ثقافة وفن

تزكية الحب والشهامة والمروءة.. «عطر الشام».. بيئة افتراضية من حيث التفاصيل وواقعية من حيث الزمن

| وائل العدس

تستمر كاميرا المخرج محمد زهير رجب بالدوران في حارات دمشق القديمة لتصوير مشاهد مسلسل «عطر الشام» من تأليف مروان قاووق وإنتاج شركة قبنض.
يحكي العمل عن فترة مضت كانت أحداثها في أوائل العشرينيات من القرن الماضي مع بداية دخول الاحتلال الفرنسي إلى سورية، حيث مازال الناس في توتر وتخبط وعدم قبول لهذا الغريب، ما دعا بعضهم للاستفادة من هذا الظرف من الفوضى للعمل على الانتقام من بعضهم بعضاً والسعي للسيطرة والنفوذ من خلال مساعدة الاحتلال، حتى استبعدوا سكان الحارة وتحولوا إلى خدم مضطهدين تحت سيطرة الاحتلال إلى أن جاء من يخلصهم فكانت أحداث كثيرة تم من خلالها تحرير رقاب الناس من ظلم الاحتلال.

جزآن مترابطان
يقع هذا المسلسل في جزأين مترابطي القصص والأحداث لحارات دمشقية كثرت فيها الأحداث الاجتماعية من خلال أشخاص صنعوا الشر للآخرين وعائلات فرض عليها ما كانت تخشاه. لقد كُسر الرجال وانتهكت الأعراض وقتل من قتل وفقد الأمان وبات القوي يأكل الضعيف ونسي الغني الفقير إلى أن جاء منقذها ليعيد شرايين الحياة من جديد وعطر الشام إلى عبقه.
وتدور أحداث العمل في بيئة افتراضية من حيث التفاصيل، لكنها واقعية من حيث الزمن، حيث تنخرط الحوادث كلها في عشرينيات القرن الماضي ومواجهة أهالي دمشق للاحتلال الفرنسي، فضلاً عن تزكية الحب والشهامة والمروءة لدى الإنسان السوري عامة والدمشقي خاصة، من خلال قصص وحكايات مثيرة لا تغيب عنها النميمة والخيانة والغدر، لتكتمل الصورة المنتظرة من أي عمل شامي «صراع الخير والشر».
يؤدي أدوار البطولة كل من: منى واصف، ورشيد عساف، ووفاء موصللي، ونادين خوري، وحسام تحسين بك، وزهير رمضان، ووائل رمضان، وفايز قزق، وليليا الأطرش، وسلمى المصري، ورنا الأبيض، وعلاء قاسم، ورضوان عقيلي، وأمانة والي، وإمارات رزق، وسوسن ميخائيل، وسليم صبري، وريم عبد العزيز، وليا مباردي، وعلا بدر، وأنطوانيت نجيب، ومحمد خير الجراح، وفاتح سلمان، وعلي كريم، ويحيى بيازي، وقاسم ملحو، ورغداء هاشم، ومحمد قنوع، وباسل حيدر، ومضر جبر، وطارق الصباغ، ونجاح سفكوني، وعبد الرحمن أبو القاسم، وفاديا خطاب، ومؤيد الخراط، وليث المفتي.

صورة واقعية
أشار محمد زهير رجب إلى أن «عطر شام» عمل دمشقي يجسد فترة العشرينيات، متناولاً الحياة الاجتماعية في تلك المرحلة، من خلال إعطاء صورة أقرب إلى الواقع بعيداً عن الفلكلور، ويؤكد أنه خطوة باتجاه المصداقية وتوصيف الواقع الدمشقي خلال الفترة بشكل أوضح وأكثر دقة.
وأكد أن العمل دمشقي وليس شامياً بالمعنى الفلكلوري السائد في هذا النوع من الأعمال.
وقال: قدمت عملاً دمشقياً هو الجزء الأول من «طوق البنات» عام 2014، واعتبرته خطوة أولى نحو تحقيق المصداقية في تناول البيئة الدمشقية على حقيقتها، بعيداً عن الفانتازيا، أو الشكل الفلكلوري المجمّل والمعقم. وأنا مع تقديم هذا المجتمع كما كان عليه، ليس منغلقاً ولا فاضلاً، بل متنوع فيه المثقفون والبسطاء الأميّون، الأخيار والأشرار نساءً ورجالاً. هذا ما نحرص على تقديمه عبر «عطر الشام»، بجرعةٍ أكبر من الجرأة نتجاوز فيها خطوطاً حمراً كانت موجودة في أعمال سابقة.

زعيمة ومستشارة
تلعب منى واصف دور «زوجة الزعيم» الأكبر لحارات الشام في فترة الاحتلال الفرنسي، ويحصل أن يتوفى زوجها فتتحول في ليلة وضحاها إلى شبه زعيمة ومستشارة للحارات والزعماء فيها، ويكون صوتها مسموعاً ورأيها سديداً، وتنسق معهم في كل شيء يتعلق بالمقاومة وأحوال الناس.
وتعطي الشخصية صورة عن وضع المرأة الشامية خاصة والسورية عامة في التاريخ الذي قيل إنه كبّلها بقيود، لتكشف أن المرأة لم تكن كما صوروها، بل كانت حاضرة في المجتمع وفي الحياة وفي القرار في كل زمان ومكان.

قبضاي الحارة
يؤدي رشيد عساف دور «قبضاي الحارة» ويكون رجلاً شهماً وصاحب مروءة ونخوة ويتقدم لكبرى المواجهات كي ينصر الضعيف في وجه القوي والمظلوم في وجه ظالمه، فضلاً عن قيم الأخلاق العالية والكرم التي يشتهر بها في الحارة، وكل هذا يقوده إلى مشاكل مع أعداء هذه القيم فضلاً عن المشاكل مع المحتل.

رجاحة العقل
تجسد سلمى المصري شخصية «شهيرة خانم» إحدى سيدات الحارة التي تتمتع برجاحة العقل والتفكير السليم، كما أن جميع أهالي الحارة يقومون باستشارتها في أي موضوع وفي مقدمتهم شقيقها، على الرغم من أنه أحد وجهاء الحارة وزعاماتها حيث يأخذ بآرائها ونصائحها الحكيمة.

سلبي جداً
يؤدي وائل رمضان شخصية رجل سلبي جداً، بل حاقد على أهل الحارة عن حادثة تاريخية حيث اتهمهم بأنهم قتلوا أباه، فيسعى جاهداً لخلق الفتن بينهم والتحالف مع أعدائهم وخصومهم، ويكون جلّ هدفه أن يرى الخراب والدمار يعمّان هذه الحارة.
ويتعرض لمقاومة شديدة من قبضايات الحارة، ويصبح منبوذاً بالمطلق، لكنه لا يكف عن هدفه بأن ينتقم منهم عن اتهام مفترض بحقهم.

اتزان ورصانة
تلعب رنا الأبيض شخصية «مطيعة» إحدى زوجات «أبو عامر»، وهي شخصية نقية وبريئة ومتدينة تعيش على فطرتها في مركب تعدد الزوجات، لتبقى متزنة ورصينة رغم كل ضغوط هذه البيئة البسيطة المعقدة.

محراك الشر
يؤدي علاء قاسم شخصية «كداس» وهي شخصية تعتبر محراك الشر، وهو شخص انتهازي ووصولي، ورغم سلبياته الكثيرة إلا أنه حاول أن يمنحها جانباً إنسانياً، انطلاقاً من الفكرة التي تنفي وجود شر بالمطلق.

تأثير كبير
تؤدي صباح جزائري دور زوجة حكيم الحارة وتعاني في الوقت نفسه مشاكل مع أولادها من تنازع بينهم يتعلق بالحياة لكل شخص، وتدخل في صراع مع ابنها الذي يرغب في الزواج من فتاة من غير طبقته الاجتماعية وتقف حائلاً في وجهه رغم أنها تكون من الداعيات لتعليم المرأة وتحررها فتقع بعض المفارقات والتناقضات، ما يعطي للشخصية تأثيراً أكبر على المشهد العام لها.

امرأة قوية
تؤدي ريم عبد العزيز شخصية امرأة قوية، تسعى إلى تجاوز الظروف الصعبة وتربية أبنائها ومواجهة المشكلات التي تعترضها.

داية الحارة
تؤدي سوسن ميخائيل دور داية صغيرة بالعمر، وتتمتع بشخصية قوية، لذلك تلجأ إليها جميع نساء الحارة لمساعدتهن، لكن حياتها تتغير فجأة بعد تعرض ابنتها العمياء لاعتداء.

الزوجة الثالثة
تشارك إمارات رزق بشخصية «فوزية» الزوجة الثالثة لبطل العمل «أبو عامر» وتكون الزوجة المميزة والمفضلة لديه، فهي الوحيدة التي أنجبت ولداً منه الأمر الذي جعلها متسلطة ومتحكمة بباقي زوجاته، وشرها واسع ولا حدود له، لكنها تحاول إظهار الطيبة أمام زوجها.
أحداث مشوقة

تؤدي وفاء موصللي شخصية «أم عزو» وهي إحدى سيدات الحارة التي تدور فيها الأحداث ويكون في بيتها مشاكل كثيرة تؤثر في نفسيتها، فضلاً عن تجاذبات من مشاكل تقع في الحارة ويكون زوجها متصلاً بها، وعلى ذلك تقع أحداث مشوقة جداً ولها تأثير في القصة.

حكيم الحارة
يؤدي نجاح سفكوني دور الحكيم في الحارة ويعمل على معالجة الحالات المرضية لدى الجيران والأهالي، لكن هذا لا يبعده عن أجواء الحارة ومشاكلها بل يقربه منها أكثر، وتكبر الأمور لتصل إلى بيته وعائلته من خلال محاولة ولده الزواج من فتاة من طبقة أخرى فتعترض زوجته على ذلك.

مختار الحارة
يؤدي سليم صبري دور «مختار الحارة» الذي يتدخل في الشؤون المالية وفي كل التفاصيل الأخرى في الحارة. بل يتدخل بأمور تعنيه ولا تعنيه من بيع، وشراء، وسكن، وغيرها من الأمور الأخرى.

رجل ثري
يشارك عبد الرحمن أبو القاسم بدور «أبو صافي» وهو رجل ثري يصرف كل أمواله في سبيل البحث عن ابنه الذي خطف منه بعد ولادته.

وجوه شابة
للوجوه الشابة حصتها في العمل ومنها نور أحمد بدور «فتحية» ابنة «أبو صافي» الذي يخسر ثروته ويتحوّل إلى بائع خضار في الحارة، ما يدفع بابنته إلى الشعور بالدونيّة، فتتزوّج من ابن طبيب الحارة وترزق بولد، ما يعيد لها شيئاً من الكبرياء.
كذلك يشارك فاتح سلمان بالعمل، بدور «جميل»، ابن طبيب الحارة، وتتميز الشخصية بالطيبة والأخلاق، لكنّها نزقة وعصبية.
وصور مضر جبر مشاهده بدور «كرم» الشاب الـ«نسونجي» و«عديم الأخلاق» الذي يعمل تحت إمرة زعيم العصابة التي تقوم باختطاف الفتيات وإرغامهن على ممارسة الدعارة مع رجال أثرياء مقابل المال.
أما مرح زيتون فتؤدي شخصية الابنة الصغيرة والمدللة عند والدتها وتكون قريبة من زوايا بعض الأحداث.
ويلعب مؤيد الخراط دور المحامي «فهمي» الشاب المثقف والمختلف عن أقرانه من أبناء الحارة، يتزوج بفتاة من حارة أخرى على خلاف مع أبناء حارته، فيتعرض إلى ضغوطات من أجل التخلي عن زوجته، لكنه يرفض ذلك محاولاً إيجاد حلول للمصالحة بين الحارتين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن