تحت ظلال النجوم

مجموعة قصصية للقاص أيوب الحجلي صدرت عن دار الحروف للطباعة في السويداء ودار كيوان للطباعة بدمشق ضمت خمس عشرة قصة قصيرة للكاتب، وهي تجربته الأولى في عالم القصة القصيرة، إذ كان قد جرب حظه الكتابي من قبل في رواية حملت اسم (آلهة الدموع) وفي تلك الرواية قارب عالماً إنسانياً بيئياً مميزاً، وقد استطاع في تلك التجربة أن يقدم نفسه في فن الحكاية على ما في التجربة من ملاحظات.. وفي (تحت ظلال النجوم) يقدم تجربة أكثر نضجاً في عالم القص، وربما كان من أسباب توفيق القاص أنه اختار القصة القصيرة المعتمدة على الحدث الواحد الذي يغنيه شيئاً فشيئاً، وقد أفاد القاص من تجاربه السابقة على القص في الدراسات، إذ قدم (معتقدات مظلمة) التلمود و(العبادات الآثمة والتاريخ المستعر) وكلاهما دراسة في العقائد، وقد استلهم الكاتب أكثر من نص من الأساطير الشرقية التي خبرها في دراساته المخلصة للجانب الفكري.
وفي مجموعته القصصية هذه يبحث الكاتب عن القيم والأخلاقيات السامية والحب، واعتمد في صياغته على وجود الأضداد ما ساعده على الوصول إلى مبدأ المفارقة المؤلمة… ويحمد للقاص أنه خرج من المألوف الذي يقودنا في التحول للشخصيات، فنحن أمام الطفل الذي يعرف ما يريد يتطلب القراءة وعدة القراءة من ورق وقلم، ويرفض أن ينجذب إلى الحلوى والطعام.. فيخيب ظن صاحب المتجر الذي يتابع الأطفال على أنهما لصان «ركض البائع من خلف طاولته ونادى عليهما فتوقفا خوفاً من صوته فإذا به يناولهما قرصين من الكعك الساخن، وهو يبتسم إشفاقاً عليهما، ولكن الطفل الصغير شدّ يد أخته واستدار ومضى إلى قارعة الطريق ليترك صاحب المتجر كالصخرة الصماء يلوك هزيمته الكبرى أمام الصغيرين».
والمجموعة تحمل اسم القصة الأولى التي اغتنت بالوصف الجميل واللغة الفياضة في حلم جاء للرجل، وكاد الحلم يقترب من جماله من الحقيقة، لكنه بقي حلماً «أيقن أنه وهي بأمان بعد أن اقترب منه أحدهم وربت على كتبه وهو يقول له: ماذا دهاك يا رجل، لابد أنك تغط في حلم وردي تحت ظلال النجوم» ولكن هذه الخاتمة تأتي بعد حلم ووصف وصل مرتبة عالية من الإتقان.
«تحت ظلال النجوم» مجموعة قصصية لأيوب الحجلي تقدم البيئة والحياة البسيطة لأناس رآهم وعاش معهم وآلمه ألمهم، وربما كان واحداً من أولئك لكنه لا يريد أن يظهر أكثر… وسواء أكان أم لم يكن، فقد استطاع أن يقدم صورة جميلة متعددة الأطر في كل قصة من القصص.