اقتصاد

استيقاظ في مجلس الشعب

| علي هاشم

ها قد أدى وزير الصناعة «قسطه للعلا»، مختتما جولاته من «الاجتماعات التقييمية» لمؤسساته، بإحالة أحد مديريها إلى الرقابة والتفتيش بتهمة «الإنفاق على قطع الغيار والزيت بما لا يتناسب مع تنفيذ الخطة الإنتاجية».
تابع الجميع مداولات اجتماعاته، واطلعوا في أخبارها المنمقة حول «التحليل المالي والمؤشرات الاقتصادية وأسس التقييم» وسط إعجاب كبير بما يتمتع به من باع في هذا الجانب، قبل أن يطفئ بيديه ذلك البريق المعرفي الذي جاهد لإيماضه في أعيننا، حين أطلق رقما عجائيبا عن إحصائياته للأضرار التي تعرض لها قطاعنا الصناعي جراء حرب خصص متعهدوها قسما وازنا من جبهاتها لتدميره، مكتفيا بتقديرها عند 1000 مليار ليرة موزعة بعدالة «إلهية في دقتها» بين «العام والخاص»، وذلك على الرغم من أن مدنا صناعية بأكملها تم اجتثاث رأسمالها الثابت من الوجود، وكذا عشرات آلاف الورش والمحارف الصغير!
ناهيك عن أنه هو ذاته كان قد فاجأنا خلال إحدى «جلساته التقييمية» حين أعلن تفاجؤه بدنو خسائر واحدة من مؤسسات قطاعنا العام، وهي الأقطان، من 200 مليار ليرة سورية «بالقيمة الجارية» بعد إحصاء 40% -فقط- من أضرارها، نظرا لوقوع الـ60% الأخرى من محالجها ضمن مناطق سيطرة تنظيم القاعدة وتبرعماته! يحار المرء في نظريات «أسس التقييم» التي اعتمدها الوزير لتقييم أضرار قطاعنا الصناعي، لا بل يشعر بشيء من القنوط حين يستدل -وفق نظريته- بأن الاختلال العميق في حجم كتلتنا السلعية الصناعية وميزاننا التجاري ونسب البطالة التي لامست الـ80% «وفق بعض التقييمات»، قد نجمت عن تضرر بنيتنا الصناعية بما لا يزيد على الملياري دولار سوى قليل؟!
ومع ذلك، فيمكن لتقييمه المخفف هذا أن يفسر حالة البرودة واللامبالاة التي وسمت موقفه إزاء ما آلت إليه حال الصناعة الوطنية حتى الآن، متجنبا حالة الاستقطاب الحاد بين الصناعيين والحكومة التي ما فتئت تميل قراراتها -على نحو درامي- لمصلحة التجار! فرغم ما يواجهه من تحديات جلها ذو منبع بيروقراطي حكومي، يتساءل المرء عن المرة الأخيرة التي سمع فيها تصريحا من وزير الصناعة حول النهوض بالإنتاج الصناعي الوطني على غرار ما يفعله عشرات المعنيين وغير المعنيين منذ أشهر، وإن كان له أن يستيقظ من حياديته هذه، فلربما تشكل جلسة استجوابه في مجلس الشعب خلال الأسبوع الماضي مناسبة جيدة، وما عليه لذلك سوى مراجعة الانتقادات التي تلقاها حتى ينطلق بالتثاؤب الإيجابي، وإن كان له أن يبدأ يوماً جديدا، فلعلنا نشهد منذ الغد إعلانا عن موقفه تجاه عشرات المعوقات الحكومية المتربصة بإعادة استنهاض الإنتاج الوطني، والتي اختزل رئيس اتحاد غرف الصناعة في مذكرة له قبل أسبوعين، قسما كبيراً منها.
ما لم تتحرك المياه الراكدة، فقد تحتاج وزارته بالفعل إلى الإنفاق على «قطع غيار جديدة» كتلك التي أنفق عليها مديره الفاسد، أكثر مما يجب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن