سورية

لاستعادتها وطرد داعش منها معنى متميز … زنوبيا تعود إلى عرشها في تدمر

| ميسون يوسف

لاستعادة تدمر وطرد داعش الإرهابية منها معنى يختلف ويتمايز عن كل عمليات التطهير التي قام بها الجيش العربي السوري في الأشهر الماضية وسبب ذلك مقترن بما تشكله تدمر من رمزية ودلالة، ففي التاريخ تجد تدمر منارة الشرق التي على عرشها تربعت المرأة ملكة تقول إن الشرق هو أول من احترم المرأة وأقر لها بالقدرة على القيادة والمساواة مع الرجل، وفي الآثار والحضارة تحتضن تدمر من الكنوز الأثرية ما جعل كل العالم المتحضر وهيئاته التي تفهم وتهتم بالآثار الدالة على الحضارات تهتز مع كل تفجير همجي ينفذه داعش ضد أثر هنا أو مقبرة سردابية هناك أو برج في تدمر ومحيطها، أما في الجغرافيا والإستراتيجية وهذا ما قد يهتم له أكثر المعنيين بالميدان السوري فتدمر تشكل خطوط الدفاع الأولى غربا التي أعدتها داعش لتحمي ما زعمت أنه دويلتها في المنطقة الشرقية لسورية.
في تدمر يتعانق التاريخ مع الجغرافيا مع الحضارة والثقافة والميدان والشؤون العسكرية والإستراتيجية لترسم لتدمر خصوصية وفرادة عن كل ما عداها من المناطق ولهذا كان حقاً للجيش العربي السوري وحلفائه مع القوات الرديفة أن يبتهجوا بهذا الإنجاز الوطني الميداني والعسكري الإستراتيجي، وهو بنار بنادقه وإرادة جنوده سطر صفحة مشرقة بأحرف من نور تنبئ بأن منظومة الدفاع عن سورية ومحور المقاومة يسيران بخطا واثقة تتقدم لاستعادة كل شبر من أرض سورية العظيمة وتسقط العدوان بكل أوجهه.
لقد ظن التنظيم الإرهابي المحتضن من قيادة العدوان على سورية وبمؤازرة وإسناد تام من المنظومة الوهابية السعودية، أن ما نفذه من تحصينات في تدمر وما حضره من مواقع ستحميه في المدينة وتؤمن له حماية المنطقة الشرقية من سورية حيث دخل إليها في غفلة من الزمن وأفسد أمنها، ظن هذا التنظيم الإرهابي أن حصونه مانعته من نار الجيش ومن بأس جنودنا وقبضات إرادتهم، لكن ظنه خاب وأثبت الجيش العربي السوري احترافاً لا يدانيه احتراف وإرادة قتال فولاذية وطموحاً واستعداداً للتضحية في مشهد اختصره ثلة من الجنود الذين خاضوا معركة تطهير تدمر وشاؤوا أن يزفوا البشرى لأهلهم مستبشرين بما حصل وبما سيقومون به مستقبلا، يزفون البشرى متجاوزين كل الصعاب التي لاقوها أو التضحيات التي تنتظرهم وهم لها جاهزون. ومع هذا الإنجاز العسكري ذي البعد الإستراتيجي العميق كما يصف الإستراتيجيون يكون المشهد السوري قد انقلب رأساً على عقب في غير صالح الإرهاب ورعاته، انقلاب يطرح سؤالا كبيراً على من أراد أن يسقط سورية بالإرهاب، سؤال مضمونه هل حان الوقت لترتدعوا عن عدوانكم وتتوقفوا عن الاستثمار به، وهل إن ضربات باريس وبروكسل الإرهابية ستكون كافية ليقظتكم؟ ثم هل آن الأوان لتكونوا في جانب من يحارب الإرهاب نيابة عن العالم؟ ولكن مهما كانت إجاباتهم فإن سورية ماضية قدما في حربها على الإرهاب، وقد باتت في وضع يؤكد العارفون فيه أنها انتصرت وما المسألة إلا مسالة وقت أقصر بكثير مما مضى، وكما أعاد رجال الجيش العربي السوري تدمر إلى كنف الوطن مع مليكتها زنوبيا الشاهدة على عظمة التاريخ السوري، ستعيد الأمن إلى كل ربوع سورية وبكل ثقة وتأكيد.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن