القرار الروسي… تداعياته وآفاقه
| صياح عزام
إن المُتتبع لمسار الدور الروسي في الملف السوري يصل إلى القول بأن الرئيس «بوتين» أتقن التعامل مع هذا الملف ومع منعطفاته التي تصور معها لاعبون محليون أو إقليميون أو دوليون أنهم جمعوها بين أيديهم.
ففي اللحظة التي اطمأنت فيها ما تسمى المعارضة الخارجية والقوى الإقليمية الداعمة لها إلى أن الضربة الأمريكية للدولة السورية باتت وشيكة، هندس /بوتين/ مسألة تخلّص دمشق من الأسلحة الكيميائية؛ ما صرف الأنظار عن تلك الضربة.
وفي الأوقات التي ازداد فيها الدعم الدولي والإقليمي للمجموعات المسلحة بشكل لافت ما أسفر عن تقدم لهذه المجموعات ميدانياً في بعض المناطق، أرسل الرئيس /بوتين/ طائرات «السوخوي» وغيرها من الأسلحة المتطورة لتُسْهِم في تمكين الجيش السوري من تحقيق نجاحات ميدانية نوعيّة وقلب التوازن لمصلحة الدولة السورية وأخيراً، كان القرار الروسي المباغت لأمريكا والغرب وحلفائهم في المنطقة بسحب الجزء الأساسي من القاذفات والمعدات الروسية من سورية بعد التنسيق مع السلطات السورية فيما يتعلّق بذلك.
فما الذي أحدثه هذا القرار؟ وما تداعياته في المنطقة والعالم؟
– لا شك بأن القرار أنعش الآمال باتجاه توفير فرصة حقيقية لحل سياسي للأزمة السورية على حد قول «جون كيري» الذي قرر إثر ذلك زيارة موسكو للتباحث حول هذا القرار والخطوات اللاحقة، من منطلق أن القرار المذكور أعطى مسار جنيف قوة زخم جديدة.
– إن المواقف الأوروبية التي ذهبت بعيداً في شيطنة الرئيس /بوتين/ ومحاولات التحريض ضده، بدأت تتخذ منحى آخر مغايراً وصل أحياناً إلى درجة الإشادة والتثمين كما ورد على لسان أكثر من زعيم أوروبي.
– إن روسيا بدأت بكسر أغلال الحصار الذي فُرض عليها بعد أحداث أوكرانيا واستعادتها للقرم.
– لقد انتهت كذبة «الاحتلال الروسي لسورية» التي تاجرت بها المعارضة الخارجية وداعموها من الحكام العرب وغيرهم، وأن موسكو تنوي البقاء إلى الأبد في سورية.
– مسار التهدئة في سورية الذي اعتبرته المجموعات المسلحة وداعموها تكتيكاً وقبلوا به على مضض أصبح من حقائق الميدان السوري، إضافة إلى أنه زاد من زخم واتساع المصالحات في العديد من المناطق السورية…
– إن روسيا أكدت على لسان رئيسها أن محاربة الإرهاب من قبلها بالتعاون مع سورية ستستمر ومن دون أي تراخٍ أو تراجع، وأن القوات الروسية المنسحبة قد تعود خلال ساعات إن تطلب الأمر ذلك.
– إن دائرة التوافق الروسي- الأمريكي على ما يبدو تتسع، وأنها ستشهد المزيد من الاتساع والعمق، وصولاً إلى حلول سياسية وميدانية تحفظ لسورية استقلالها ووحدة أراضيها…
– اتّضح أن جبهة النصرة الإرهابية لن تختبئ إلى الأبد تحت ستار مُضلل من الادعاءات الكاذبة، أو تحت ستار التحالف مع فصائل مسلحة أخرى، وأن زمن وجودها وجرائمها في سورية اقترب من النهاية، ولن تنجح كل محاولات تسويقها من السعودية وقطر وتركيا وغيرها من الدول في المنطقة وخارجها.
– أكد القرار الروسي أن روسيا لم ولن تواجه سيناريوهاً أفغانياً كما روّج لذلك أعداؤها وأعداء سورية.
– لا شك بأن السياسة الروسية المتزنة والحازمة حققت وتحقق المزيد من النجاحات ما يعزز الدور الروسي الإيجابي في سورية والمنطقة والعالم أجمع، وبما يحقق لروسيا مكاسب إضافية أبعد من المنطقة… بدءاً من أوكرانيا وانتهاء بأوروبا والغرب عموماً. وبالتالي، فإن كل ما يتردد حول أن القرار يُمثل تراجعاً روسياً هو مجرد هراء وكلام فارغ لا يستند إلى أي حقائق على الأرض.