«تدمر سترأس وفد سورية للمفاوضات»
| بيروت – رفعت البدوي
نجاح الجيش العربي السوري مدعوماً من القوات الجوية الروسية بتحرير مدينة التاريخ والحضارة السورية تدمر يعتبر نجاحاً استراتيجياً على الجبهتين العسكرية والسياسية.
فور إعلان قيادة الأركان في الجيش العربي السوري عن تحقيق استعادة مدينة الآثار والحضارة المسكونة بعبق التاريخ تدمر إلى حضن الدولة السورية حتى بادر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للاتصال بالرئيس السوري بشار الأسد مهنئاً بهذا الإنجاز التاريخي وأردف بوتين قائلاً: إن الدعم الروسي لسورية مستمر دون انقطاع في حربها على الإرهاب.
الرئيس السوري من جهته رد على الرئيس الروسي بوتين شاكرا له هذه اللفتة الروسية ومشاركته الفرحة قائلاً: إن عملية تحرير مدينة تدمر لولا الدعم الروسي الواضح والمستمر.
«ماذا يعني تحرير تدمر»
مما لا شك فيه أن نجاح الجيش العربي السوري باستعادة السيطرة على مدينة تدمر وتحريرها بعد أشهر من سيطرة التنظيم الإرهابي «داعش» على المدينة الأثرية يعتبر حدثاً بالغ الأهمية من جهة انقلاب المعطيات من الناحيتين العسكرية والسياسية.
«من الناحية العسكرية»
أن استعادة مدينة تدمر يعتبر إنجازاً استراتيجياً من ناحية قطع سبل الإمداد العسكري والبشري للتنظيمات الإرهابية خاصة في منطقة ريف حمص الشرقي ما يسهل عملية تطهير باقي المناطق والبدء بعملية الفصل والتشتيت لمراكز تجمعات الإرهاب إضافة إلى تضييق المساحات التي يمكن للإرهابيين التحرك ضمنها.
والاهم من هذا وذاك هو إظهار القوة والتماسك والتصميم الذي يتمتع به ضباط وجنود وقوات الجيش العربي السوري بطرد الإرهاب أينما وجد في سورية كل سورية وإسقاط نظرية سورية المفيدة والعمل لاسترجاع أي بقعه من بقاع سورية إلى حضن الدولة السورية مهما طال الزمن ومهما كانت التضحيات وعدم الاستكانة والتسليم أو التفريط بأي شبر من الجغرافيا السورية.
«من الناحية السياسية»
تحرير تدمر جاء بوقت مثالي خصوصاً أن الجميع يتحضر للجولة المقبلة من مفاوضات جنيف في النصف الثاني من شهر نيسان كما هو محدد مترافقاً مع محاولات عده لانتزاع تنازلات من الدولة السورية إنما النجاح الباهر للجيش العربي السوري بتحرير تدمر ساهم من دون أدنى شك بشد عضد موقف الوفد الرسمي السوري المشارك في مفاوضات جنيف للتمسك بوجهة نظر الدولة السورية، القاضية بضرورة إعطاء الأولوية لمحاربة الإرهاب والقضاء عليه..
من الأمور البديهية في أي مفاوضات بين فريقين متصارعين (بغض النظر عن الدول الداعمة والممولة لهذا الإرهاب) تبقى الكلمة الفصل للميدان العسكري بمعنى آخر أن أي طرف يمتلك السيطرة على الأرض عسكرياً فإنه بشكل أوتوماتيكي يمتلك زمام أمور التفاوض السياسي ما يؤهله ليكون صاحب الكعب الأعلى والكلمة الفصل على طاولة المفاوضات لأن مساحات التفاوض بين طرف خاسر كالإرهاب وبين طرف رابح كالدولة السورية تصبح ضيقه فإذا خسرت التنظيمات المسلحة السيطرة على الأرض والمناطق لتصبح مطاردة هاربة تائهة فماذا يبقى للتفاوض عليه؟ لذلك نقول إن هذا الانتصار الإستراتيجي للجيش العربي السوري باستعادة تدمر وضواحيها سيكون ورقه مهمة تزيد من أوراق الضغط ورصيد الدولة السورية لاستعمالها في أي عملية تفاوض مقبله التي ستؤدي إلى نتائج ستكون لمصلحة الدولة السورية.
إذا تدمر ستكون الطبق الرئيسي على طاولة المفوضات المقبلة ولا غلو في القول إن تدمر سترأس وفد سورية إلى جنيف في جولة المفاوضات المقبلة ومن الضروري الانتباه أنه يجب على الطرف المفاوض المقابل لوفد الدولة السورية إتقان اللغة الآرامية التي تفهمها تدمر وإلا فإن المفاوضات برمتها ستكون بمنزلة لزوم ما لا يلزم خصوصاً إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وربطنا خسارة تنظيم داعش وأعوانه لبعض المناطق في العراق لمصلحة تقدم الجيش العراقي بمساعدة وغطاء من القوات الجوية الأميركية فإنه يقودنا إلى أمر بالغ الأهمية بوجود اتفاق أميركي روسي على ضرورة إنهاء ظاهرة الإرهاب أقله قبل انتهاء الفترة المتبقية من ولاية الرئيس الأميركي وهذا يعني مساعده أميركية في العراق بالتوافق مع إيران ومساعده روسية في سورية بالتوافق مع أميركا.
«حقيبة جون كيري»
جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية في زيارته الأخيرة لموسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف لمناقشة الوضع السوري بتفاصيله هبط من الطائرة متأبطا ملفات عدة ممسكاً بيده حقيبته البنية اللون وذهب مباشرة للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي استقبله ضاحكاً متوجهاً لجون كيري بالسؤال: لهذا الحد الحالة الاقتصادية في بلادكم تثير القلق؟ وإلا لكنت سلمت حقيبتك وملفاتك لشخص مرافق وأردف بوتين قائلاً: يبدو أن الحقيبة تحتوي على أشياء مهمة للغاية. رد جون كيري متوجها للرئيس الروسي عندما تسنح الفرصة بعيداً عن الصحافة: خلال اجتماعنا سوف تدرك أن مضمون الحقيبة أشياء تجلب لك السرور.
لا أدّعي معرفة الأشياء التي كانت تحتويها تلك الحقيبة التي تجلب السرور لبوتين لكن بما أن الزيارة لموسكو سببها سورية وتفاصيل ملفاتها فإن ما يسر الرئيس الروسي هو الموافقة على النظرية الروسية القاضية بإطلاق اليد بالحرب على الإرهاب والتعاون الأميركي الروسي من دون الالتفات لرغبات حلفاء واشنطن في المنطقة لاسيما الخليجية منها لأن خطر الإرهاب بات تهديداً عالمياً.
بالتأكيد أن مضمون الحقيبة هو تسليم روسيا مفاتيح الحل في المنطقة.
المفاتيح سلمت لروسيا الحليفة لسورية قبل تحرير تدمر ومن المؤكد أن سورية عسكرياً وسياسياً بعد تحرير تدمر ليست كما كانت قبل عملية التحرير.