اقتصاد

المدير السابق لمكتب الإحصاء يكشف المستور لـ«الوطن»: وزير الاقتصاد عدّل بيانات صندوق النقد العربي في 2014 ثم أطلق وعوده بالنمو الإيجابي

| علي محمود سليمان

بيّن المدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء الدكتور شفيق عربش بأن غياب الرقم الإحصائي في سورية يعتبر مشكلة كبيرة يجعل من عملية التخطيط قاصرة، ويؤدي إلى صدور قرارات متخبطة وغير مدروسة.
عربش الذي عاد إلى كلية بجامعة دمشق اعتبر في تصريح لـ«الوطن» أن ادعاء البعض في الحكومة أن هناك أرقاماً ولكن نشرها غير مسموح به «ما هو إلا ادعاء لتغطية التقصير في الرقم، وإذا اعتقد البعض أن شهادتي مجروحة بهذا الأمر لأنني كنت مديراً سابقاً للمكتب المركزي للإحصاء، فإنني أؤكد بأني أتكلم بمنظور أكاديمي صرف»، مبيناً أن صدور قانون التشاركية يدعو للعمل على الرقم الإحصائي وخاصة في مجال مشاريع البنى التحتية والمشاريع الاقتصادية الضخمة التي تحتاج لإجراء مسوح إحصائية دقيقة تسمح نتائجها من تحديد خطط العمل.
واستغرب عربش تبرير عدم نشر الأرقام الإحصائية بضرورة منع استهداف الاقتصاد من خلال استغلال الأعداء لهذه الأرقام، «وهي التي لم تنتظر أي دراسات في هجومها منذ بداية الأزمة على الليرة السورية وتقويض قدرتها الشرائية دون الحاجة لأي بيانات عن واقع سعر القطع الأجنبي»، لافتاً إلى أنه في العام 2014 «توهم وزير الاقتصاد بأن هناك معدلات نمو إيجابية وتحدث بها وأطلق الوعود، ليتبين لاحقاً أنه كان كلاماً بكلام، استند فيه الوزير إلى تقارير صندوق النقد العربي الذي عاد وعدل بياناته وخفض هذه النسب إلى الحالة الصفرية أو ما دون الحالة الصفرية، ولو كانت الحكومة تملك فعلاً بيانات إيجابية لكانت نشرتها لتتباهى بما تسميه إنجازاتها».
وأشار عربش إلى أن إحصاءات الأرقام التي يتم نشرها كل فترة هي فقط «تراكم بخسائر القطاعات والوزارات وهذا ما يثير الاستغراب وهي نقطة تسجل على هذه الوزارات والمؤسسات، فكيف تمكنت من حصر هذه الخسائر بهذه السرعة وحتى وضع أرقام للخسائر غير المباشرة، ولم يكونوا قادرين في أيام الرخاء على حصر عدد العاملين في الوزارات والمؤسسات والخسائر لديهم في ذلك الوقت، والتقارير التي نشرت من الجهاز المركزي للرقابة المالية تؤكد هذا الكلام وتضع عشرات إشارات الاستفهام على عمل هذه الوزارات والمؤسسات في فترة ما قبل الأزمة».
ورأى عربش أننا نفتقد إلى خطة عمل منذ أن انتهت المدة الزمنية للخطة الخمسية العاشرة، ولم نتمكن من وضع خطة واضحة، وكان المفترض أن الخطة الخمسية الحادية عشرة قد انتهت في العام 2015 وأن نكون دخلنا في الخطة الخمسية الثانية عشرة، «وعن حديث الحكومة عن الخططديناميكية متبدلة سأل عربش «أين هذه الخطط ولماذا لا يتم الإفصاح عنها، ولكن الحقيقة أننا نعمل وفق عقلية كل يوم بيومه فلا يوجد لدينا خطط ولسنا قادرين على وضع الخطط بسبب غياب الأرقام».
وبيّن عربش بأنه في عمل المكتب المركزي للإحصاء نوعان من الإحصاءات، ما يسمى الإحصاءات الجارية التي ترد من وزارات ومؤسسات الدولة والإحصاءات الناجمة عن القيام بدراسات إحصائيات لعينات ومواضيع معنية، مبيناً بأن هناك ترهلاً في العمل الإحصائي، «وقد جعلوا من الأزمة الشماعة التي نعلق عليها تباطئنا وتقاعسنا، مع أنهم قادرون على تنفيذ أعمال الإحصاء، بدليل تمكن فريق عمل إحصائي من إجراء مسح إحصائي لحالة السكان وإجراء مسوح في معظم المناطق السورية وأخذ عينات استطلاعية من الأسر، وكان فريق العمل من السوريين وتم إصدار النتائج من بيروت، حيث إن أغلبية العاملين في المركز الذي أصدر النتائج هم من السوريين وقسم منهم من العاملين في الدولة ولكن الفرق لديهم بأنهم يعملون بطريقة ديناميكية ودقيقة».
وأضاف «بينما نقوم نحن بإصدار الرقم القياسي للأسعار بفارق زمني لا يقل عن ثمانية أشهر، رغم أن هناك الكثير من البيانات الدورية ومنها الالتحاق بالمدارس والخريجين في الجامعات وغيرها من الأرقام التي تعتبر من الإحصاءات الدورية وهي غير متوافرة»، لافتاً إلى أنه دائماً ما كانت دائرة الإحصاء هي الحلقة الأضعف في كل الإدارات العامة في سورية، «وهذا التقاعس هو ما يجعل من تخطيطنا قاصراً وتقديراتنا بعيدة عن الواقع، في حين يجب أن تكون الأزمة حافزاً للعمل لأن معركة إعادة الأعمار أقسى من معركة مواجهة الإرهاب فلا يمكن التخطيط والتنفيذ لإعادة الأعمار إن لم نكن نملك الرقم الإحصائي الدقيق».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن