اهتمَّ بشكلٍ كبيرٍ بالأناشيدِ الوطنيةِ والقومية ومؤلفاتهُ الموسيقيِّة أكثر مِن أن تُعَدّ … الباحثُ والموسيقيُّ السوريُّ محمود عجَّان «1916-2006م»
| نضال حيدر
«نأى بفنِّهِ مِن أن ينحدرَ إلى مستوى الملاهي، فالموسيقا بنظرهِ لها محرابٌ خاصٌ لا يجوزُ لها أن تغادرهُ إلا لمعابدِ الذينَ يتذوقونها ويفهمونها؛ ويجيدونَ الاستماعَ إليها، وهو في هذا يُفرِّقُ بينَ الفنِّ الموسيقيِّ الراقي، والآخرِ الذي لا يَحمِلُ مِنَ الفنِّ سوى الاسم»..
ذلكَ جزءٌ ممّا كتبَهُ الباحثُ والموسيقيُّ السوريُّ صميم الشريف، عنِ الباحثِ والموسيقيِّ السوريِّ محمود عجَّان، الذي وُلِدَ في اللاذقية عامَ 1916م في كَنَفِ عائِلةٍ تضُمُّ عدداً كبيراً مِن هواةِ الموسيقا.
محمود عجَّان و.. «أمير الكمان»
هامَ محمود عجَّان بالموسيقا منذُ يفاعتهِ، حيثُ كانَ صغيراً جداً عندما بدأَ يعزفُ على آلتي الكمان والعود، وفي سنِّ الرابعةِ عشرةَ، عزفَ محمود عجَّان أمام الفنان سامي الشوا «أميرِ الكمان» فانتزعَ إعجابَهُ، وبعدها.. عَمِلَ عجَّان على تطويرِ ثقافتهِ الموسيقيِّةِ بشكلٍ ذاتي، فانصرفَ إلى المطالعةِ والتواصلِ معَ عددٍ مِنَ الموسيقيين المشهورين خارجَ مدينتهِ اللاذقية.
تأسيسهُ «النادي الموسيقيِّ» في اللاذقية
بالنتيجة؛ تضلَّعَ محمود عجَّان في قواعدِ الموسيقا العربيةِ والغربيةِ، وبموازاةِ ذلكَ كانَ أحد مؤسِّسي «النادي الموسيقي» في اللاذقيّة، وبمرورِ الوقتِ أصبح هو وشقيقهُ عبد القادر عجَّان مِنْ أفضل عازفي هذا النادي.
كانَ لـ«محمود عجَّان» دورٌ مُهِمٌّ في «النادي الموسيقي» كما كانَ تأثيرهُ كبيراً وواضِحاً في أبناءِ الجيلِ الجديدِ، الذينَ كانَ يعكفُ على تنميةِ مدارِكِهِم الموسيقيِّةِ، ونتيجةً لذلكَ منحتهُ وزارةُ الثقافةِ والإرشاد القومي ميداليةً كتقديرٍ لفنِّهِ ونشاطِهِ.
مؤتمراتٌ ومهرجاناتٌ.. وبحوثٌ مهمّة
شاركَ الباحثُ والموسيقي محمود عجَّان في الكثيرِ مِنَ المؤتمراتِ والمهرجاناتِ الموسيقيِّةِ، كانَ آخرها مهرجانُ الأغنيةِ العربيِّةِ الذي قدَّمَ فيهِ بحثاً مُهِمَّاً حولَ الأغنيةِ العربية، وإضافة إلى ذلكَ تناولَ عجَّان في بحوثٍ جديدةٍ مواضيعَ تناولتِ «الإيقاع والمواليا والدور والموشَّحة» بموازاةِ بحثهِ الموسَّعِ عن فاصلِ «اِسقِ العِطَاش».
مؤلفاتُ محمود عجَّان الموسيقيّة أكثر مِنْ أن تُعَدَّ، إذ تناوَلَ مُفرداتِ التُراثِ الموسيقيِّ مِنْ «سماعياتٍ ولونغا» كما اهتمَّ بشكلٍ كبيرٍ بالأناشيدِ الوطنيةِ والقوميةِ، ولحَّنَ مِنها عدداً كبيراً، ولديهِ أيضاً مسرحيةٌ غنائيةٌ ومقطوعاتٌ مختلفة.
بعيداً عن الأضواءِ وعنِ الشهرة
عَمِلَ الباحِثُ والموسيقيُّ السوريُّ محمود عجَّان طوالَ حياتِهِ بصمتٍ، إلى أن وافتهُ المنيَّةُ في شهرِ آب عامَ 2006م بعيداً عنِ الأضواءِ وعنِ الشهرةِ، وكانَ يأملُ قبلَ وفاتهِ أن تُساعِدَ أبحاثهُ الموسيقيَّةُ ومؤلفاتهُ، الموسيقيينَ الجادينَ في البحثِ الدؤوبِ عن سُبُلِ تقدُّمِ الموسيقا.. وقد نُشِرَ لهُ بعدَ وفاتهِ مُؤلَّفٌ قَيِّمٌ موسُومٌ بعنوانِ «تُراثنا الموسيقي» وهو كِنايةٌ عن دِرَاسةٍ في الدَورِ والصِيَغِ الآليةِ العربيَّةِ لحناً وقالباً.
«معهد محمود عجَّان للموسيقا»
تكريماً للموسيقارِ السوريِّ المُبدِع محمود عجَّان، ابنِ اللاذقيةِ، وصاحبِ الفضلِ الكبيرِ في إحياءِ التُراثِ الموسيقيِّ، والباحثِ المطوِّرِ في الموسيقا والعلومِ الموسيقيِّةِ العريقةِ في سورية، منذُ الحضاراتِ الأولى، حيثُ اكتُشِفَت في «أوغاريت» في اللاذقية أول نوتةٍ موسيقيِّةٍ في العالم، تمَّ في العام 2013م في مدينةِ اللاذقيِّةِ افتتاحُ «معهد محمود عجَّان للموسيقا» التابعِ لمديريةِ الثقافةِ بالمحافظة، والمؤلَّفِ مِنْ طابقين بمساحةِ نحو 500 مربع مع حديقة، حيثُ يضمُّ قاعاتٍ لتعليمِ العزفِ المنفرد، ومُدرَّجَاً صغيراً تُقامُ فيهِ دوراتٌ لتعليمٍ الموسيقا والعزف.