عن الخطة (ب) والوهم السعودي..
| باسمة حامد
يحاول النظام السعودي وإعلامه التشويش على أجواء التفاؤل الدولي الواسع حيال الهدنة الحالية عبر التلويح بالخطة الأميركية (ب) القائمة على أساس تقسيم سورية إلى محاور طائفية.
وبما أن عنوان (التقسيم) يشغل حيزاً واسعاً في سياسات واشنطن كما هو الحال في الخطة (أ) بالعراق.. لا ينبغي التساؤل عن النيات والخطط الغربية حيال دول المنطقة لكونها تقوم أصلاً على قاعدة (فرّق تسد) لإضعاف الشعوب العربية والإسلامية وتقوية الكيان الصهيوني.. لكن السؤال يطرح نفسه بصيغة أخرى: ما هي آفاق الخطة (ب) في ظل اتفاق أميركي روسي يحفظ توازن الطرفين ويحافظ على مصالحهما المشتركة بالمنطقة؟!
بالحقيقة، وفي ضوء العوامل الداخلية والخارجية الراهنة في سورية سيكون من الصعب جداً تحوّل الوهم السعودي إلى أمر واقع، فعلى المستوى الداخلي ثمة عقبات عديدة تحول دون تنفيذ أجزاء الخطة، إذ إن «داعش» تنظيم إرهابي يفتقر لمقومات الدولة الطبيعية، وانخراط فصائل مسلحة كثيرة باتفاق (وقف إطلاق النار) يشير عملياً إلى حجم الرفض لهذا الكيان الغريب. ومن جهة أخرى للمكون الكردي حسابات خاصة قد لا تتلاقى مع الأجندة الأميركية. ومن جهة ثالثة، لا شك أن سرّ صمود (النظام) يكمن في نقطة خوضه للحرب تحت عنوان (إعادة الأمن والاستقرار إلى سورية مع الحفاظ على وحدة أراضيها وشعبها).
أما على المستوى الخارجي، فمن الواضح أن واشنطن وشركاءها الغربيين – مع وجود رغبة دولية بحل سياسي- لا يريدون تصعيد المواجهة مع روسيا أو تخريب أجواء التفاهم مع إيران، والأكيد أن الحضور القوي لحليفي دمشق سيكون حاسماً في هذه المسألة، فالدولتان أعلنتا رفضهما لمشروع التقسيم باعتباره: «يتعارض بالمطلق مع قرارات مجلس الأمن المتخذة بالإجماع وطبقاً لتفاهمات فيينا».
وفي البعد العربي والإقليمي لا يمكن إغفال رفض الدول العربية الوازنة وفي مقدمتها مصر لمشروع تقسيم سورية، فالتفتيت سيضعف الجميع وسكين التقسيم لن تقتصر على دولة عربية بعينها بل ستمزق حتى دول الخليج الحليفة لواشنطن، واللافت للانتباه في هذا السياق وجود مؤشرات تفيد بأن سورية تستثمر انتهاء صلاحية سايكس بيكو وتتجه للتوحد مع العراق.
ولدى محور المقاومة خيار رافض لمشاريع التقسيم والتجزئة، والمؤشرات الملموسة لهذا الخيار تُلحظ من خلال الجهود التي يبذلها أطراف هذا المحور من أجل القضية الفلسطينية واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني وتوحيد بوصلة الصراع باتجاه «إسرائيل» ومواجهة المحاولات السعودية الجارية لفرض مسألة التطبيع العربي «الإسرائيلي». ولعل تفاعلات معادلة «الأمونيا» التي أطلقها السيد حسن نصر اللـه مؤخراً وما أحدثتها من قلق واسع في الكيان الصهيوني تعكس شيئاً من حجم وتأثير وقدرة معسكر المقاومة.
وما يزعج السعوديين ومعهم «الإسرائيليون» والأتراك أن هذا الواقع لن يتغير بسهولة، فالدولة السورية – والحرب تقترب من بداية عامها السادس – مازالت متمسكة بالثوابت الوطنية والقومية وهي تنجح بتحقيق الإنجازات على المسار الميداني وخط المصالحات الوطنية، والهدنة الحالية سواء صمدت أم انهارت ستسمح (للنظام) – وهو يتقدم سريعاً في المناطق المحيطة بحلب- بتعزيز وضعه كطرف يحارب الإرهاب ومن ثم التفاوض من موقع قوة وخصوصاً أنه يسيطر على مناطق يعيش فيها نحو 80% من السوريين ومعظمهم (وفق باحثين غربيين) سيصوتون لمصلحته في الانتخابات التشريعية القادمة، وما يؤكد الثقة بهذا المشهد إعلان الرئيس الأسد يوم 13 نيسان موعداً لهذا الاستحقاق الدستوري.