سورية

موسكو تدعو المعارضين المتشددين للتخلي عن شرط تنحي الرئيس الأسد وكيري وأيرولت يتهمان المعلم بـ«عرقلة» محادثات جنيف

| وكالات

اتهم رئيسا الدبلوماسية الأميركية والفرنسية نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم بمحاولة «عرقلة» المحادثات السورية السورية في جنيف. ودعا جون كيري وجان مارك أيرولت، روسيا وإيران إلى إثبات أن الحكومة السورية تحترم ما تم الاتفاق عليه، على حين دعت موسكو «المعارضين المتشددين» إلى التخلي عن شرطها تنحي الرئيس بشار الأسد فوراً، وأكدت أنها تعمل من أجل توحيد المعارضة.
وقبل يومين أكد المعلم أن مقام الرئاسة ملك للشعب حصراً، بعدما شدد على أن المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا «لا يحق له تحديد جدول أعمال المحادثات» وخاصة بحث مصير الرئيس بشار الأسد، وأكد أن المرحلة الانتقالية، بحسب فهم الحكومة السورية، تعني «الانتقال من دستور قائم إلى دستور جديد ومن حكومة قائمة إلى حكومة فيها مشاركة من الطرف الآخر، ونصح المعارضة التي تصر على تنحية الرئيس الأسد ألا يأتوا إلى المحادثات لأن الرئيس «خط أحمر».
وانتقد وزير الخارجية الأميركي جون كيري خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظرائه من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا إضافة إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن فيديريكا موغيريني، تصريحات المعلم معتبراً أنها «تعرقل عملية المفاوضات»، وأضاف: «من الواضح أنه كان يبعث رسالة رادعة للآخرين». وأضاف: «الرئيس الأسد يغرد خارج السرب ويرسل وزير خارجيته (أول) أمس كي يتصرف كمخرب ويسحب من على طاولة (المفاوضات) ما وافق عليه الرئيس بوتين والإيرانيون».
وسار أيرولت على نهج كيري، منتقداً ما سماها التصريحات «الاستفزازية» للمعلم، وقال: «شهدنا في الساعات الأخيرة استفزازات وزير الخارجية السوري، ما يعتبر إشارة سيئة لا يتوافق مع روحية وقف إطلاق النار». وجدد مطالبة الحكومة السورية بإرسال إشارات ثقة إلى المعارضة السورية، وقال: «لن يكون هناك عملية سياسية إذا لم يتم إشراك المعارضة في أجواء ثقة، بالتالي يجب إعطاء إشارات».
من جهة أخرى وجه كيري دعوة إلى كافة الأطراف لـ«احترام وقف الأعمال القتالية، والتعاون في تسليم المساعدات الإنسانية، واحترام عملية المفاوضات للتوصل إلى عملية سياسية انتقالية». وفيما بدا أنه خروج عن اتفاقه مع نظيره الروسي على ضرورة عدم الرضوخ لما تتناقله وسائل الإعلام عن خروقات وانتهاكات الهدنة، قال «على الأجهزة الإعلامية مراقبة وقف إطلاق النار في سورية وتعميم التقارير عن الجهة المسؤولة». واتهم قوات الجيش السوري بارتكاب معظم الانتهاكات لاتفاق وقف الأعمال القتالية، واعتبر أن الحكومة السورية وداعميها يخطئون إذا ما اعتقدوا أن بوسعهم الاستمرار في اختبار حدود اتفاق وقف العمليات القتالية الهش كما اتهم دمشق بإعاقة وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة. وقال: «إذا اعتقد النظام وحلفاؤه أنهم قادرون على اختبار صبرنا أو التصرف بطريقة تطرح تساؤلات حول تعهداتهم، من دون أن يترك ذلك عواقب وخيمة على التقدم الذي حققناه، فإنهم واهمون». وحض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «أن ينظر كيف يتصرف الرئيس الأسد».
من جهته ذكر وزير الخارجية الفرنسي أن نجاح مفاوضات جنيف مرهون، قبل كل شيء، بحسن نية الأطراف في التزامها بشروط نظام وقف العمليات القتالية، وكذلك بضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى محتاجيها بصورة حرة ودون عراقيل. وقال: «لضمان مصداقية المفاوضات (في جنيف) يجب احترام الهدنة ونقل المساعدات الإنسانية دون قيود أو عقبات». وأقر بأن مفاوضات جنيف ستكون «صعبة»، لكنها ستتطرق إلى «عملية سياسية حقيقية» في سورية، لكنه أضاف «علينا جميعا، الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي ودول المنطقة، أن نبذل كل ما في إمكاننا لممارسة ضغوط لتكون عملية السلام صادقة وأن يكون هناك تقدم حقيقي». وأعاد التأكيد على أن الحل للأزمة في سورية سياسي، لكنه قرن هذا التأكيد بالتشديد على أنه «لا يعني العودة لما كان عليه الوضع قبل 5 سنوات».
ومتطرقاً إلى الوضع على الأرض، أعلن كيري أن تنظيم داعش الذي يستهدفه التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة فقد 600 مقاتل خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة في سورية. وقال: «في سورية خسر داعش 3000 كلم مربع.. والضغط سيتكثف».
وفي وقت سابق من يوم أمس، انضم كيري إلى مشاورات نظرائه الأوروبيين، إيرولت، وموغريني ووزراء خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، وإيطاليا باولو جنتيلوني، وبريطانيا فيليب هاموند.
وسبق لوزير الخارجية الفرنسي أن أفاد سابقاً بأن المشاورات ستركز على بحث تسوية الأزمة السورية، واستئناف مفاوضات جنيف بين الحكومة والمعارضة، والوضع في ليبيا وتزايد نشاط المتطرفين فيها، إلى جانب مناقشة الوضع في أوكرانيا.
وعشية هذه المشاورات برز تصريح للرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند دعا فيه أوروبا إلى عدم الوقوف على الهامش، وإلى زيادة الضغط من أجل إيجاد حل دبلوماسي في سورية. وأضاف هولاند في تصريحات بعد اجتماع مع القادة الأوروبيين أول أمس في باريس «يتعين على أوروبا ألا تنتظر لكي يتم انتخاب رئيس أميركي جديد في وقت لاحق من العام الجاري لكي تزيد جهودها وتنهض بمسؤولياتها في الأحداث العالمية الكبرى».
أما برلين فقد جدَّدت أمس الأول موافقتها على إقامة منطقة حظر جوي في سورية لحماية المدنيين، لكنها ربطت إقامتها برضا دمشق.
إلى ذلك يعتزم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو إجراء زيارة رسمية إلى الأردن غداً الثلاثاء، وذلك لبحث الملف السوري والعلاقات الثنائية بين البلدين.
ونقل موقع «ترك برس» الإلكتروني، عن المركز الإعلامي لرئاسة الوزراء التركية، أن داود أوغلو سيلتقي في عمّان بالملك عبد اللـه الثاني، حيث من المنتظر أن يناقش الجانبان تفاصيل الأزمة السورية وآخر المستجدات الميدانية والسياسية الحاصلة فيها، إضافة إلى التدخل الروسي في سورية ووضع المعارضة بعد هذا التدخل.
روسياً كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مطالب بلاده بتمثيل الأكراد في محادثات جنيف اليوم. وقال: «نرى ضرورة أن تشمل مفاوضات جنيف الأكراد، وذلك إذا ما كنا صادقين في تأكيداتنا على تمسكنا بسيادة سورية ووحدة أراضيها»، وأضاف متسائلاً: «كيف يمكن التعويل على بقاء الأكراد في قوام الدولة السورية إذا ما تم «رميهم» إلى خارج المفاوضات؟» وتابع مؤكداً: «وعليه، وانطلاقاً من تمسكنا بهذا الموقف إلى جانب باقي الدول، باستثناء تركيا، سوف نطالب بحزم بألا تنحني الأمم المتحدة أمام التحذيرات، وأن تدعو الأكراد إلى الحضور منذ البداية الأولى للمفاوضات».
وفي ذات السياق انتقد مندوب روسيا الدائم لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف أليكسي بورودافكين، موقف تركيا الرافض لحضور وفد عن الأكراد إلى مفاوضات جنيف، واصفاً إياه بـ«الابتزاز». وقال: «نحن نطالب بمنح الأكراد تمثيلاً في المفاوضات، ونقول لزملائنا الأمميين والأميركيين إنه ابتزاز من قبل تركيا التي تقول إنها ستفشل المفاوضات في حال قدوم الأكراد السوريين للمشاركة فيها.. إنه أمر غير مقبول، بل مرفوض بتاتاً».
من جهة أخرى طالب بورودافكين، «المعارضين المتشددين» بالتخلي عن مطالبهم بتنحي الرئيس الأسد فوراً عن منصبه. ونقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» الروسية عنه قوله: «كون مثل هذه المطالب غير الواقعية لا يمكن أن تتحقق على الصعيد العملي هذا يدل على أن هؤلاء المعارضين المتشددين ببساطة غير جاهزين في الحقيقة لخوض مفاوضات والتوصل إلى اتفاق». وأعرب عن أمله بأن «تسود الفطرة السليمة على الطموحات» وأن تتبع الأطراف السورية «موقفاً متوازناً وواقعياً» خلال المحادثات، وأن «تنطلق عملية تنفيذ قرار مجلس الأمن المعني بسورية (2254)، الذي يتضمن خارطة طريق لتسوية الأزمة الداخلية بشكل مرحلي».
ودعا إلى توحيد المعارضة، مؤكداً أن موسكو ستساعد المعارضة المعتدلة على توحيد صفوفها. وقال: «نبذل جهدا لمساعدة المعارضين السوريين المعتدلين على رص الصفوف والاتفاق حول مبادئ برنامج سياسي مشترك» مشدداً على أن هذا هو «واجبهم أمام الشعب السوري من حيث الخروج بمواقف قوية وموحدة».
كما أعاد بورودافكين التأكيد على أن الهدنة في سورية يجب ألا تكون مقيدة بفترة زمنية محددة، مشدداً على أن جميع التصريحات التي تطلقها «الهيئة العليا للمفاوضات» عن هدنة لأسبوعين، «غير مقبولة وأن وقف الأعمال القتالية يجب أن يسري حتى يتم التوصل إلى سلام وطيد».
وأشاد بـ«التعاون رفيع المستوى» بين الروس والأميركيين في المجالين العسكري والدبلوماسي حيال تنفيذ الهدنة. ولفت إلى أن اتصالات عمل تتم بين الجانبين يومياً، وأضاف: «يبحث (الروس والأميركيون) جميع القضايا بأسلوب هادئ وعملي، الأمر الذي يعطي أساساً للأمل في أن نظام وقف الأعمال القتالية، الذي بادرت به روسيا والولايات المتحدة، سيستمر وستدعمه جميع الأطراف المعنية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن