اقلق… ولا تخف!!
عبد الفتاح العوض:
دراسات تتنافس فيما بينها على إثبات أن القلق والخوف والاكتئاب على قمة أسباب الموت عند البشر… وفي العالم زاد البحث في محرك غوغل 53 مرة خلال سنوات قليلة للأشخاص الذين يريدون علاجاً للاكتئاب. تصنف منظمة الصحة العالمية الاكتئاب حالياً على أنه رابع أكبر مسبب للانقطاع عن العمل في العالم، وهي ترجح أن يصبح ثاني أكبر مسبب في عام 2020.
السوريون هذه الأيام أو بالأصح هذه السنوات ليسوا بحاجة لدراسات حول الاكتئاب… أصبحنا ذوي خبرة في هذا المجال… كل سوري الآن يعتبر نفسه متخصصاً بالحزن وناشطاً بالقلق وخبيراً بالاكتئاب.!!
يكذب علينا أولئك الذين يقولون لا داعي للقلق… كيف يمكن ذلك ونحن نرى ما يحدث لنا ولبلدنا.
كل ما نتابعه يدعو للقلق… ومواجهة الحقائق كما هي ليست دعوة للإحباط بل دعوة للتحضر لها ودعوة أقوى لمواجهتها.
لكن مع خبرة السنوات الأربع من القلق أصبح للسوريين قدرة على التعامل معه… طرق لتجنب مكاسرته… وربما الأسوأ القدرة على عقد صداقات معه!
لا يمكن الاستمتاع بصداقة الاكتئاب.. لكنها طريقة لتجنب عدوانه، على الأقل تتقبله كما هو وإن كان ليس محتملاً أن يتقبلك كما أنت.
لكن ثمة ما هو أخطر من ظواهر القلق وأصعب من حالات الحزن، ثمة أمراض اجتماعية تغزو مجتمعنا.
… وكنت مثل الكثيرين نركز على الجوانب الاقتصادية والحياتية لآثار الأزمة لكن الواقع يخالفنا الرأي… لأن الأمراض التي انتشرت في مجتمعنا لا تقل خطورة عن الآثار الاقتصادية والحياتية، بل يمكن اعتبار الآثار الاجتماعية هي الأخطر وهي الجانب المظلم الذي سنجد صعوبة في إصلاحه… أجد نفسي الآن ميالاً للرأي الذي يقول: الاقتصاد يمكن إصلاحه بإمكانات مادية لكن الخراب الاجتماعي من الصعب إصلاحه، وخاصة أن المجتمع الذي تضرر في قلب قيمه وأسس مبادئه يصعب علاجه… كيف يمكن الوثوق بمستقبل جزء من الجيل الذي لم يتعلم؟ وكيف يمكن الوثوق بتربية بعض النساء اللواتي انحرفن بضغط الفقر أو غيره؟ الأمراض الاجتماعية مؤلمة ومزمنة وعلاجها يحتاج لكثير من الجهد ولأننا ما زلنا في عين العاصفة لا يبدو أن جهة ما معنية بها أو بالبحث عن وقاية منها.
علاج:
مَرَّ إبراهيمُ بن الأدهم على رجلٍ مهموم فقال له: إني سائلك عن ثلاثةٍ فأجبني؟ 1- أيجري في هذا الكون شيء لا يريدُه الله؟ 2- أو ينقصُ من رزقك شيء قدّره الله؟ 3- أو ينقصُ من أجَلكِ لحظه كتبها اللهُ؟ فقال الرجلُ: لا، فقال إبراهيمُ بن الأدهم: فعلام الهَمُّ إذاً.
يروى أن علي بن أبي طالب- رضي اللـه عنه- سئل: من أشد جند الله؟ قال: الجبال، الجبال يقطعها الحديد، فالحديد أقوى، والنار تذيب الحديد، فالنار أقوى، والماء يطفئ النار، فالماء أقوى، والسحاب يحمل الماء، فالسحاب أقوى، والريح تعبث بالسحاب، فالريح أقوى، والإنسان يتقي الريح بيده وثوبه، فالإنسان أقوى، والنوم يغلب الإنسان، فالنوم أقوى، والهم يغلب النوم، فأقوى جند اللـه هو الهمّ، يسلطه اللـه على من يشاء من عباده.
أقوال:
أحياناً يبقى المرء وفياً لقضية ما لمجرد أن خصومه لا يغيرون تفاهتهم.
الحالم يكذب على نفسه، أما الكذاب فيكذب على الآخرين فقط.