واشنطن تثير الملف الإنساني في مجلس الأمن.. وموسكو تحيلها على «مجموعة الدعم» … رفض غربي لمشروع بيان روسي يدعو إلى تمثيل أوسع للمعارضة في جنيف
| وكالات
حاولت الدول الغربية حرف الأنظار عن رفضها مشروع بيان اقترحته موسكو في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى توفير تمثيل أوسع للمعارضة في محادثات جنيف، بإثارة ضجة في نيويورك حول «منع» الحكومة السورية وصول المساعدات الإنسانية إلى بعض المناطق التي يسيطر عليها المسلحون، متجاوزين ما تم الاتفاق عليه من أن هذه المسألة من اختصاص «مجموعة الدعم الدولية لسورية».
وأعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا عن أسف بلادها بسبب إخفاق مجلس الأمن في تبني بيان رئاسي، تقدمت به البعثة الروسية الدائمة لدى الأمم المتحدة، بسبب الموقف الغربي، الذي وصفته بـ«المخالف لقرارات المجموعة الدولية لدعم سورية، وقرارات مجلس الأمن».
وأوضحت زاخاروفا أمس، أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة اقترحت تعديلات على البيان تدعي بأن الجولة الأخيرة من محادثات جنيف كانت «شاملة» ما يعني منع مرور البيان الروسي عملياً، الذي يدعو إلى تمثيل أوسع طيف معارضة تماماً كما نص على ذلك القرار الدولي (2254).
وأكدت المتحدثة الروسية، بحسب وكالة الأنباء «سانا»، أن بلادها ستواصل إصرارها على مشاركة الأكراد السوريين في العملية السياسية لتسوية الأزمة. من جهة أخرى، أعربت زاخاروفا عن قلق روسيا الشديد بشأن تقارير عن استخدام مقاتلي تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية قذائف محشوة بغاز الخردل خلال هجومهم على مطار دير الزور قبل ثلاثة أيام، وقالت: «إننا على ثقة بأن مثل هذه الأعمال الإرهابية يجب أن تدان بشدة». وتريد روسيا إدانة من مجلس الأمن الدولي لاستخدام داعش للسلاح الكيماوي في كل من سورية والعراق. إلا أن الدول الغربية تعرقل هذه الإدانة.
ومن نيويورك، أوضح مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أن بلاده قدمت اقتراحها لمجلس الأمن بدافع من قلقها من عدم دعوة أكراد سورية لحضور محادثات جنيف حتى الآن، وهو القلق الذي يساور «جميع الشركاء الرئيسيين» في نظر روسيا، لكنه أضاف: «وكم كانت دهشتنا عندما اعترضت بعض الدول الغربية على هذا الاقتراح»، وفق ما نقل موقع «روسيا اليوم». وتحت تهديد تركيا تراجعت الأمم المتحدة في اللحظة الأخيرة عن دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي للمشاركة في الجولة الأولى من محادثات جنيف. وتصر موسكو على ضرورة مشاركة هذا الحزب.
وشدد تشوركين، حسب وكالة «سانا»، على أن مقولة: «السوريون هم الذين يحددون مستقبل سورية» ليست مجرد شعار، موضحاً أن «دعوة الأكراد السوريين إلى مفاوضات جنيف لم تتم حتى الآن»، وأضاف: إن «هذا الموقف يخالف قرارات مجلس الأمن التي تفترض شمولية العملية السياسية في سورية».
وسعت الدول الغربية إلى حرف الأنظار عن عرقلتها الاقتراح الروسي عبر إثارة المسألة الإنسانية في سورية. وبناء على طلب الولايات المتحدة عقد مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة لبحث وضع السكان المحاصرين والجائعين في «مدينة داريا وبلدة مضايا ومدن أخرى محاصرة».
وقدم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة ستيفن أوبراين إفادة لمجلس الأمن في الجلسة المغلقة. وإثر المشاورات، وصفت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة سامانتا باور باور إفادته بأنها «مؤثرة للغاية». ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عنها قولها: إن «سكان المدن المحاصرة أو تلك التي يصعب الوصول إليها تلقوا في آذار (الماضي) مواد غذائية أقل من تلك التي وصلت إليهم في شباط». وأضافت: «لقد أطلقنا نحن ودول أخرى أعضاء في مجلس الأمن الدولي نداء إلى أولئك الذين لديهم نفوذ على الحكومة (السورية)». واستشهدت بهذا المجال بمدينة داريا في ريف دمشق الغربي، حيث يقاتل الجيش السوري مسلحين يسيطرون على المدنية منذ 2012.
وأضافت باور: «يجب الوصول إلى كل الموجودين في مناطق يصعب الوصول إليها، ونحن ما زلنا بعيدين عن بلوغ هذا الهدف».
من جهته قال السفير الصيني ليو جيي الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الجاري: إنه «يجب القيام بالمزيد لتحسين وصول (المساعدات) ميدانياً وتعزيز الإنجازات التي تحققت». وأضاف: إن داريا هي «جزء من مشكلة أوسع (…) يجب أن نرى من لديه نفوذ على الأطراف المختلفة». وأنشأت مجموعة الدعم الدولية لسورية، التي تقودها روسيا والولايات المتحدة قوة مهام إنسانية في شباط الماضي. وعُهد لأعضاء هذه القوة باستخدام نفوذهم على أطراف الصراع لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية. وحين سئل عن تعليقات باور، قال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف، وفقاً لوكالة الأنباء «رويترز»: إن هذا العمل من مسؤوليات قوة المهام. وأضاف: «إنها طريقة أفضل للعمل معاً»، في إشارة إلى أن مكان إثارة هذه المسألة هي «مجموعة الدعم الدولية لسورية» وليس مجلس الأمن.
وحسب وكالة «أ ف ب» للأنباء طلبت الأمم المتحدة من الحكومة السورية الشهر الماضي أن تسمح لها بإدخال مساعدات إنسانية إلى 11 منطقة محاصرة خلال شهر نيسان، إلا أن دمشق لم توافق حتى الآن إلا على ست مناطق ليس بينها دوما وداريا، اللتين تقول المنظمة الدولية إن فيهما أكثر من مئة ألف مدني بحاجة ماسة للإمدادات.
وحسب الأمم المتحدة هناك 18 منطقة محاصرة في سورية و4.5 ملايين سوري يعيشون في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها.