سورية

بوغدانوف يصل إلى طهران اليوم.. رفض تركي إيراني لتقسيم سورية.. وداوود أوغلو يريد «حلاً إقليمياً».. وغضب سعودي مكتوم

| أنس وهيب الكردي

فجأة ومن دون مقدمات دبلوماسية حط رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو في العاصمة الإيرانية طهران على خلفية «رفض الدولتين تقسيم سورية». وأثارت زيارة المسؤول التركي الرفيع في هذا التوقيت غضباً مكتوماً بين المسؤولين السعوديين، عبرت عنه تغريدات رواد سعوديين على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
وتوترت العلاقة بين روسيا وتركيا على خلفية إسقاط طائرتين تركيتين للمقاتلة الروسية «سو24» فوق الأجواء السورية في تشرين الثاني الماضي. وبلغ التوتر أقصى مداه عندما لوحت السعودية بعمل مشترك مع تركيا ضد تنظيم داعش. وتندرت طهران وموسكو على هذا الأمر. وشن المسؤولون الأتراك هجوماً غير مسبوق على روسيا وإيران. واتهموا الأولى بتشريد السوريين ومحاولة تقسيم بلادهم، والثانية بالطائفية. إلا أن أنقرة راجعت حساباتها فيما يتعلق بجارتها إيران.
وطار داوود أوغلو إلى طهران مراهناً على ما يعتقد أنه قلق إيراني مكتوم من دعم روسيا والولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب، والذي من شأنه أن يمهد، بحسب أنقرة، إلى تقسيم سورية، وإنشاء كيان كردي على حدود تركيا الجنوبية يؤثر على مواطنيها الأكراد ويعزلها عن العالم العربي. في المقابل، بدا أن طهران مهتمة باحتواء الأتراك وإبعادهم قدر الإمكان عن السعوديين الذين يواصلون انتهاج سياسة إقليمية خطرة، من وجهة نظر إيران. ولذلك استقبلت إيران المسؤول التركي الذي دعا إلى زيادة التبادل التجاري بين تركيا وإيران إلى 50 مليار دولار.
وأخذت أنقرة على شريكتها الإقليمية الرياض، توقيع اتفاق الدوحة النفطي، مع كل من قطر، وفنزويلا وروسيا. واعتبر مراقبون أتراك الاتفاق طعنة سعودية في ظهر تركيا، جاءت في حين أعلنت الرياض عن وصول أربع طائرات «إف 16» إلى قاعدة «أنجرليك». وبدا للمسؤولين الأتراك أن السعوديين يتفاوضون مع روسيا بشكل منفصل عندما يتعلق الموضوع بمصالحها الخاصة. وربما أراد أوغلو لرفع التبادل التجاري مع طهران أن يوجه رسالة مباشرة للسعودية.
ومن المقرر أن يتوجه اليوم إلى العاصمة الإيرانية مبعوث الرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف في زيارة عمل تستمر ليومين، لبحث الوضع في سورية خاصة والمنطقة عامة، وذلك بعد أيام من زيارة داوود أوغلو، الذي أعلن الاتفاق مع إيران على خمسة مبادئ لتسوية أزمات المنطقة وسورية خاصة، «بين الدول الإقليمية»، ما يؤشر إلى تضايق تركي مما يبدو شراكة روسية أميركية لإنهاء أزمات المنطقة.
في غضون ذلك، نقلت صحيفة «ميليت» التركية عن وزير الدفاع التركي عصمت يلماز أن جيش بلاده مستعد وبكامل جهوزيته للحرب أكثر من أي وقت مضى. وقال يلماز: «تأكدوا من أن الجيش التركي أكثر قوة وجهوزية للحرب من أي وقت مضى، ولا يوجد شك في أن القوات المسلحة التركية ستكون أكثر قوة وجاهزية اليوم في حرب الغد»، من دون أن يوضح على من سيشن الجيش التركي تلك الحرب.
وفي طهران أعرب الرئيس الإيراني حسن روحاني مساء السبت عن دعم بلاده وتركيا وقف العمليات القتالية في سورية والحفاظ على وحدة أراضيها.
ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية «إيرنا» عن روحاني، تشديده خلال لقائه داوود أوغلو على «عدم وجود اختلاف» بين الدولتين فيما خص وقف الحرب في سورية و«تقديم مساعدات الإغاثة للنازحين»، مؤكداً أن تركيا وإيران بإمكانهما «اتخاذ إجراءات فعالة مشتركة لإنهاء الأزمة السورية».
وحذر روحاني من أن بعض الدول الأجنبية، من دون أن يسميها، لا ترغب في تسوية مشاكل الشرق الأوسط، بل تسعى إلى تحقيق مصالحها الخاصة. وألحق تحذيره بدعوة دول المنطقة إلى «حل مشاكلها بنفسها»، شريطة «احترام وحدة أراضي جميع الدول» وأن «مستقبل كل دولة يجب أن يقرره شعبها»، في إشارة إلى رفض المطالب التركية بتنحي الرئيس بشار الأسد عن السلطة.
وبخصوص العلاقات الثنائية بين البلدين، اعتبر أن التعاون بين إيران وتركيا سيلعب دوراً بناء في بسط سلام وثيق في الشرق الأوسط، معتبراً أن الدولتين لديهما أهداف ومصالح مشتركة، وعليهما تنسيق جهودهما والتركيز على مكافحة الإرهاب الذي يشكل تحدياً مشتركاً بالنسبة لهما». ووصف الرئيس الإيراني البلدين بـ«الصديقين والشقيقين» اللذين تربطهما قيم ثقافية ودينية مشتركة، مؤكداً أن الفكر الديني في كلا البلدين يختلف عن فكر المتطرفين، في إشارة على ما يبدو إلى السعودية. وشدد على أن الوحدة والانسجام بين جميع المسلمين يعد هدفا مهما على درب النهضة الإسلامية.
وفي المقابل أكد رئيس الوزراء التركي في كلمة له خلال مشاركته بمنتدى الأعمال التركي الإيراني، أن تركيا وإيران تمتلكان وجهات النظر ذاتها حيال ضرورة المحافظة على وحدة الأراضي السورية، ومنع تقسيمها. وشدد على أهمية سعي الدولتين لاستمرار وقف العمليات القتالية في سورية، تمهيداً لاستئناف مفاوضات السلام وتأسيس مرحلة جديدة في الحياة السياسية بسورية.
وفي تصريح صحفي له عقب المنتدى، اعتبر داود أوغلو أن «التطورات في المنطقة تمر بمنعطف حساس (…) يستمر وقف إطلاق النار في سورية رغم هشاشته، وفي العراق تستمر الحرب على تنظيم داعش، وهناك تطورات يشهدها الخليج». وألمح إلى ضرورة تجاوز الخلافات بين البلدين بشأن من مخطئ بشأن تطورات الأزمة في سورية، قائلاً: إن «تركيا وإيران يركزان الآن على ما يمكن القيام به، بدلاً من البحث عن الأخطاء ومرتكبيها».
وأضاف: «أعتقد أن هناك اتفاقاً حول 5 نقاط، الأولى هي إظهار إرادة سياسية قوية لحل مسائل المنطقة من قبل الأطراف الإقليميين»، والثانية، «عدم السماح بالتفريط بوحدة التراب السوري، بغض النظر عن شكل الحل»، مبيناً أن تلك النقطة تشكل أرضية اتفاق مهمة للغاية. وتابع قائلاً: «أما النقطة الثالثة فتكمن في دعم وقف إطلاق النار من أجل عدم تخريب الجو السياسي الذي سيتشكل، لأننا على قناعة أن المفاوضات السياسية ستهيئ أرضية لإيقاف نزيف الدم السوري»، أما النقطة الرابعة فتتمثل بـ«طريقة إدارة سورية». وأعرب عن أمله «ألا تكون البنية السياسية في سورية، خاضعة لعرق أو مذهب واحد، بل أن تبدأ مرحلة جديدة يتم فيها تمثيل كافة مكونات الشعب السوري»، مشيراً إلى أن أنقرة وطهران متفقتان بهذا الخصوص.
ولفت رئيس الوزراء التركي، أن «النقطة الخامسة تتركز على التعاون دون شروط أو قيود أو حدود في مسألة الإرهاب، بما يشمل (داعش) وامتدادات تنظيم (حزب العمال الكردستاني) في سورية»، في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدات حماية الشعب. وأثارت زيارة داوود أوغلو ردوداً فورية بين السعوديين. وشن رواد موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» هجوماً حاداً على داود أوغلو، بعد زيارته لإيران. وسخر المغردون ممن روجوا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان باعتباره حليفاً وداعماً لمواقف السعودية المناهضة لإيران. ولم تستثن الانتقادات جماعة الإخوان المسلمين ومن روجوا لها ووصفوا الجماعة وأردوغان بالانتهازية وتقديم المصلحة الآنية على المبدأ. وانتقدت التغريدات أردوغان وسياساته الساعية للتعاون مع إسرائيل واتهمته باستغلال المأساة الإنسانية للسوريين لتحقيق مصالح سياسية ومادية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن