أوروبا تريد الآن محاربة الفكر التكفيري منبع إرهاب داعش؟!
| تحسين الحلبي
بعد الانتصار العسكري والسياسي على النازيين في الحرب العالمية الثانية أجمع العالم كله وخصوصاً في أوروبا على ضرورة تجفيف المصادر الفكرية للنازية لمنع عودتها أو انتشارها من جديد. فالفكر النازي وأهدافه وخطابه العنصري ضد جميع شعوب العالم شكل أهم مصدر للحروب الوحشية والعرقية في أوروبا والعالم.
ومن خلال كفاح فكري عالمي شارك فيه المعسكران السوفييتي في ذلك الوقت والغربي تمكنت أوروبا بشكل عام وألمانيا بشكل خاص من تصفية الفكر النازي إلى ساحة العمل السرية أو العلنية… ورغم أن هذا الكفاح استغرق عقوداً عديدة لكن نتائجه واضحة بسبب الإجماع العالمي المناهض للنازية.. وفي الظروف الراهنة في الشرق الأوسط وأوروبا والعالم تشكل إجماع علني سياسي وعسكري واضح للعمل ضد منظمة داعش والقاعدة وجبهة النصرة باعتبارها منظمات إرهابية تكفيرية لا تستطيع واشنطن وحلفاؤها التنكر له أو تجاهل ما يتطلبه هذا الإرهاب من جهود عسكرية وإعلامية وسياسية وفكرية..
ورغم أن سورية حذرت العالم أجمع من ارتداد إرهاب داعش وما قبل داعش إلى الدول التي كانت تدعمه في أوروبا والمنطقة إلا أن صمودها في مجابهته وانتصارها عليه وحدها بدعم روسي وإيراني ومن المقاومة أجبر هذه الدول على الاعتراف بأن الإرهاب يشكل خطراً مماثلاً على أوروبا وأميركا والعالم كله حين انتقلت مجموعاته وإرهابه إلى ساحاتها.
ولذلك بدأ موضوع التصدي الفكري والإعلامي لإرهاب كل هذه المنظمات التكفيرية يتحول إلى جدول عمل رئيس في أعقاب الانتصار على داعش في مناطق سورية كثيرة وبما يبشر بالعد التنازلي للتخلص من مجموعاته في سورية والعراق.
وقد لاحظت مراكز أبحاث ومواقع إعلامية أوروبية وأميركية أن العمليات الإرهابية الأخيرة في بروكسل بدأت تتطلب سياسة تفرض محاصرة الفكر الإرهابي التكفيري ومنع تداوله بين مسلمي أوروبا بشكل خاص والمسلمين في العالم بشكل عام… ففي موقعه (أنتي وور) يرى (جوستين ريموندو) رئيس التحرير أن سكوت أوروبا والولايات المتحدة على داعش في سوية جعل داعش يستند إلى قواعد مجموعاته هناك في تجنيد مسلمين أوروبيين وتدريبهم على القتل والإرهاب في سورية ونقلهم فيما بعد إلى ساحات كثيرة ليصبح (حي مولينبيك) في بروكسل قاعدة لهذه المجموعات التي انطلقت منها عمليات الإرهاب الأخيرة.
وقال ريموندو: «يجب على الولايات المتحدة أن تنسحب من الشرق الأوسط بعد أن انخفضت مصالحها البترولية فيها» وأضاف: «إن الأميركيين ينفقون مليارات الدولارات على حماية المملكة السعودية وقطر وهما دولتان يحكمهما نظام فكر وهابي تكفيري هو الذي ولد القاعدة ثم داعش»… ويختتم ريموندو مقالته قائلاً: «لقد تأخر الأوروبيون كثيراً وفضلوا البقاء نائمين على إرهاب داعش لكن واشنطن أصبحت مطالبة الآن قبل الغد أن تتعلم درس بروكسل لقطع صلتها بالفكر الوهابي».