إسرائيل ومخططها المعلن حتى عام 2030
تحسين الحلبي:
يخطئ من يعتقد أن وجود حكومة إسرائيلية بأغلبية واسعة هو الشرط اللازم دائماً لشن عدوان عسكري على الجوار، فقبل أن يستلم نتنياهو الحكم في آذار 2009 كانت حكومة أيهود اولميرت وحزب كاديما لا تزيد الأغلبية التي كانت تتمتع بها على عدد قليل من المقاعد ورغم ذلك شنت حكومته عدوانا عام 2006 ضد لبنان دام 34 يوماً حين هزمته قوات حزب اللـه ومنعته من تحقيق أهدافه ثم عاد وشن عدوانا واسعا على قطاع غزة بعد عامين دام أكثر من عشرين يوماً تمكنت المقاومة الفلسطينية من صده وإحباط أهدافه. وبعد ثلاثة أعوام شن نتنياهو عدوانا على القطاع تلاه بعدوان آخر من دون أن يحقق أي هدف ملموس باستثناء ارتكاب المذابح وتدمير المباني والبنى التحتية.
وتبين منذ عام 2006 أن ما تحققه الحكومات الإسرائيلية من أهداف مثل التوسع الاستيطاني في الأراضي المحتلة وتهويد مدينة القدس والمناطق المحيطة بها لا يجري من خلال العمل العسكري العدواني المباشر بقدر ما يجري من خلال صمت مشبوه من النظام الرسمي العربي الذي فتح الحروب الداخلية وجعلها تعبر الحدود ضد الدول التي تقاوم التوسع الصهيوني وتدعم الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه. فإسرائيل كانت تراهن دوما على دور هذا النظام الرسمي العربي في استكمال توسعها على حساب الدول العربية المجاورة وخصوصاً سورية ولبنان ومصر والأردن ولذلك يرى مركز الأبحاث الإسرائيلي للأمن القومي أن توريط دول الخليج لصدّام في حربه ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1980 ثم توريط واشنطن لصدّام في احتلال الكويت وشن حرب مدمرة ضده لاستعادة الكويت عام 1991 شكل مرحلة انعطاف إستراتيجية للمصلحة الإسرائيلية وأجبر منظمة التحرير الفلسطينية على التوقيع على اتفاقية أوسلو عام 1993 التي تمكنت إسرائيل من خلالها تفتيت قدرات الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج وتكثيف الاستيطان بالإضافة إلى تضييق غير مسبوق لهامش مناورة السلطة الفلسطينية وحبسها في دائرة الشروط الإسرائيلية. ويضيف مركز الأبحاث الإسرائيلي إن حرب السعودية على اليمن في آذار الماضي واستمرار الحرب الداخلية على سورية ومصر والعراق سيتشكل منها مرحلة انعطاف إستراتيجية أصبحت إسرائيل مطالبة باستغلالها من أجل إزاحة المبادرة العربية نهائياً لأنها ظهرت عام 2002 والعالم العربي يمر الآن بمرحلة جديدة تتوافر فيها كل شروط تصفية قضية فلسطين وإمكانية إعادة رسم خريطة سياسية لدول المنطقة من وجهة النظر الإسرائيلية- الأميركية المشتركة. فحرب السعودية على اليمن ستولد بنظر عاموس يادلين رئيس المخابرات الإسرائيلية سابقا ومدير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي الفرصة غير المسبوقة لفرض جميع شروط ومتطلبات التوسع الإسرائيلي بموجب إستراتيجية الأمن القومي الإسرائيلية على المدى القريب والبعيد، ولذلك يقول يادلين إن ما تحقق لإسرائيل من حروب العرب بعضهم على بعض سواء داخل الدول أو عبر الحدود يفوق كل ما أنجزته الحروب الإسرائيلية على الفلسطينيين وعلى الدول المجاورة لها، ويستنتج يادلين أن العرب سينشغلون في حروبهم وفي مرحلة ما بعد هذه الحروب حتى عام 2030، ولذلك يدعو نفتالي بينيت رئيس حزب البيت اليهودي إلى الاستعداد لتنفيذ مشروع الدولة اليهودية أي دولة اليهود وحدهم على حساب فلسطين كلها وعلى حساب خريطة حدود جديدة لدول المنطقة.