سورية

دي ميستورا أجّل محادثات جنيف.. موسكو تؤكد التزامها بالهدنة وتحمّل «النصرة» مسؤولية الانتهاكات.. وكيري: نعمل مع الروس من أجل عملية تضمن قصف داعش و«الجبهة» فقط

| وكالات

على وقع تكثيف الاتصالات الدبلوماسية بين واشنطن وموسكو حول سورية، أعلن المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا عن موعد جديد للجولة الجديدة من محادثات جنيف وضغط على الجانبين الروسي والأميركي من أجل ضمان استمرار التزام الأطراف باتفاق «وقف العمليات القتالية» وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وذلك على حين رحبت بكين بالتزام «الطرفين السوريين» بالاتفاق.
وبلور الجانبان الروسي والأميركي آلية مشتركة للتعامل مع الخروقات للهدنة، إذ أوضح الأول أنها تضمن «إقصاء» الذي ينتهك «وقف العمليات القتالية» من نظام الهدنة، ودعا إلى إغلاق الحدود السورية التركية لمنع تدفق السلاح على الإرهابيين. وأشار وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى وجود جهود تبذل من أجل ضمان أن تستهدف الغارات جبهة النصرة أو تنظيم داعش فقط، ووضع خريطة لمواقع انتشار التنظيمين.
وشهدت مدينة جنيف السويسرية يوماً روسياً بامتياز. وعقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اجتماعين منفصلين في المقر الأوروبي للأمم المتحدة مع كل من الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون ومبعوثه إلى سورية.
وعقب هذين اللقاءين أشار لافروف إلى أن روسيا وشركاءها في الأمم المتحدة تقيّم إيجاباً تنفيذ شروط الهدنة، وعلى الرغم من وقوع خروقات منفردة، إلا أن «زملاءنا في الأمم المتحدة وغيرهم من شركائنا لا ميل لهم لتضخيمها». وقال: إنه يشارك الأمم المتحدة ارتياحها لتحقيق تقدم في رفع الحصار عن بعض البلدات السورية، وإيصال شحنات من المواد الغذائية والأدوية إلى محتاجيها، وظهور بوادر لدعم جميع الأطراف لبدء عملية تفاوضية حقيقية من شأنها أن «تشمل جميع السوريين، ولا سيما في مرحلة تقرير مصير البلاد وبحث الإصلاح الدستوري».
وبين رئيس الدبلوماسية الروسية أنه في حال ارتكاب طرف انتهاكات منتظمة يتم إقصاؤه من نظام الهدنة. وكشف أن المبعوث الأممي أكد له استئناف المفاوضات السورية في الربع الأول من الشهر الجاري، علماً أن الموعد الذي حدد سابقاً هو السابع من آذار. وعقب هذا اللقاء، أعلن مكتب المبعوث الأممي التاسع من الشهر الجاري موعداً لاستئناف المحادثات. وذكر دي ميستورا أنه أجّل الجولة لأسباب لوجستية ولتعزيز اتفاق وقف العمليات القتالية، وأضاف: «لن أؤجلها مرة أخرى».
وأجرى دي ميستورا حديثاً مع وكالة «رويترز» ربط فيه بين «نجاح» اتفاق وقف العمليات القتالية من جهة، واستئناف المحادثات، من جهة أخرى. وقال: «يجب على الولايات المتحدة وروسيا العمل على نجاح اتفاق وقف الاقتتال في سورية، وإلا فسيكون من الضروري تأجيل استئناف محادثات السلام». وتابع: «لا نريد أن تكون المناقشات في جنيف محادثات بشأن انتهاكات لوقف إطلاق النار.. نود أن تتصدى فعلياً لجوهر كل شيء».
وبعد لقاء بان بلافروف، صدر بيان عن الأمم المتحدة أوضح أن الأول شكر الوزير الروسي على «دوره الكبير في تحقيق التقدم الأخير في سورية»، بحسب ما نقلت وكالة «رويترز».
وخلال كلمة ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان أكد لافروف أن المنظمات الإرهابية مثل «داعش» و«جبهة النصرة» لا مكان لها لا في اتفاقات حول وقف إطلاق النار ولا في عملية التسوية السياسية، مشيراً إلى أن هزيمتها «تعد شرطاً لا بد منه لضمان حقوق الشعوب المنكوبة في سورية والعراق».
وأضاف: إن المهمة الأولى في هذا السياق هي منع تدفق الدعم الخارجي إلى الإرهابيين، الأمر الذي يستدعي «إغلاق الحدود السورية مع تركيا التي يتم عبرها تزويد العصابات بالأسلحة، بما في ذلك عبر قوافل إنسانية». وشدد على أن تخفيف الوضع الإنساني البائس في سورية يعد من أولويات الأمم المتحدة، وأن لا سبيل لمعالجة الأزمة الإنسانية في البلاد غير تثبيت اتفاق وقف العمليات القتالية وبدء حوار سوري سوري شامل حول مستقبل سورية، الذي على السوريين وحدهم تحديده دون أي تدخل خارجي. وحمل مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة بجنيف أليكسي بورودافكين المسؤولية بشكل أساسي عن الخروقات التي وقعت بشأن اتفاق وقف الأعمال القتالية إلى تنظيم «جبهة النصرة» وإرهابيين آخرين. وأضاف في انتقاد مبطن للسعودية والمعارضة: «الأشخاص الذين يهتمون حقاً بتحقيق السلام في سورية يعملون بهدوء ومهنية، أما الأشخاص غير المهتمين بذلك فيطلقون اتهامات وقحة ولا أساس لها».
ونقلت وكالة «تاس» الروسية للأنباء عن بورودافكين، قوله: إن «القوات الروسية والأميركية تعملان بترو وتنظران في الانتهاكات المحتملة لاتفاق وقف الأعمال القتالية». وأعرب عن الرضا لمستوى التعاون مع الجانب الأميركي في مركز الهدنة في جنيف.
وفي موسكو أكد نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن بلاده تأمل في صمود وقف العمليات القتالية وأنها لم تنتهك الاتفاق ولم تتلق أي شكاوى من المعارضة السورية. وأشار في حديث لوكالة «رويترز» إلى أن القصف الروسي استمر ولكن «ليس في مواقع المعارضة».
وفي واشنطن قلل كيري من شأن التقارير بخصوص انتهاكات الهدنة، مؤكداً أن الأغلبية العظمى من مناطق سورية شهدت تراجعاً في العنف. وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني فرانك فالتر شتاينماير: «ولهذا نحن ندعو جميع الأطراف ألا تبحث عن وسيلة للتملص من المسؤولية التي يفرضها اتفاق وقف الأعمال القتالية بل أن تساعد العملية على أن تحاسب نفسها»، من دون أن يوضح من المقصود.
وأضاف: «هناك فريق في جنيف وفريق في عمان، وهم على اتصال مع بعضهم ومع الناس في سورية. وسنتعقب كل انتهاك مزعوم وسنعمل بجهد أكبر الآن لوضع إستراتيجية تساعدنا على ضمان أن الغارات هي في الواقع غارات على جماعة جبهة النصرة أو تنظيم داعش، واحد من الاثنين، هذه الغارات مسموح بها». وأضاف: «لذلك ليس من المستغرب أن يرى شخص طائرة تحلق أو حتى طائرة تُسقط قنبلة»، معتبراً أن الاختبار الحقيقي خلال الأيام المقبلة «أين يتم إسقاطها؟ وما الذي يقع تحتها؟».
وانساق كيري وراء الاتهامات التي توردها المعارضة وبعض المنظمات الدولية الحقوقية، ودعا النظام إلى عدم عرقلة تسليم المساعدات الإنسانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن