ثقافة وفن

عبد السلام العجيلي … أديباً وطبيباً بعجينة فراتيّة

| عامر فؤاد عامر

شاعر الرقة صاحب النفحة الفراتيّة، وابن البيئة المؤسسة للحضارة وانطلاقتها الأولى، الأديب عبد السلام العجيلي المولود في مدينة الرقة 1918، نتطلع في ذكرى وفاته لما غرسه فينا من حبّ الوطن، وإبداع في الأدب، وميّزات أخرى كثيرة، منها الإخلاص في عمله في ميداني الطبّ والسياسة أيضاً، توفي في الخامس من نيسان عام 2006، لكن ذكراه تبقى محفورة في ذاكرتنا كمبدع، ووطني، وعلم من أعلام المنطقة الشماليّة في وطننا.

أديب مؤسس
نستذكر بعضاً من النقاط المميزة في سيرته فلا ننسى أنّه يعدّ من الأدباء المؤسسين في ميدان القصّة القصيرة، على الرغم من بدايته كشاعرٍ وتجربته في الشعر إلا أنه وجد نفسه وآثر فيما بعد الاهتمام أكثر في كتابة القصّة والقصة القصيرة على وجه الخصوص، فكان من السباقين في هذا الجنس الأدبي، وأصدر عدّة مجموعات منها نذكر:
أولى مجموعاته القصصية التي كانت في العام 1948 وحملت عنوان «بنت الساحرة».
ونذكر أيضاً «الحب والنفس» في العام 1959 ومجموعة «فارس مدينة القنطرة» في العام 1971 ومجموعة «أزاهير تشرين المدماة» في العام 1974، وفي الفترة الحديثة من كتابته جاء بمجموعة «أحاديث الطبيب» في العام 1997 و«مجهولة على الطريق» في العام 1997.

صديق
من أجمل الصفات التي تميّز بها أنّه صديق جميع الأدباء فنراه مع «نديم محمد» ومن عاصره، ومع «نزار قباني» ومن كان في زمانه، وجميع الأدباء بعده وصولاً إلى زمن «أدونيس» فهو صديق حقيقي للجميع.

طبيب حقيقي
«عبد السلام العجيلي» درس في مدارس الرقة وحلب وفي جامعة دمشق وتخرج فيها طبيباً عام 1945، ولا ننسى أنه كان يزاول مهنة الطبّ ويعالج الناس من دون أجور التطبيب، والكشفيّة، فقد كان يعترف بأن وضعه المادي يسمح له بالقيام بمثل هذه الخطوة، ولا داعي لاعتبارها مهنة للتجارة وجمع المال، بل هي مهنة قريبة من المعنى الإنساني وليس المادي.

رقاوي فراتي
من الصفات التي تميّز هذه الشخصيّة اللافته أيضاً هي خصوصيّة الفرات فيه كإنسان وأديب، وبيئة الرقة المغروسة في دمه، وذلك النهر فيه المكوّن لاستقرارها الحضاري، فهو معجون بهذه الطبيعة البريّة، فنرى رائحة الفرات في «العجيلي»، وفي أعماله، وصوته، وطريقة تعبيره عن نفسه، وتواضعه، وأدبه، وكلّ ما يتعلق بشخصيّته الأدبيّة والإنسانية على وجه العموم.

مغامر من مدينته الأمّ
من النقاط البارزة عبر مسيرة الأديب «عبد السلام العجيلي» هي أنه أثبت نفسه من مدينته الأمّ «الرقة» ولم يحتج للهجرة إلى العاصمة «دمشق» وإثبات نفسه فيها، أو الابتداء بمغامرته الأدبيّة منها، بل كانت انطلاقته من الرقة، وعرفته سورية والوطن العربي من هذه المدينة التي ولد ونشأ فيها، وهذه القاعدة لا نجد لها تطبيقاً في يومنا هذا إلا بصعوبة وبندرة!.

33 عملاً
وبصورة عامة يمكن القول باختصار إن الأديب «العجيلي» كان مميّزاً في كتابة القصة القصيرة، ومبدعاً في تفاصيلها، أكثر من كتابة الشعر، والرواية، والقصة الطويلة. وقد نقل البيئة الفراتيّة عبر كلّ ما أنتجه. وقد بلغ عدد أعماله بالمجمل ثلاثة وثلاثين كتاباً، ولا ننسى أنّه كتب في المقالة أيضاً، وفي تصنيف ما كتب يمكن الإشارة إلى أن المدرسة الواقعية في أعماله هي الأكثر بروزاً. كما في رواية «باسمة بين الدموع» التي أصدرها في العام 1958، ومجموعة المقالات «في كل واد عصا» الصادرة في العام 1984.

في السياسة
ولا يسعنا إلا ذكر شيء من تاريخ نضاله السياسي فقد كان منتخباً كنائب عن محافظة الرقة في العام 1947، وهو من الشبان الذين انخرطوا في جيش الإنقاذ عام 1948 في الحرب ضدّ المستعمر الصهيوني، كما تولى عدداً من المناصب الوزاريّة في وزارات «الثقافة» و«الخارجيّة» و«الإعلام» في العام 1962.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن