من الدول التي يهمها معاقبة سورية لأنها رفضت المساومة على استقلال قرارها المنحاز إلى جانب قضية مقاومة المشروع الصهيوني في المنطقة.
وأشاد مسؤول العلاقات العربية في حزب اللـه بموقف القيادة المصرية الداعم للتدخل الروسي المساند للجيش العربي السوري في مواجهة الإرهابيين، مؤكداً أن سورية صمدت بالاعتماد على إمكانيات شعبها في وجه الحرب العالمية الهادفة لشطب دورها، ورأى أن المنطقة دخلت زمن التسويات، والحزب حسب عز الدين يفضل أن تكون مصر هي اللاعب الرئيس في التسوية القادمة، نظراً لعلاقتها التاريخية بسورية، ولتحسسها الخطر الإرهابي الذي يضرب في أكثر من بقعة من مصر اليوم كما يضرب في العراق واليمن وليبيا وغيرها.
وفي إطار دور مصر دولةً ومؤسسات في وأد الفتنة لم يفت عز الدين الإشادة بالموقف الأخير لشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب وبكلامه الطيب على حد تعبيره، الداعي للتقريب بين جناحي الأمة الإسلامية السنة والشيعة، واستذكر القيادي في حزب اللـه في هذا السياق الدور التاريخي لشيخ الأزهر السابق محمود شلتوت، الذي عمل على جمع شمل المسلمين عبر التقريب بين المدارس الإسلامية.