زيارة المعلم إلى الجزائر.. قراءة في المضامين
| نعيم إبراهيم
لم تكن زيارة وزير الخارجية وليد المعلم إلى الجزائر الأسبوع الماضي مفاجئة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن العلاقات بين البلدين لم تنقطع البتة رغم ردة الكثير من العواصم العربية عن دمشق منذ بداية «الربيع العربي».
لذلك يمكن وصف الزيارة بـ«الطبيعية» لأنها تشير بكل وضوح للعمل العربي المشترك المقاوم لأن يكون صفاً واحداً في وجه الإرهاب والإصرار على إبقاء القضية الفلسطينية البوصلة الحقيقية للأمة العربية والتي هي الصراع العربي – الصهيوني وهو الأمر الذي أكدته الدكتورة بثينة شعبان في تصريح لقناة «الميادين»، كما أكده السيد المعلم بتصريح أدلى به في الجزائر العاصمة قال فيه: «إن الجزائر وسورية يقفان في خندق واحد ضد الإرهاب والتدخل الخارجي في الشؤون الداخلية للدول».
الوضوح والثبات على المواقف كانا سمة لقاءات المعلم مع المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تسلم رسالة من الرئيس بشار الأسد تضمنت إطلاع القيادة الجزائرية على تطورات الوضع السوري وكيفية الاستفادة من التجربة الجزائرية في ميدان المصالحة والوئام المدني.
وتنظر الجزائر إلى علاقاتها مع سورية بأنها علاقات متميزة ومن الواجب الحفاظ عليها وتطويرها بما يخدم مصلحتها المشتركة ومصلحة الأمة العربية والحرص على استمرار التنسيق والتشاور بما يحافظ على المصلحة القومية ويعزز النضال المشترك لتحقيق أمن وسلام المنطقة واستقرارها ومواجهة التحديات التي تتعرض لها الأمة العربية.
وتعبر الجزائر باستمرار عن تقديرها لسورية التي اختارها الأمير عبد القادر الجزائري موئلاً وملاذاً له كما اختارها الآلاف من الأشقاء الجزائريين ملجأ لهم عندما اشتد ظلم الاستعمار الفرنسي وقهره واستعباده، وشكلوا باندماجهم مع أقرانهم السوريين جسراً أخوياً متيناً يربط البلدين الشقيقين.
وفي بيان لمجلس الأمة الجزائري جاء أن الجزائر تأمل في «تحقيق الشعب السوري للمصالحة فيما بينه حقنًا للدماء»، داعيًا السوريين إلى الاقتداء بالتجربة الجزائرية في «المصالحة الوطنية»، وهي عملية سلام قادها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إبان وصوله لكرسي الرئاسة عام 1999، وساهمت في إيقاف العشرية الدموية. وقد اتفق الطرفان على «استمرار اللقاءات والمشاورات بينهما وتنسيق المواقف على مستوى المنابر البرلمانية الدولية خدمة لمصلحة الشعبين والبلدين».
لا شك أن التطورات التي تشهدها المنطقة خطيرة وتحمل مؤشرات تستهدف حاضر ومستقبل العرب على الصعد كافة وعليه فإن القيادة في الجزائر مهتمة بخروج سورية من هذه الأزمة بأسرع ما يمكن وبمكافحة الإرهاب المشترك حيث أصبح «داعش» مجاوراً للجزائر من خلال وجوده في ليبيا. وفي هذا السياق شدد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة على «قوة التلاحم بين الشعبين الجزائري والسوري حيث قال: «لقد قاومنا مع بعض، الاحتلال الإسرائيلي وتوسعه في الأمة العربي وشاءت الأقدار أن نجد أنفسنا معرضين إلى الامتحانات نفسها التي خرجنا منها منتصرين».
تؤكد الجزائر أن «هدف ما تتعرض له سورية إضعافها وثنيها عن مواقفها الوطنية والقومية وإبعادها عن دورها بالمنطقة لأن إضعاف سورية هو إضعاف للمنطقة برمتها». كما أن الجزائر رفضت كل القرارات الصادرة عن الجامعة العربية المتعلقة بتعليق عضوية سورية فيها وكل القرارات الدولية المسيسة التي حاولت النيل من سورية وسيادتها والتدخل في شؤونها الداخلية.
وإلى أن يحين موعد انعقاد القمة العربية المرتقبة «المؤجلة» ينبغي أن تتسارع الخطا لإصلاح ذات البين وتراجع الجامعة عن مواقفها «المخزية» تجاه سورية والعمل العربي المشترك والتضامن العربي.
كما على الجامعة تفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك في وجه الإرهاب الصهيوني وأدواته والذي يهدد الوجود العربي بالصميم. فهل يكون اللقاء السوري – الجزائري وقبله اللقاء السوري – العماني، مقدمة للقاء العربي الشامل بحيث تنعقد القمة العربية المقبلة على أساس الثوابت الوطنية والقومية التي تنادي بـ«لا صلح ولا تفاوض ولا اعتراف» بـ«إسرائيل» (لاءات الخرطوم) التي ما أحوجنا إليها اليوم كي نعيد ولو النزر اليسير من كرامتنا العربية المغدورة والمهدورة.