سورية

الجبير يرحب بالانسحاب الروسي «عله يرتب تنازلات من دمشق» … كيري يزور موسكو لتحقيق مزيد من التفاهمات بشأن سورية.. والكرملين راض عن التعاون مع واشنطن في جهود التسوية

| وكالات

بينما كانت الإشادات تتوالى على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لقراره سحب الجزء الأساسي من قوات بلاده الجوية من سورية، كان المسؤولون الروس مهتمين بتوضيح حدود الخطوة الروسية، مؤكدين أنها لن تضعف مواقف القيادة السورية أو الجيش العربي السوري، وذلك بالترافق مع استمرار تدفق الطائرات الروسية من سورية عائدةً إلى المطارات الروسية. وحرك الإعلان الروسي الأجواء أمام مزيد من التفاهمات الروسية الأميركية، التي يستعد وزير الخارجية جون كيري لتحقيقها في موسكو بعد أقل من أسبوع.
وقبل يومين، صرح كيري متلقفاً الإعلان الروسي، قائلاً: «هذه لحظة يجب اغتنامها»، وشدد على وجوب إنهاء معاناة الشعب السوري والتركيز الدولي على تحقيق السلام الدائم في الدولة التي مزقتها الحرب عبر العمل من أجل «الانتقال السياسي الحقيقي».
وأوضح الناطق الرسمي باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف أن «العمل مستمر في الوقت الراهن على بحث احتمال لقاء الرئيس الروسي بـ(كيري)، بينما من المرجح زيارة الأخير إلى موسكو للقاء نظيره الروسي (سيرغي لافروف)»، وأعرب عن استعداد الجانب الروسي لـ«بحث القضايا الملحة، وفي مقدمتها طبعاً التطورات في سورية، بما يشمل تنسيق الجهود المشتركة الرامية إلى دفع العملية السلمية والتسوية».
وفي إجابة للصحفيين عن احتمال تحسن العلاقات بين موسكو وواشنطن في إعقاب إعلان روسيا سحب الجزء الأساسي من تشكيلاتها الجوية من سورية، أكد أن «الأمر الأهم في الوقت الراهن يكمن في تحريك العملية السلمية والتسوية في سورية»، وأكد أن استعداد واشنطن لتعزيز جهود تحريك التسوية «هو بالتأكيد ما يبعث على الرضا»، وشدد على أن «الشغل الشاغل حالياً لموسكو وواشنطن هو التركيز على ذلك».
ومن جهة أخرى، أكد بيسكوف أن ما يشاع في وسائل الإعلام حول أن كلفة العملية الجوية الروسية في سورية قد بلغت 38 مليار روبل، مناف للكلفة الحقيقية.
وفي وقت سابق من يوم أمس، أكدت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن زيارة كيري سيتم تكريسها لبحث آخر التطورات على مسار التسوية السورية. وشددت على أن تخفيض عديد القوات الروسية في سورية لن يضعف الجيش السوري أو مواقف القيادة السورية.
ونبهت زاخاروفا إلى أن «محاولات الغرب إظهار عملية القوات الروسية لضرب الإرهاب في سورية، وكأنها أفغانستان جديدة بالنسبة لها، كانت دعاية إعلامية مأجورة باءت بالفشل ومنظموها بدؤوا يتراجعون عن مواقفهم». وجدد المسؤولون الروس تأكيدهم تمسك بلادهم بموقفها الثابت في مواصلة ضرب الإرهابيين الدوليين في سورية.
وقال نائب أمين مجلس الأمن القومي الروسي يفغيني لوكيانوف: «نحن نتخذ هنا موقفا ثابتاً.. وهو أن تنظيم داعش وجبهة النصرة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية المدرجة على لائحة الإرهاب الدولية يجب القضاء عليها»، مشدداً على عزم روسيا على مواصلة ضرب الإرهاب في سورية.
وشدد لوكيانوف على أن «سياسة روسيا للمصالحة في سورية تحمي الحق السيادي للشعوب بانتخاب قيادتها»، لافتاً إلى وجود فرصة حقيقية لتعزيز وقف الأعمال القتالية بغض النظر عن «هشاشته».
وأقلعت مجموعة جديدة من الطائرات الحربية الروسية من قاعدة حميميم الجوية في سورية في طريق العودة إلى قواعدها الدائمة في روسيا، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن وزارة الدفاع الروسية. وأضافت الوزارة في بيان لها أمس: إن المجموعة تضم طائرة نقل إليوشن76 ومقاتلات من نوع سوخوي25.
وعرضت قناة «روسيا 24» التلفزيونية لقطات حية لعدد من المقاتلات (طراز سوخوي24) تقلع من قاعدة حميميم، وقال مذيع الأخبار: إن الطائرات عائدة إلى قواعدها في روسيا.
وفي المواقف الدولية، برز أمس ترحيب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ بالقرار الروسي، معتبراً إياه «مساهمة في الجهود الرامية لخفض التوترات العسكرية وإيجاد حل سلمي للأزمة السورية.
وبدا ستولتنبرغ حذراً إذ اعتبر أنه لا يزال يتعين النظر إلى العواقب المترتبة على الانسحاب الروسي، لكنه «سيرحب بأي عمل يقلل من التوترات العسكرية في سورية».
ومن القاهرة، أشاد الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي بالقرار الروسي، معتبراً إياه «خطوة إيجابية» لإنجاح محادثات جنيف. وقال العربي في بيان رسمي: إن «هذا الإعلان الروسي جاء في توقيت مناسب، ويمثل خطوة إيجابية مهمة باتجاه تعزيز الجهود المبذولة من مجموعة الدعم الدولية الخاصة بسورية لإنجاح مسار مفاوضات جنيف الجارية تحت رعاية الأمم المتحدة وكذلك لتثبيت الهدنة القائمة ووقف الأعمال القتالية».
ودعا العربي جميع الأطراف السورية إلى «التحلي بالحكمة والمرونة وتغليب المصالح العليا للشعب السوري حتى يمكن التوصل إلى اتفاق نهائي حول خطوات المرحلة الانتقالية التي تحقق تطلعات الشعب السوري في الحرية والتغيير وبما يحفظ وحدة سورية واستقلالها وسلامتها الإقليمية».
وفي الرياض، صدرت تصريحات شاذة عن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي اعتبر الانسحاب الجزئي للقوات الروسية «خطوة إيجابية للغاية»، معرباً عن أمله أن يجبر هذا الرئيس بشار الأسد على تقديم تنازلات!
وتابع الجبير: إن المملكة تأمل في أن يسهم الانسحاب الروسي في تسريع وتيرة العملية السياسية التي تستند إلى إعلان جنيف 1 وأن يجبر نظام الأسد على تقديم التنازلات اللازمة لتحقيق الانتقال السياسي.
ورداً على تكهنات تترد في سوق النفط عن «صفقة كبرى» تتعلق بسياسة النفط السعودية والسياسة الخارجية لروسيا، نفى الجبير وجود مثل هذه الصفقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن