سورية

محللون: واشنطن وموسكو تقودان الجهود لحل الأزمة … مراجعة أوروبية للعلاقات مع روسيا.. ولندن تطالب بوتين بتفعيل دوره حيال دمشق!

| وكالات

بعد خمس سنوات على اندلاع الأزمة، أمسكت واشنطن وموسكو بزمام الأمور في سورية وهما تفرضان رؤيتهما على الأطراف المتنازعة متجاوزتين القوى الإقليمية، حتى إن الأوروبيين باتوا مقصين عن ملفات وأزمات الشرق الأوسط، وربما عن قضايا أوروبا ذاتها، ما دفعهم إلى رفع صوتهم للاحتجاج بصوت عال على الروس ووراء الغرف المغلقة على الأميركيين. وعلى الرغم من ذلك، فقد تنادى الأوروبيون من أجل مراجعة علاقاتهم مع روسيا، وسط دعوات صدرت عن رئيس الدبلوماسية البريطانية بتبني خط «حازم» مع موسكو وفي الوقت نفسه مناشدت الزعيم الروسي تفعيل دوره في سورية!
ففي العاصمة البلجيكية، دعا وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس إلى اتخاذ موقف حازم تجاه روسيا للدفاع عن المصالح السياسية والأمنية الأساسية. وشارك الوزراء في اجتماع شهري منتظم في بروكسل مهمته مراجعة، وللمرة الأولى منذ عام، العلاقات التي توترت مع موسكو بسبب الأزمة الأوكرانية. وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، «يجب أن نكون واضحين حول طريقة إدارة علاقات الاتحاد الأوروبي مع روسيا في المستقبل». وأضاف أثناء توجهه إلى الاجتماع، بحسب ما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية، «يجب أن تكون لدينا علاقات مع روسيا»، واستدرك قائلاً: «لكن لا نستطيع أن نتجاهل التحدي الذي تمثله تجاه قيمنا وأمننا، علينا أن نكون حازمين في الدفاع عن قضيتنا ومبادئنا».
من جهتها، أكدت المفوضة الأوروبية العليا للشؤون الخارجية والأمن فيدريكا موغيريني التي كانت وزيرة لخارجية إيطاليا قبل أن تتولى منصبها في التكتل الموحد في 2014 واعتبرت مؤيدة لتوثيق العلاقات مع روسيا، أن الوقت قد حان لمراجعة تلك العلاقات. وصرحت «ما نناقشه اليوم (أمس) هو وضع العلاقات مع روسيا، وتبني موقف موحد مشترك بشأن المبادئ التي تقود ذلك».
وفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات اقتصادية صارمة على روسيا بسبب استعادتها لشبه جزيرة القرم في آذار 2014، ودورها في الأزمة الأوكرانية، ما أدى إلى توتر شديد في العلاقات يذكر بأيام الحرب الباردة.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء عن مصدر مطلع لم تذكر اسمه، أن الوزراء الأوروبيين بحثوا خلال اجتماعهم، التحضير لزيارة محتملة لموغيريني إلى موسكو.
وتزايدت الدعوات في الأشهر الأخيرة لدراسة إمكانية عمل الاتحاد الأوروبي مع موسكو لحل المشاكل الدولية، وأهمها الأزمة السورية التي تتسبب في زعزعة استقرار المنطقة وأدت إلى أسوأ أزمة لاجئين تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وقال هاموند: إن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاتصال بحليفه الرئيس بشار الأسد «للسيطرة عليه» حتى يفي بالتزامات روسيا للحفاظ على الهدنة الهشة في سورية. وأضاف: «نتوقع من الرئيس بوتين الذي دعم الرئيس الأسد بكميات كبيرة من الأسلحة والالتزام السياسي، أن يكون قادراً على السيطرة على (الرئيس) الأسد»، وأضاف: «الآن هناك انطباع بأن الأمور تسير على غير وجه».
في مقابل ذلك، رأى محللون وسياسيون أن موسكو وواشنطن وضعت يدها على الوضع في سورية وأن الدولتين تقودان الجهود لحل الأزمة السورية. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الرئيس المشترك لمجلس سورية الديمقراطية هيثم مناع، «تتباحث القوتان الكبريان عبر الهاتف وفي أي مكان في العالم، ومن ثم تبلغان قرارهما لحلفائهما السوريين ولـ(موفد الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان) دي ميستورا». وأضاف إن روسيا والولايات المتحدة «تحددان خطوطاً حمراء للقوى الإقليمية لا يجدر بها تخطيها. فيحذر الأميركيون الأتراك من أي عملية داخل سورية، ويطلبون من السعوديين التوقف عن إرسال السلاح. وتقوم روسيا بالأمر نفسه مع إيران».
ويُعد اتفاق وقف الأعمال القتالية الذي بدأ العمل به في 27 شباط النموذج الأفضل على التعاون الروسي الأميركي. وخلافا للتوقعات، لا تزال هذه الهدنة التي فرضتها موسكو وواشنطن صامدة بشكل عام.
وعلى ذات المنوال أكد الخبير في شؤون الشرق الأوسط بمعهد كارنيغي للأبحاث جوزف باحوط أن الولايات المتحدة وروسيا تمسكان بـ«زمام القيادة وتحتكران الموضوع السوري»، في حين قال أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الأميركية في بيروت باسل صلوخ «ما بدأ على أنه حراك غير عنفي، تحول إلى نزاع متداخل بين أطراف محلية وإقليمية ودولية على سورية». واعتبر أن «الخلافات الجيوسياسية والطائفية» سمحت للقوى الكبرى أن «تقدم نفسها على أنها الحكم الفصل في هذه النزاعات السورية المتشابكة»، واستنتج من كل ذلك أن «المصالح الإستراتيجية لروسيا والولايات المتحدة، وليس تطلعات الشعب، (هي ما سيحدد) شكل التسوية في سورية».
ومن موسكو، أوضح رئيس تحرير مجلة «روسية والسياسة العالمية» فيودور لوكيانوف، أنه و«بعد نحو 30 عاماً على نهاية الحرب الباردة، يتبين أن واشنطن وموسكو هما الدولتان الوحيدتان القادرتان على اتخاذ القرارات وتنفيذها، كما في الأيام الغابرة»، وأضاف «الدول الأخرى لا تريد أو لا تستطيع القيام بذلك، هذه هي حصيلة النظام العالمي الجديد».
وتابع لوكيانوف، الذي يترأس مجلس السياسات الخارجية والدفاعية المرتبط بوزارة الدفاع الروسية، «هذا لا يعني أنهما ستتمكنان من حل كل المشاكل، فعلى الأرض يعود الأمر إلى القوى الإقليمية، وموسكو وواشنطن لا تسيطران عليها بالكامل»، لكنه أضاف مؤكداً «تبقى واشنطن وموسكو الدولتين الوحيدتين القادرتين على دفع الأطراف المتنازعة نحو السلام».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن