سورية

حوار مقبول بدأ في جنيف ومهلة الستة أشهر «كافية» لإنجاز دستور جديد.. وشكل وتمثيل الحكومة القادمة مرتبط بنتائج انتخابات مجلس الشعب … العكام لـ«الوطن»: أستبعد «مفاوضات مباشرة» في جلسة المحادثات القادمة في جنيف

| جانبلات شكاي

استبعد عضو وفد الحكومة السورية إلى محادثات جنيف والأستاذ في كلية الحقوق بجامعة دمشق، محمد خير أحمد العكام، أن تجرى محادثات مباشرة في الجلسة المقبلة بين وفد الحكومة ووفود المعارضات السورية في جنيف، مرجعاً الأمر إلى صعوبة توحيد رؤى هذه المعارضات التي «تعاني مشكلة في بنيتها»، إضافة إلى عدم الاتفاق حتى الآن على «ثوابت تنطلق منها المحادثات»، مثل الموقف من «الإرهاب ومن مبدأ حمل السلاح للاستيلاء على السلطة».
وفي لقاء له مع «الوطن» عبر العكام عن قناعته بأن مهلة الستة أشهر التي يتم الحديث عنها «كافية» لإنجاز دستور جديد، مشيراً في الوقت ذاته أن اللاجئين السوريين خارج البلاد «لا يحق لأي منهم، وفق قانون الانتخابات السوري، أن يشارك في أي عملية انتخابية»، وطالب «المعارضات أن تسهل عودتهم إلى بيوتهم وأرزاقهم عبر مكافحة الإرهاب ليشاركوا في العمليات الانتخابية».
ونفى العكام إمكان تأثر محادثات جنيف نتيجة عمليات الجيش في الريف الجنوبي لمحافظة حلب والتي جاءت رداً على هجوم قادته جبهة النصرة، على جولة المحادثات المقبلة في جنيف وقال إن «مسار مكافحة الإرهاب سوف يستمر، ومسار البحث عن مخارج سياسية للحرب في سورية أيضاً سوف يستمر». واعتبر العكام، وهو مرشح ضمن قائمة الوحدة الوطنية لمدينة دمشق، أن شكل الحكومة المقبلة المتوقع تشكيلها بعد انتخابات مجلس الشعب ومن ستمثل، مرتبط بـ«نتائج الانتخابات»، مستبعداً مشاركة المعارضات التي قاطعت الانتخابات لأنهم «يقعون في تناقض، فأي استحقاق وطني يرفضون الاشتراك به ولكنهم يريدون أن يشاركوا في الحكومة».
وفيما يلي نص اللقاء:

 الحديث زاد عن طبيعة المحادثات خلال الجلسة القادمة في جنيف، فما توقعاتكم؟ وهل ستكون مباشرة أم غير مباشرة بين وفد الحكومة السورية ووفود المعارضة؟
 الجلسة القادمة من الحوار ستكون غير مباشرة على الرغم من مطالبة وفد الرياض أن تكون مباشرة، والسؤال هنا: هل الأهمية في شكل المحادثات وصورتها أم في جوهرها؟
ولكي تكون المحادثات ناجحة فإنه أولاً لا بد من إشراك كل أطراف المعارضة، وهذا لم يتحقق حتى الآن، وثانيا لابد من توحيد رؤى المعارضة، فاليوم هناك أكثر من معارضة، معارضة الرياض، موسكو، القاهرة، الداخل، وفي قراءة للمشهد فإن معارضات الرياض وموسكو والقاهرة كلهم لا ينتمون إلى سورية بالفكر، وهم معارضات مرتبطة بأجندات خارجية. لذلك فإنه من الصعوبة توحيد رؤى المعارضات التي تعاني مشكلة في بنيتها، ولكنها يجب أن تتوحد في هذه الرؤى لكي يكون الحوار المباشر منتجاً.
ثم لا بد أن يتفق المعارضون مع وفد الحكومة على ثوابت لتنطلق منها المحادثات مثل التمسك بوحدة الشعب والأراضي السورية وبالسيادة وبالجيش العربي السوري ورفض الإرهاب، والمطالبة برفع الإجراءات الاقتصادية أحادية الجانب عن سورية، وهذه كلها لا بد من الاتفاق عليها لتنطلق المحادثات على أسس متينة، وحتى الآن لم يجر ذلك.
ولقد قدم الوفد السوري خلال الجلسة السابقة ورقة حول هذه الأسس، ولم نجد رداً حولها من الطرف الآخر.
وهناك ورقة قدمها المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا ونحن نعمل على دراستها حالياً وسوف نرد عليها بالتأكيد، ما يعني أنه لا يمكن الاستعجال لعقد هذا اللقاء المباشر.
ثم نحن بحاجة إلى موقف واضح من كل المعارضات تجاه الإرهاب الممارس في سورية ومن مبدأ حمل السلاح للاستيلاء على السلطة، وهذا أمر مرفوض.
أي لا بد للسوريين أولاً أن يرفضوا مبدأ حمل السلاح كوسيلة للاستيلاء على السلطة، ولا بد أن يتفقوا على أن الإرهاب الوافد من الخارج هو عدو للجميع، وأن يتفقوا على ضرورة مكافحته ومحاربته.
هذه هي العقبات التي تقف في وجه المحادثات المباشرة كما أعتقد، ولكي تكون منتجة في إطار حل وفق للقرار 2254، وغير ذلك سوف لن يكون اللقاء المباشر مجدياً.

 إذاً أنت تستبعد أن تكون المحادثات في الجلسة القادمة مباشرة ولو على منصات متعددة؟
 نعم أنا أستبعد ذلك.

 بدأ دي ميستورا يتحدث عن مرحلة انتقالية، والرئيس الأسد تحدث عن حكومة موسعة تضم الجميع، فهل بدأت المحادثات تسير قدماً وتقطع أشواطاً إيجابية؟ وإلى أي حد يمكن أن تصل الأمور في الجولة القادمة؟
 حتى الآن نجن أنجزنا جولتين، وتميزت الأولى بحضور معارضات وغياب أخرى، وفي الثانية حضر الجميع وبدأنا نقدم أوراقاً، منا كوفد للحكومة، أو من الأطراف الأخرى، بغضّ النظر عن الدخول في طبيعة هذه الأوراق، ومن ثم فإن هناك حواراً بدأ وبشكل مقبول وبدأت المسيرة، ونحن كوفد عن الحكومة جديون في ضرورة إنجاح هذه المحادثات، ومن ثم فهناك تقدم وإن كان بطيئاً.
في الجولة الثالثة نتدارس هذه الأوراق كي نبدأ من قواسم مشتركة، ما يعني أن هناك جدوى من هذه اللقاءات.
والرئيس الأسد عندما تكلم عن عملية الانتقال، أشار إلى الانتقال الآمن، أي أن المطلوب في سورية هو الانتقال الذي يحافظ على السيادة وعلى نصوص الدستور النافذ والقوانين، لأن الدولة قائمة بمؤسساتها، ما يعني الانتقال من حكومة فيها معارضون إلى حكومة فيها معارضون أكثر مما كانت عليه بالسابق، ثم الانتقال من دستور نافذ إلى دستور جديد آخر يتفق عليه السوريون، ومن برلمان إلى برلمان ينتخبه السوريون.
وما سبق هي ضوابط الانتقال السياسي الآمن التي تحدث عنها الرئيس الأسد، ولكن الطرف الآخر لا يفهم الانتقال بهذه الطريقة، وإنما يفهم الانتقال بأنه يريد تفكيك السلطات ويعيد ترتيبها على شاكلة ما تريده الدول الداعمة لهم، وهذا أمر غير مقبول.

 هناك خلاف أساسي يكمن بين طرفي المحادثات في جنيف حول آليات الانتخابات سواء في الاستفتاء على الدستور الجديد أم انتخاب البرلمان المقبل، فأين ستجري هذه الانتخابات؟ وهل يحق للاجئين السوريين في دول الجوار المشاركة فيه؟ وهل يمكن الاستعانة هنا بالتجربة العراقية في الانتخابات البرلمانية؟
هناك قانون ناظم للعملية الانتخابية في سورية وفيه قواعد واضحة، ولكل هذه التساؤلات السياسية، إجابات في هذا القانون.
نعم من حق كل السوريون أن يشاركوا، ولكن الذي منع من مشاركة بعض السوريين هو الإرهاب الممارس على الأرض السورية.

 المعارضة تتحدث عن ملايين السوريين حالياً في دول الجوار نتيجة الأزمة، وتطالب بمشاركة هؤلاء في أي استفتاء أو انتخابات مقبلة؟
 في قانون الانتخابات السوري لا يحق لأي أحد خارج سورية أن يشارك في أي انتخابات برلمانية، وهو في ذلك شبيه بكثير من قوانين الانتخابات الأخرى، أما الانتخابات الرئاسية فقد شاهدنا كيف شارك السوريون في الخارج بكثافة؟ وكيف أيدوا انتخاب الرئيس الأسد في بيروت وعمان؟
وهؤلاء (المعارضة) لا يحق لهم التكلم نيابة عن الشعب السوري، وهم لا يمثلون الشعب السوري والكثير منهم يمثل الرياض وغيرها من العواصم، وهم يمثلون كل شيء غير الشعب السوري.
إنهم يقعون في تناقض، فأي استحقاق وطني يرفضون الاشتراك به، ولكنهم يريدون أن يشاركوا في الحكومة، فكيف يستقيم ذلك، في وقت يجب أن تكون فيه الحكومة انعكاساً لوجودهم على الأرض، وليست لهم أرضية شعبية ولذلك هم يرفضون الخوض في أي انتخابات.

 بعيداً عن مقولة إن كانوا يمثلون أو لا يمثلون شيئاً من الشارع السوري، ولكن على الأرض هناك الملايين من السوريين حالياً في دول المحيط السوري، ومن ثم: كيف يمكن التعاطي مع هؤلاء في أي استفتاء أو انتخاب مقبل؟ فهل سيتم التوافق خلال محادثات جنيف لتنظم مشاركتهم في الانتخابات المقبلة، أم يجب أن يعودوا إلى داخل سورية للمشاركة في الاستفتاء على الدستور أو في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟
 على المعارضات أن تسهل عودتهم إلى بيوتهم عبر مكافحة الإرهاب، ما يعني أنه إذا تم الاتفاق بين وفد الحكومة والمعارضات على مكافحة الإرهاب فإنه حينها نحرر الأرض من سيطرة الإرهابيين ويعود السوريون إلى بيوتهم وأرزاقهم ويشاركون في العمليات الانتخابية، وغير ذلك لا يمكن لهم المشاركة في أي عملية انتخابية خارج الأراضي السورية.

 بدأت الأوضاع الأمنية تتدهور في الريف الجنوبي لمحافظة حلب بعد خروقات جبهة النصرة لها، فهل تعتقد أن تؤثر هذه الانهيارات لاتفاق «وقف الأعمال العدائية» في عقد الجولة المقبلة من محادثات جنيف؟
 الواجبات التي يقوم بها الجيش السوري لا علاقة لها بما يجري في جنيف، فهذا مسار وذاك مسار.
ومسار مكافحة الإرهاب سوف يستمر، ومسار البحث عن مخارج سياسية للحرب في سورية أيضاً سوف يستمر، ونقول بضرورة الاتفاق على مكافحة الإرهاب من قبل جميع السوريين مؤيدين ومعارضين، وهذه ضرورة ومدخل أساسي لأي حل في سورية، ولكن من غير المقبول أن يضغط الآخرون عبر الإرهاب على المسار السياسي.

 أوضح الرئيس الأسد أن من مهام الحكومة الموسعة وضع دستور جديد للبلاد، ولكن هل تعتقدون أن مهلة ستة الأشهر التي تحدثت عنها موسكو وواشنطن كافية لوضع هذا الدستور؟
 نعم كافية، لأننا في وقت سابق تم الاتفاق على الدستور النافذ حالياً في غضون أربعة أشهر.

 أين يمكن أن نشهد الاختلاف بين الدستور الحالي والدستور الجديد، هل هي في مهام رئيس الجمهورية، مهام الحكومة، وهل سيكون نظام الحكم رئاسي، أم وفق نظام برلماني؟
 هذا الكلام سابق لأوانه، فهناك لجنة سوف تنبثق عن الحكومة الموسعة وهي التي ستقوم بوضع مسودة الدستور، ويمكن أن يكون الأمر وفق هذه الصورة، ويمكن أن تكون هناك صور أخرى للاتفاق على وثيقة الدستور. والدستور هو الذي يحدد شكل الحكم وعلاقة السلطات ببعضها البعض، ومن السابق لأوانه الخوض في مضمون ما يمكن الاتفاق عليه.

 ربما لا نتحدث هنا عما يمكن أن تصل إليه نتائج المحادثات، ولكن ما هي وجهة نظر الحكومة حول هذه النقطة؟
 إن قرار مجلس الأمن رقم 2254 تكلم عن مسار وعن خارطة طريق وعن حكومة تنبثق عنها لجنة تضع دستورا يتم الاستفتاء عليه، وإذا ما أقره الشعب، فإن ما يقرره هذا الدستور الجديد هو ما سينفذ، وقبل أن يتغير الدستور لابد لكل الإجراءات التي سوف تسير أن تكون وفق الدستور النافذ، وهذا هو المسار الذي يحافظ على السيادة السورية.

 تتزامن الجولة القادمة من محادثات جنيف مع انتخابات لمجلس الشعب في الثالث عشر من الجاري، وأعلنت دمشق رسمياً أن وفدها لن يذهب إلى جنيف إلا بعد انتهاء انتخابات مجلس الشعب أي سيتوجه وفد الحكومة إلى جنيف في الرابع عشر من الجاري، وأيضاً حسب الدستور النافذ حالياً فإن الانتخابات ستتمخض عنها حكومة جديدة، فما هو حجم التعديل الذي سيطرأ على هذه الحكومة بحسب توقعاتكم، هل هو شكلي لمرحلة انتقالية أو جوهري لمرحلة مفصلية، وهل ستضم هذه الحكومة معارضات أكثر، وهل لها علاقة بمسار الحل السياسي في جنيف؟
 إن نتائج الانتخابات هي من سيحدد شكل الحكومة المقبل ومن سوف تمثل، فمن لا يرد أن يشارك في هذه الانتخابات ترشحاً واقتراعاً، لا يحق له المطالبة بالمشاركة في الحكومة المقبلة.

 إذاً ليس معروفاً حتى الآن إذا كان حجم المعارضة سيزداد أم سيتراجع في الحكومة المقبلة؟
 هذه الحكومة ستشكل بمرسوم يصدر من رئيس الجمهورية وفقاً للدستور النافذ.

 ولكن معظم المعارضات، حتى بما فيها معارضة الداخل، أعلنت مقاطعتها لانتخابات مجلس الشعب لملاحظاتها على آلية الانتخابات؟
 لا يحق لمن يريد أن يقاطع الانتخابات أن يشارك في الحكومة، وهذا رأيي الشخصي كأستاذ قانون، وهذا تناقض في رؤى المعارضات.

 ولكن مسار المحادثات في جنيف قد تسفر أيضاً خلال المهل التي تم الحديث عنها، عن حكومة موسعة، فكيف سيتم حينها التعامل مع الحكومة المشكلة؟
 عندما يتم الاتفاق على ذلك في جنيف، فإن الحكومة سيتم تشكيلها وفق مرسوم يصدر من رئيس الجمهورية.
علينا أن نعرف أنه وفق الدستور النافذ حالياً فإن الحكومة الحالية سوف تكون بحكم المستقيلة بمجرد انتهاء ولاية مجلس الشعب الحالي ولابد من أن تتشكل حكومة جديدة احتراماً لنتائج الانتخابات.
ولذلك أقول: لا بد لهم من أن يشاركوا في الانتخابات حتى نرى حجم الأرضية التي تمثلهم، وهم لا يريدون ذلك وهذه مشكلة فيهم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن