ثقافة وفن

مهرجان الدراما في كان .. وعشيقات القياصرة الروس

| مها محفوض محمد

بدأت في مدينة كان الفرنسية المسابقة الدولية لسلسلة عروض الدراما (MIP) في الثالث من نيسان الحالي وفيها ستقدم الدراما الروسية عرض ألكسي أوتشيتل -ماتيلدا الذي يتم فيه إخراج قصة الحب التراجيدية بين القيصر الروسي نيكولا الثاني وراقصة الباليه الشهيرة ماتيلدا كشيسينسكا وبهذه المناسبة استذكرت مؤسسة RBTH الثقافية الروسية عدداً من قصص الحب للقياصرة الروس مع عشيقاتهم أولهم بول الأول (1754- 1801) مع آنا لوبوكينا وهو ابن الإمبراطورة كاترين الثانية اعتلى العرش لمدة خمس سنوات وكان السيد الآمر على جزيرة مالطا تولى فيها رئيس الأخوانية حيث تحدى نابليون الذي جاء لاحتلال الجزيرة أيضاً كان يعد من الفرسان الحقيقيين وكلمة فارس في ذلك الزمن كانت تعني أنه ملزم بخدمة سيدته أي حبيبته وفي العام 1798 قرر الإمبراطور أن يقوم بهذا الدور مع الأميرة آنا لوبوكينا التي ذكرتها له إحدى سيدات البلاط ووصفتها بأنها جميلة الوجه لكنها قصيرة القامة سيئة البنية ليس لديها من المفاتن والرشاقة ما يكفي أثناء حركتها لكن الإمبراطور أرادها وأحبها وتكريماً لها أطلق عدة سفن في ذلك الوقت كما أمر بأن يكون لباس الضباط في جيشه موحداً باللون الأحمر الفاقع لأنه اللون المفضل لدى آنا وكان الإمبراطور مثلها مولعاً برقص الفالس فأعاد هذا الرقص إلى البلاط حيث كان محظوراً أيضاً أمر أن يوشح قصره (قصر ميخالوفيسكي) باللون البرتقالي المائل إلى القرميدي لأنه لون القفازات التي كانت ترتديها محبوبته وبعد قصة الحب هذه أرادت الزواج برجل غيره لكنها بقيت الحب الأكبر في حياة الإمبراطور وبقي الفارس لعشيقته فرتب لها حفل الزواج مع الأمير غاغارين وحتى وفاة القيصر الذي اغتيل عام 1801 بقي للحبيبة آنا غرفها الخاصة في قصره تصل منها إلى غرفة القيصر عبر درج سري.

ألكسندر الأول وماريانا ريشينكا
القيصر ألكسندر بافلوفيتش (1777- 1825) الذي حكم روسيا خلال الربع الأول من القرن التاسع عشر وعرف بأفكاره الليبرالية كان قلبه أسير ماريانا ريشينكا التي تنحدر من عائلة بولونية نبيلة وكانت رائعة الجمال لدرجة تفوق الوصف بحسب كاتب المذكرات فيليب فيفييل الذي يصف تقاطيع وجهها بأنها مثال الكمال يتبدى حسنها أكثر مع بساطة لباسها فلم تكن تتزين بالمجوهرات وكانت تأتي إلى حفلات الرقص في البلاط بفستان أبيض بسيط لم تلتمس دور الزوجة لدى الإمبراطور ولم تتدخل في السياسة أبداً ولم تستغل الفرصة يوماً لفائدة مادية أحبها الإمبراطور حباً خيالياً ولم يسع لأن يخفي العلاقة بينهما حيث استمرت حكاية الحب هذه ثلاثة عشر عاماً لتنتهي عام 1814 من دون أن يعرف أحد من المحرض على قطع العلاقة ولم يعلم أحد من الأب لأطفال ماريا الخمسة لكن يبدو أن زوجها الذي كان مسؤول الصيد في البلاد أجاب ذات مرة عن سؤال الإمبراطور بخصوص صحة الأولاد قائلاً: عن أي أولاد تتحدث جلالتك؟ أولادي أم أولادك؟

حكاية الإمبراطور ألكسندر الثاني
فقد كان ألكسندر الثاني (1818- 1881) أكبر من عشيقته بثمانية وعشرين عاماً أي يعرفها وهي طفلة حين كان يأتي لزيارة أبيها وبعد أن بلغت الثامنة عشرة التقاها ذات يوم في الحديقة الصيفية فوقع في غرامها كالمجنون وأصبح العاشقان يخرجان للنزهة ويتواعدان للقاء سراً وفي العام 1878 أصبح الإمبراطور يزور حبيبته في قصرها الشتوي علناً وبعدها لم يفترقا.
يقول كاتب المذكرات: لدينا اليوم نحو 6000 رسالة تبادلها العاشقان خلال خمسة عشر عاماً إلى العام 1880 حيث تموت زوجة الإمبراطور فلم ينتظر أكثر من شهر ينسى الحداد ويمسك بيد الحبيبة إلى مذبح الكنيسة لتنال بعدها لقب صاحب السمو ويمنح الاسم لأولادها الثلاثة الذين اعترف بهم ألكسندر كأولاده غير أن السعادة لم تدم طويلاً ففي آذار 1881 يصاب الإمبراطور إثر عملية اغتيال أثناء عودته إلى قصره الشتوي وينقل إلى القصر ليلفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي الحبيبة وهي في الثالثة والثلاثين من عمرها عاشت بعدها أربعين عاماً لم تتزوج.
و قد تم تصوير قصة الحب الجميلة هذه في الفيلم الفرنسي «كاتيا» عام 1959 وقامت بدور كاترينا دولوغوركوفا الممثلة الشهيرة رومي شنايدر.
أما قصة الحب الأشهر في تاريخ القياصرة الروس فهي قصة نيكولا الثاني وماتيلدا كشيسنيسكا حيث كانت نقطة الانطلاق في هذا الحب الشهير بقرار من الأب ألكسندر الثالث الذي أجلس الصبية الرائعة الجمال خريجة مدرسة الرقص الوطنية للباليه إلى جانب ولده نيكولا خلال حفل غداء رسمي وكان عمر الشاب 22 عاماً ولم يكن قد أقام علاقة مع أي فتاة حتى ذلك الحين فهام بماتيلدا على الفور وكتب في صحيفته: «الفتاة الشابة ماتيلدا تستهويني وتثير اهتمامي حقاً» لترد الراقصة ذات الثمانية عشر عاماً بحماس أشد: «لقد وقعت في حب الأمير منذ لقائنا الأول فاجتاح هواه قلبي وتملك روحي فلم يعد بإمكاني التفكير إلا به».
ثم يشتري نيكولاي لحبيبته عقاراً في سان بطرسبرغ ليتمكنا من اللقاء هناك بهدوء بعيداً عن الأنظار لكن والدته ترفض أن يتزوجها ودفعته للزواج بـ«ألكساندرا» ابنة الملكة فيكتوريا فتنتهي العلاقة ويفترقان غير أن القيصر بقي يحمل صورة ماتيلدا طوال فترة زواجه ويعيش بعدها مرحلة اضطرابات مرعبة في حين تصل ماتيلدا إلى لحظات المجد كراقصة نجمة وكسيدة مجتمع ومن ثم تقيم علاقة مع رجلين من النبلاء بآن معاً بعدها هاجرت إلى باريس وبقيت هناك إلى أن توفيت في العام 1971 أي تسعة أشهر قبل بلوغها المئة عام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن