قضايا وآراء

ماذا بعد زيارة داود أوغلو لطهران؟

| تحسين الحلبي 

لا أحد يشك أن أي اجتماعات تعقد بين الحكومتين الإيرانية والتركية يمكن أن توفر أجواء إقليمية أفضل لحلفاء إيران بشكل خاص لأن الطرف الذي يشعر بحاجة لتطبيع علاقاته مع طهران هو حكومة (داوود أوغلو) التي لم تحصد من سياساتها منذ عام 2011 سوى الفشل والمزيد من المشاكل المتفاقمة عليها داخلياً ومن الجوار ومن دول أوروبية كثيرة، فإيران وفرت لسياساتها في المنطقة وفي العالم نتائج ناجحة وعلاقات متينة مع سورية والعراق ولبنان ودول عربية أخرى إضافة لعلاقاتها الدولية مع موسكو وبكين ودول منظمة شانغهاي للتعاون أما تركيا فقد ازداد عدد خصومها في الجوار العراقي والسوري والإيراني من دون أن تتمكن من تحقيق أي من أطماعها في هذا الجوار.
فقد راهن أردوغان على تحقيق مصالح كثيرة من خلال التحالف مع قطر ثم تبين أن أوراق قطر خاسرة وراهن على مرسي وحركة (الإخوان المسلمين) المصرية فضاعت مصر من يدي أردوغان وبعد أن فشل حلفاؤه من الإخوان المسلمين السوريين الذين استضافهم في اسطنبول في تحقيق ما يطمح إليه لم يجد أمامه سوى إعادة النظر في قواعد اللعبة التي وضعها للسياسة التركية تجاه سورية والمنطقة وخصوصاً بعد الدور الروسي الذي حمل لسورية حصانة دولية وإقليمية ضد كل من يستهدفها أو يستهدف سيادتها.
فقد وجد أردوغان أن حلف الأطلسي عاجز عن تلبية مغامراته سواء في أزمته مع موسكو أو في أزمته مع طهران المجاورة ولذلك يرى المحللون الأوروبيون أن المرحلة الجديدة بعد النجاح النسبي (لاتفاق وقف الأعمال العدائية) في سورية سيفرض تغييراً في قواعد اللعبة الأوروبية تجاه الأزمة السورية وطريقة التعامل معها لأن انفتاح أوروبا على طهران سيتطلب من العاصمة الإيرانية توظيفه في تعزيز حماية سورية وهي الحليف الأساسي لها في المنطقة العربية، ومن الجهة الأخرى الدولية أصبحت موسكو تشكل سداً منيعاً أمام أي مغامرة تركية أو سعودية ضد سورية.
ولذلك يرى المحللون في أوروبا أن اعتماد تركيا على تحالف مع السعودية لن يضيف شيئاً إلى الدور التركي وقابلية نجاح مغامرات أردوغان لأن ما انتهت إليه السياسة التركية الفاشلة ستنتهي إليه السياسة السعودية التي تشابهت إجراءاتها في توسيع التدخل بشؤون الدول الأخرى مع ما فعلته تركيا ثم لم تحصد منه سوى الفشل والخيبة ففي اليمن تجد السعودية نفسها عالقة تدفع ثمناً باهظاً من دون أن تحقق أي نسبة من أهدافها وفي سورية لم يعد لها سوى مجموعة الرياض السورية التي لم تعد حتى واشنطن تراهن على الدور المطلوب منها.
وفي تركيا رحب الكثيرون من المحللين الأتراك بالتوقعات المحتملة من اجتماعات (داوود أوغلو) مع القادة الإيرانيين لأن تركيا هي التي تحتاج لطهران أكثر مما تحتاج طهران لتركيا ولأن تركيا لن تجد في العلاقات مع السعودية ما يوفر لها قوة لأن الرياض في أزمة داخلية وخارجية وسوف تتعرض لخلاف حتى مع شركائها في مجلس التعاون الخليجي..
ويتفق مع رأي المحللين الأتراك عدد من المسؤولين في إيران نفسها وخصوصاً بعد إمساك موسكو وطهران بزمام ردع إقليمي ودولي يحول دون أي مغامرات تركية أو سعودية في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن