سورية

عشية لقاء بوتين كيري.. لافروف يشيد بالتطبيق الناجح جداً للهدنة … الكرملين يشهد محادثات مهمة حول سورية.. وشتاينماير يريد حلاً يبقيها «علمانية»

| وكالات

تتجه الأنظار اليوم إلى الكرملين حيث يجري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات مهمة حول سورية. وتأتي اللقاءات في العاصمة الروسية وسط اتفاق ألماني روسي على الحاجة لمحادثات سلام سورية في جنيف «تشمل جميع الأطراف»، وانتقاد روسي لأوروبا التي لا تزال تعلق تعاونها الأمني مع روسيا، وتمارس «ألاعيب جيوسياسية» في حين يحتدم التهديد الإرهابي على أراضيها. كما انتقدت روسيا تركيا التي تستمر أفواج الإرهابيين والأموال تتدفق عبر حدودها إلى سورية.
الدبلوماسية الروسية التي تستعد لمناقشة سبل الرد على منتهكي اتفاق «وقف العمليات القتالية» في سورية، أشادت بـ«التطبيق الناجح جداً» للهدنة، معتبرةً أنها «تتعزز».
أما برلين والتي كانت اللاعب الأكبر في التوصل إلى اتفاق إعادة قبول اللاجئين السوريين بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، أكدت أن المفتاح لحل أزمة اللاجئين في أوروبا يتمثل في إيقاف الحرب في سورية، وشددت على ضرورة بقاء هذه الدولة «علمانية» في أي حل لأزمتها، لكن ألمانيا واصلت تدخلها في الشأن السوري، زاعمةً أن الرئيس بشار الأسد لا يمكن أن يصبح رئيساً مقبولاً من جميع السوريين.
وتحولت موسكو أمس وأيضاً اليوم إلى خلية عمل دبلوماسية بشأن سورية. ومن المقرر أن يستقبل بوتين اليوم الخميس ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ووزير الخارجية الأميركي، بعد أن التقى أمس وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير.
وأشار المكتب الإعلامي للرئاسة الروسية في بيان إلى أنه من المتوقع أن يجري خلال المباحثات الروسية الإماراتية تبادل للآراء بشأن الوضع في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولفت البيان، الذي نقله موقع «روسيا اليوم»، إلى أن اهتمام الجانبين سيركز على التسوية السياسية في سورية في إطار تنفيذ الاتفاقات الروسية الأميركية حول وقف العمليات القتالية في سورية، وكذلك قرار الرئيس الروسي سحب الجزء الأساسي من القوات الروسية من هذا البلد.
في الأثناء حط وزير الخارجية الألماني بشكل مفاجئ في العاصمة الروسية، والتقى بوتين ورئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيدف ووزير الخارجية سيرغي لافروف. ووصل شتاينماير إلى موسكو بعد أسابيع من شيوع تقارير تحدثت عن قلق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من اتفاقية «يالطا» جديدة بين الروس والأميركيين، لتنظيم شرق أوروبا والشرق الأوسط، يجري استبعاد الأوروبيين منها.
وأعلن الرئيس الروسي أن اللقاء مع شتاينماير يجري على خلفية أحداث مريعة ومأساوية في بلجيكا، وذلك في حين أشار وزير الخارجية الألماني إلى أن أحداث بروكسل بالذات تدل على أننا نعيش في عالم يعج بالنزاعات والتوتر، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط، ودعا إلى ضرورة توحيد الجهود في مكافحة الإرهاب، معرباً عن رغبته في التطرق مع بوتين إلى الوضع في كل من سورية وأوكرانيا، وذلك في حين اقترح الأخير مناقشة العلاقات الثنائية بين روسيا وألمانيا وبين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وبعد مباحثات ميدفيدف شتاينماير، توقع رئيس الوزراء الروسي أن تؤثر التفجيرات الإرهابية في بروكسل بشكل ملحوظ على السياسة الأوروبية، وأكد أن روسيا ستأخذ هذه الهجمات بعين الاعتبار لدى ترتيب أولوياتها الخارجية ولدى اتخاذ القرارات في مجال الاقتصاد.
بدوره أكد شتاينماير أن المفتاح لحل قضية اللجوء إلى أوروبا يكمن في إيقاف الحرب في سورية. ودعا اللاعبين الخارجيين إلى ممارسة الضغوط الفعّالة على أطراف النزاع السوري من أجل تسويته.
وفي وقت سابق أجرى الوزير الألماني محادثات مع نظيره الروسي تركزت على سورية وأوكرانيا. وقال لافروف في مؤتمر صحفي مشترك بعد المحادثات، «لقد بحثنا المسألة السورية، وأشرنا إلى أن نظام الهدنة تعزز هناك، وإلى أنه يعمل بصورة ناجحة جداً، بشكل عام». وأضاف: إن الطرفين تبادلا الآراء حول سبل الرد على الخروقات المنفردة لهذا النظام، وتناولا كيفية إحراز تقدم في حل القضايا الإنسانية بصورة فعالة.
وبشأن محادثات جنيف قال لافروف: إن موسكو وبرلين ترحبان بهذه العملية وتؤكدان ضرورة ضمان الطابع الشامل للحوار السوري، لكي يتحقق في إطاره تمثيل للحكومة ولكافة أطياف المعارضة، بما في ذلك الأكراد. وربط دعوته إلى ضمان التمثيل الواسع للأطراف السورية في مفاوضات جنيف بضرورة التركيز، خلال المحادثات، على تنسيق أسس كيان الدولة السورية، وكيفية تمكين كافة المجموعات الإثنية والطائفية في سورية من التعايش بسلام وأمان، وفق ما تنص عليه قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
كما أشار رئيس الدبلوماسية الروسية إلى استمرار تدفق النفط المهرب من سورية عبر الحدود إلى أراضي تركيا، بالإضافة إلى استمرار تدفق الأسلحة والإرهابيين. وأردف قائلاً: «إننا نرصد استمرار التدفقات على الحدود التركية السورية في الاتجاهين، وذلك على الرغم من تراجع ذلك بقدر كبير بعد أن شنت القوات الجوية والفضائية الروسية عمليات لقطع طرق تهريب البضائع عبر الحدود، ولاسيما النفط والمشتقات النفطية المهربة من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش».
وذكر بأن عمليات سلاح الجو الروسي لمعالجة هذه القضية، لفتت انتباه التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي بدأ بدوره باستهداف منشآت نفطية وقوافل ناقلات نفط. كما جدد إصرار موسكو على التطبيق الكامل للقرار الدولي الخاص بوضع حد للتجارة غير الشرعية مع داعش والتنظيمات الإرهابية الأخرى، وقطع قنوات تسلل الإرهابيين إلى سورية.
بدوره أكد شتاينماير أن برلين وموسكو تتفقان حول ضرورة أن تبقى سورية دولة موحدة وعلمانية تحمي مصالح كافة المكونات في مجتمعها. وأردف قائلاً: «إذا أردنا إنجاح عملية التسوية السورية، فعلينا أن نواصل جهودنا وممارسة الضغط على أطراف النزاع» وحث كل الأطراف على عدم تعطيل المحادثات. وتابع «ندرك جميعاً… أنه ليس هناك وقت لنضيعه. يجب على الجميع بما في ذلك أطراف الصراع ألا تحاول أن توقف عقارب الساعة في هذه المرحلة». ووصف التقدم الذي تم إحرازه في سياق التسوية السورية بأنه غير مسبوق منذ اندلاع الأزمة قبل 5 سنوات. كما طالب بوجوب «إطلاق المفاوضات حول تبادل الأسرى بين ممثلي النظام والمعارضة».
وفي مستهل المحادثات بين الوزيرين، أعرب لافروف عن أمل بلاده في أن تتخلى الدول الأوروبية عن الألاعيب الجيوسياسية وتوحد الجهود مع موسكو لمواجهة الإرهاب الدولي، معلقاً بذلك على تفجيرات بروكسل.
واعتبر أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا قادرة على لعب دور رئيسي ومهم في محاربة الإرهاب وخاصة أن التعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي و«ناتو» معلق حالياً.
ومن المفترض أن يكون شتاينماير قد اجتمع مع نظيره الأميركي أمس.
واستبق شتاينماير مباحثاته الروسية بإطلاق تصريحات قال فيها «شخصياً لا أتصور.. كيف يمكن أن يصبح (الرئيس) الأسد شخصية مقبولة لجميع مجموعات السكان السورية»، وذلك في رد على سؤال خلال مقابلة وكالة «انترفاكس» الروسية للأنباء عما إذا كانت برلين تطالب برحيل الرئيس الأسد فوراً، أم تقبل بقاءه في السلطة خلال المرحلة الانتقالية. إلا أن الوزير الألماني عاد وشدد على ضرورة أن يتوصل السوريون أنفسهم إلى اتفاق بشأن المستقبل السياسي لسورية بأنفسهم. وأضاف قائلاً: «مهما ستكون القيادة المستقبلية للبلاد، فلن تقدر على ضمان السلام والاستقرار إلا بعد نيل تأييد واسع في أنحاء البلاد كافة».
وأشاد بسحب روسيا قواتها من سورية بشكل جزئي، معتبراً أنه «يمكن أن يعطي دفعة جديدة للمفاوضات السلمية في جنيف». وأعرب عن أمله في أن تستفيد دمشق من هذه الفرصة لإجراء مفاوضات جادة حول عملية سلمية للانتقال السياسي مع الحفاظ على كيان الدولة في سورية وآفاق التعايش السلمي لمختلف مجموعات السكان.
وأكد أن بلاده لا تتوقع أن يعود اللاجئون السوريون في ألمانيا إلى وطنهم قريباً، مستبعداً وجود صلة بين عودة اللاجئين وقرار روسيا سحب قواتها من سورية. وقال: «على الرغم من إحراز تقدم ملحوظ على الطريق إلى إحلال الهدنة، إننا لم نتوصل إلى هذه النقطة (عودة اللاجئين) بعد، إذ مازال مئات الآلاف داخل سورية معزولون عن توريد المواد الغذائية والأدوية».
وحدد الظروف التي تسمح بتراجع تدفق اللاجئين قائلاً: «إذا تمكنا من تعزيز نظام وقف إطلاق النار، وضمان وصول الإمدادات إلى السكان في كافة أراضي سورية، وتحقيق تقدم في إطار مفاوضات السلام»، لكنه رأى أن خفض تدفق اللاجئين «غير ممكن.. إلا بجهود مشتركة»، معتبراً أن النفوذ الذي تتمتع به روسيا على الحكومة السورية قد يلعب دوراً مهماً جداً في هذه الجهود.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن