مواهب تحضّر نفسها للانطلاق في ميادين متنوّعة … صلحي الوادي وطلاب قسم الغناء … التدريب هو طريق النجاح
| عامر فؤاد عامر
قدّم معهد «صلحي الوادي» حفلاته خلال شهر آذار في أقسامه الموزّعة بين الموسيقا والغناء، وكان لـ«الوطن» دعوة لمتابعة حفلة طلاب الغناء في قسميه الغربي والشرقي، وقد تابعنا الحفلة لنجد كثافة في الحضور، على ضيق المساحة، واهتماماً من الناس الذين حضروا، وكانوا بين أهالٍ للطلاب، وأصدقاء، ومهتمين، ومرتادين لمعهد صلحي الوادي، وكانت الأجواء احتفاليّة، وجميلة، وتحمل حالة من التشجيع، والمنافسة، والحماسة.
الطلاب محور المكان
أستاذ الغناء، ومغني الباريتون «فادي عطية»، الذي كان له حفلة مؤخراً في دار الأوبرا السوريّة، هو المشرف على طلاب الحفل في قسم الغناء الغربي، وقد كان لنا معه هذه الكلمة: «الحفل يقام سنويّاً للطلاب، كتجربة وبروفة للوقوف على المسرح والتعلّم منه، وهو يقدّم أمام جمهور لكنه من نشاطات المعهد الواجبة، وذلك للتهيؤ نحو مسارح كبيرة مستقبلاً، فمن هذا المكان الذي هو الرحم في ميدان الموسيقا في سورية؛ ننطلق إلى البوابات الأخرى في عالم الغناء والموسيقا، وبالمقارنة بين السنوات لا يسعني القول إلا أن هناك تطوّراً لدى الطلاب بسبب التدريب والاهتمام، ودائماً هناك مفاجآت وظروف وسير نحو الأمام تواجه أيّ حفلة، واليوم بدأ القسم الشرقي بالظهور والتميّز أكثر من السابق، وكذلك حضور الناس كان بارزاً هذه المرّة، فهناك المزيد من الناس الراغبين في المتابعة لو أن المكان يسمح بذلك، وهذا سيخلق قوّة لدى الطلاب بكلّ تأكيد، لأنهم يشعرون أنهم محوّر المكان، وهذا يخلق حافزاً قوياً لهم للاستمرار والعمل».
من قسم الغناء الغربي
التقينا «جودي عمايري» وهي إحدى الطالبات في قسم الغناء الغربي والتي قالت عن مشاركتها في الحفلة: «هذه سنتي السادسة في معهد «صلحي الوادي» وفيه تخرجت في العزف على آلة العود أيضاً، واليوم غنيت في الحفلة أغنية «آفاماريا» لـ«شوبرت» والتي تدربت عليها أياماً قليلة كوني أعرفها منذ سنوات، ولدينا تحضيرات قادمة ستكون لحفلٍ جديد،، وأرغب أن أتابع دراستي في المعهد العالي للموسيقا في دمشق، لتعلّم الغناء الأوبرالي فيه».
أمّا الطالبة «دوريس شقرا» فأضافت: «قدّمت أغنيتين في الحفلة هما «كمان إليس لليان هابيس براميس لبلك هويدن، وتدربت 4 أشهر للأغنية الأولى، وأمّا الثانية فمنذ بداية هذا العام، وقد أشرف عليهما كلّ من الأستاذين «معتز عويتي»، و«فادي عطية»، وطموحي هو التوجّه نحو المعهد العالي للموسيقا، لكني اليوم أعمل على اكتشاف شخصيّتي من خلال التدريب في البيت على الغناء ليكون صوتي هو من يظهر وليس بتقليد المغنين والتشبّه بأصواتهم، وأنا عموماً أحبّ الاستماع كثيراً لإيديل وبيل كويدن».
مُناخٌ صحيّ
تقليد سنوي يقوم به معهد «صلحي الوادي» في تجسيّد نموذج مصغّر للحفلة، من خلال تدريب طلابه على الوقوف على خشبة المسرح ومراقبة الجمهور المدعو للمتابعة، بصورة تقارب مناخاً صحيّاً محفزاً للطلاب؛ مع أنفسهم لتطوير ملكاتهم، ومراقبة ذواتهم، وللمنافسة فيما بينهم، والتعرف على الخشبة، ومراقبة الجمهور لهم، كما أن المسألة بحدّ ذاتها مهمّة للأساتذة في خلق روح المتابعة، والإصرار على تقديم الأفضل في كلّ الخطوات المستقبليّة.
كسر الرهبة
أستاذ الغناء الشرقي الفنان «سومر نجار» الذي اجتهد مع طلابه في هذا الحفل، كان له معنا هذا التصريح أيضاً: «جاء هذا النشاط على خلفية دراسة الطلاب في المعهد لقسم الغناء، وأردنا أن يرى زوّار المعهد هذه المواهب، والحالة الاحترافيّة لهؤلاء الطلاب، وما اشتغلوه في الامتحانات السابقة، وهو جزءٌ من نشاط المعهد، ونحاول أن يشترك جميع الطلاب فيه، حتى ولو كانت المستويات مختلفة ومتباينة، فالتمرّس على خشبة المسرح، ومواجهة الجمهور، سيمنحهم خبرة جيدة لكسر الرهبة التي يخلقها المسرح، كما أن هذا المكان صدّر الكثير من الأصوات التي هي أهم الأصوات في الساحة الفنيّة اليوم، وعموماً مواجهة الجمهور هو امتحان مهمّ للطلاب؛ لكي يروا مدى تقبّل الناس لهم، والاندماج مع ما يؤدون، بغضّ النظر إن كان الجمهور مختصاً أم لا، والمنافسة جميلة هنا لرؤية إمكانيّات الطلاب، والمنافسة بين الأساتذة، وإظهار التعب الذي يقدّم من خلال البرامج التي يعتمدها الأساتذة، فهذا الأمر صحي للمنافسة وتطوير المقدرات، ويمكن القول إن ما نراه هو بروفة للتمهيد لهؤلاء الأطفال كي يكونوا محترفين وأسماء لامعة في مجالاتهم، وبدوري أشكر إدارة المعهد، التي سلّطت الضوء على قسم الغناء مؤخراً، لتظهر نتائجه أكثر».
تجربة جديدة
أيضاً التقينا الفنانة «إيناس لطوف» التي كانت مدرسة لطلاب قسم الغناء الشرقي وقدّمت تجربتها معهم وحول ذلك تعلّق: «تجربة التدريس في معهد صلحي الوادي جديدة بالنسبة لي، ولكن أحببت ما قُدّم اليوم من الأساتذة، فبالتأكيد هي جهود مشكورة، وهناك خامات لا يمكن تجاهلها وتستحق التعب والمتابعة، وهناك طلاب مميزون لفتوا انتباه الجمهور، وأتمنى من الآخرين أن يجتهدوا أكثر، وما قدّمته بالنسبة لطلابي هو في إطار التجربة الجديدة بالنسبة لهم، وهم لأوّل مرة يظهرون على المسرح، وأعتقد أنّهم نجحوا في هذه الخطوة، وسأسعى معهم لتقديم الأفضل في الفصل الجديد القادم».
طلاب الغناء الشرقي
ومن طلاب قسم الغناء الشرقي الذين قدّموا أغنياتهم على المسرح التقينا الطالب «زين علي» الذي قال: « أنا سنة أولى تحت الشرط، وفي العام المقبل سأتوجّه إلى المعهد العالي للموسيقا بعد الانتهاء من مرحلة الدراسة الثانويّة، وقد أشرفت على تدريبي مُدرسة الغناء الشرقي «إيناس لطوف» وأشكرها كثيراً، وقدّمت أغنية «رح حلفك بالغصن يا عصفور» للفنان «وديع الصافي» وقد بقيت أتدرب عليها وقتاً طويلاً، وكنت أتوقع أن أقدّم أفضل من ذلك؛ ولربما وقع مقابلة الجمهور هو السبب، وفي العام المقبل سأحاول المشاركة في برنامج ذا فويس».
أمّا الطالب «جمال الدين زغلول» فأضاف: «قدّمت أغنيتين هما «ولو» للفنان «وديع الصافي» و«طلّوا حبابنا» للفنان «زكي ناصيف»، وأنا من طلاب السنة الثالثة في الغناء، وسنة ثالثة في دراسة آلة الكمان، وسنة أولى في البيانو، ومدّة التدريب جاءت قرابة شهر فقط، وكلّ هذا يأتي للتحضير من أجل حفلات دار الأوبرا التي أرغب في المشاركة فيها، وأشكر مُدرستي «إيناس لطوف» على تعبها معي».
الطالبة «ياسمين قويدر» التي غنّت للفنانة «ليلى مراد» وصفق لها الجمهور، أكثر من مرّة، تقول: «تدرّبت على أغنية «أنا قلبي دليلي» في الفصل الأوّل، وأنا أحبّ الموسيقا والغناء وأتدرب كثيراً لكن أحبّ دراستي أيضاً وسأتابع فيها إلى جانب التعلّم في المعهد هنا، وأستمع كثيراً للفنانة «فيروز»، وللفنانة «ليلى مراد»، وأصوات كثيرة غيرهما، وأشكر الأستاذ «كمال سكيكر» فهو من دربني».
التدريب يزيدهم
كان لنا وقفة مع مرافقي الطلاب ومساعدي الأساتذة في التدريب، وعلى المسرح أثناء إقامة الحفلة، فالمرافق «طلال غريب» يقول: «رافقت طلاب الأستاذة «إيناس» وأنا عازف على آلة العود، وما زلت طالباً في المعهد العالي للموسيقا، في السنة الثالثة، ولاحظت بأن الطلاب مع مرور الوقت يتحسن أداؤهم، والتدريب سيؤهلهم بصورة سليمة للتعامل مع المسرح والجمهور، وقد لمست ذلك في فرقٍ واضح بين أعمالهم في الفصل الأول وما قدموه اليوم».
الراحة النفسيّة
ومن المرافقين أيضاً «رنا جنيد» التي تعدّ من المؤسسين في المعهد فكانت فيه منذ بدايته وإلى اليوم، وتقول: « أنا مرافقة على آلة البيانو مع الطلاب الذين قدّموا أغنياتهم في الأوبرا اليوم، ومدرّسة آلة البيانو في المعهد أيضاً، ولكلّ فصل طلابه، وهناك مواهب متجددة، وهناك من يتميّز، وهناك العادي، وهذا الفصل أفضل من الفصل السابق، وأعزو الأمر إلى أن الراحة النفسية قد توافرت في الأجواء العامة، ومؤخراً أكثر من الفصل السابق وهذا يساعد ويقوّي الطلاب للاهتمام أكثر همّ وأهاليهم أيضاً، والظهور على المسرح في حفلات كهذه يعزز من ثقة الطلاب، ويقوي من ظهورهم ومراقبة أنفسهم».
المحبة والاحترام لصلحي الوادي
قدّم الحفل في معهد «صلحي الوادي» الفنان «أيمن عبد السلام» الذي يتميّز بصوته الجميل، والمقدرة على الغناء الشرقي والغربي، إضافة لموهبته في التمثيل: «أحببت المشاركة في تقديم هذا الحفل لعدّة نواحٍ، فلم أفكر بالرفض أبداً عندما أخبرني الأستاذ «فادي عطية بالفكرة»، فأولا التعامل مع الأطفال مسألة تغريني كثيراً، وهم موهوبون فعلاً، وثانياً لمعهد صلحي الوادي أفضاله علينا كسوريين، فهو مسرح أساسي لتعلّم الغناء والموسيقا، وصدّر للمحيط أصواتاً ومواهب نفخر بها، وكذلك أصبح لها وجود على الصعيدين العربي والعالمي، وأيضاً التعامل مع الجميع في المعهد من إدارة ومدرسين هو تعامل راقٍ، فهم على مستوى كبير من المحبة والاهتمام، والحفلة كانت جميلة وسعدت بهم جميعاً وبالنتائج وأتمنى لهم النجاح دائماً».