حول سرقة لواء اسكندرون … تركيا تقدم الولاء والطاعة للحلفاء وتمنح امتيازات.. واليوم دعم تركي مفضوح للإرهاب مقابل ماذا؟!
| شمس الدين العجلاني
منذ جلاء المستعمر الفرنسي والبريطاني عن بلادنا عام 1946م، لم يأل جهداً هذا المستعمر في دعم تطلعات وأطماع المحتل التركي…
لقد كانت سورية دائماً عرضة لأطماع المستعمر الغربي، وتركيا دائماً تلعب دور «مخلب القط» وتقبض الثمن!؟
كانت بداية الثمن الذي قبضته تركيا من الدول الاستعمارية بمساعدة فرنسا وتعاون من بريطانيا هو سرقة «لواء اسكندرون» مع العديد من المناطق الأخرى؟!
مقابل أن تقدم تركيا ولاء الطاعة للحلفاء ضد أعدائهم الألمان، وتمنح الامتيازات الاقتصادية للشركات الفرنسية..
واليوم تعاد حكاية تركيا «مخلب القط» مره ثانية وثالثة وووو
ما نحن به اليوم من دعم تركي مفضوح للإرهاب والقتل والتدمير في البلاد، ليس وليد يوم أو أيام.. ليس وليد خلافات أو سياسات.. إنما هو مخطط له منذ وقت طويل وبدعم استعماري!؟
منذ سنوات طويلة يخططون وتركيا دائماً «مخلب القط» وإن عدنا إلى صفحات التاريخ نقرأ: «في نهاية عام 1957، وبداية عام 1958، كانت سورية على أبواب حرب أهلية بسبب هذه القوى المتناحرة على السلطة في الداخل… وفي الخارج من الشمال راحت تركيا تحشد قواتها على الحدود السورية، وغير بعيد عن الساحل السوري كان الأسطول السادس الأميركي متربصاً، الاتحاد السوفييتي يهدد تركيا بالاجتياح ويضع لهذه المهمة مليون جندي سوفييتي مسلم إذا ما تعرّضت سورية لعدوان عسكري من تركيا كأحد أعضاء الحلف الأطلسي».
ولنتذكر معاً، أن تركيا كانت الدولة الإسلامية الأولى في العالم التي اعترفت بوجود «إسرائيل» عام 1950 وأقامت معها علاقات دبلوماسية. كما أنها الدولة الإسلامية الأولى منذ شباط 1952 التي انخرطت عضواً كامل العضوية في حلف شمال الأطلسي، وكذلك فهي على رغم مشاركتها في أول مؤتمر إسلامي في الرباط، رفضت إدانة «إسرائيل» على حرقها المسجد الأقصى!؟
لنتذكر معاً، ما قاله الرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت: «إن الدفاع عن تركيا، هو في الوقت عينه دفاع عن الولايات المتحدة الأميركية».
والجنرال أيزنهاور: (ما من بقعة في الأرض، أكثر أهمية من الشرق الأوسط، إذ إن أهمية تركيا تنبع من كونها جغرافياً، موقعاً إستراتيجياً يحقق للسياسة الأميركية هدفها المزدوج: أ- مواجهة الاتحاد السوفييتي، وإقامة حصن أمام انتشاره. ب- قيام قاعدة ارتكازية قوية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط، «أغنى كنوز العالم»).
وما صدر عن الكونغرس الأميركي: «بسبب موقعها الجغرافي الإستراتيجي تركيا مع وجود مضيقي البوسفور والدردنيل فيها، حيث يتم الإشراف على العبور من البحر الأسود وإليه. تشغل تركيا موقعاً فريداً في تقييد حركة المرور على السفن الحربية المعادية في طريقها إلى المتوسط أثناء الحرب وبفضل موقعها الجغرافي المهم، فإنها تسيطر على معظم الطرق الجوية والبرية المباشرة بين الاتحاد السوفييتي والشرق الأوسط وإفريقيا. وهناك التسهيلات التي تضمنها تركيا في خدمة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، من أجل دعم المهمات الأطلسية».
«ثمة محطات كثيرة تُظهر مدى عمق التحالف بين اليهود والأتراك وهذا قد ظهر بشكل عملي في العدوان على سورية، حيث كان توزيع الأدوار واضحاً. لم يكن الدور «الإسرائيلي» في سورية أكثر أذى ولؤماً وفاعليةً من الدور التركي. الاثنان تجمعهما الأهداف ذاتها والمطامع ذاتها والإيديولوجيا ذاتها- د. نسيب أبو ضرغم».
لواء اسكندرون في البرلمان السوري
كانت منطقة اسكندرون تابعة لولاية حلب زمن الاحتلال العثماني، وأنطاكية هي عاصمة اللواء، تبلغ مساحة اللواء 4800 كيلومتر مربع، يطل على خليجي اسكندرون والسويدية في الزاوية الشمالية الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، ويتوسط شريطه الساحلي رأس الخنزير الذي يفصل بين الخليجين المذكورين. أهم مدنه أنطاكية وإسكندرونة وأوردو والريحانية والسويدية… اللواء ذو طبيعة جبلية، وأكبر جباله أربعة: جبال الأمانوس وجبل الأقرع وجبل موسى وجبل النفاخ، وبين هذه الجبال يقع سهل العمق. أما أهم أنهاره فهي: نهر العاصي الذي يصب في خليج السويدية ونهر الأسود (الذي يصب في بحيرات سهل العمق) ونهر عفرين (يصب في بحيرات سهل العمق أيضاً).
وأنطاكية هي مركز ومقر بطريرك أنطاكية، الرأس المحلي للكنيسة السورية بشقيها البيزنطي والسرياني، ومنها خرجت شخصيات بارزة على مستوى العالم مثل أغناطيوس الإنطاكي، ويوحنا فم الذهب، أما في سورية المعاصرة فقد خرجت مجموعة من الشخصيات السياسية والأدبية والفكرية المعروفة.
كان أغلبية سكان اللواء وملحقاته من العرب السوريين «مسيحيين ومسلمين» ومن الأرمن السوريين ونسبة قليلة من التركمان.
عندما رحل المحتل العثماني عن بلادنا عام 1918م، ودخل الملك فيصل دمشق مع المستعمر البريطاني، أعلن الوطنيون عام 1919م عن تشكيل أول برلمان عربي بدمشق، تحت اسم المؤتمر السوري الأول، الذي يشمل كل المناطق السورية «سورية الكبرى» مثل لواء إسكندرون وملحقاته في هذا المؤتمر، «كان هنالك ثلاث دوائر انتخابية تخص اللواء وهي إسكندرونة وقرقخان وأنطاكية» فكان من اللواء كل من صبحي بركات ولطفي الرفاعي، كما مُثل اللواء وملحقاته في باقي المجالس النيابية السورية، فكان مغيب اليحيى وموسيس ابادجيان وشكيب بركات من إنطاكية في المجلس النيابي عام 1932م، ومحمد جراب من إسكندرونة في مجلس عام 1932م، ومحمد الاطه لي من أنطاكية في مجالس عام 1928– 1932- 1936، ومصطفى خلف من انطاكية في مجلس عام 1928، وموسيس ديركا لوستيان من انطاكية في مجالس 1928– 1932– 1936، داود ريحاني من إسكندرونة في مجلس عام 1936م، وسليمان شاني من إسكندرونة في مجلس عام 1932م، وعز الدين الشلبي من أنطاكية في مجلس عام 1928م، ومصطفى القيصري من أنطاكية في مجلس عام 1932م و1936م، وعلي كحالي من إسكندرونة في مجلس عام 1932م، وصادق معروف من أنطاكية في مجلس عام 1932 وعام 1936م، ومحمد يحيى من أنطاكية في مجلس عام 1932م.
قبل سرقة اللواء
ليس هنالك أدنى شك وفق الوثائق البريطانية والفرنسية والتركية من أن لواء اسكندرون وملحقاته هو جزء لا يتجزأ من الأراضي السورية، فعندما تبودلت المراسلات بين الشريف حسين والسير هنري مكماهون عام 1915م قبل قيام ما يسمى الثورة العربية وتعاون العرب مع بريطانيا، اتفق على حدود الدولة العربية، واتفق أن يكون لواء إسكندرون وملحقاته ضمن هذه الحدود.
كان اللواء جزءاً من المملكة السورية التي قامت عقب نهاية الحرب العالمية الأولى وسقطت بيد الاحتلال الفرنسي في معركة ميسلون.
وعندما عقدت اتفاقية الصلح بين الحلفاء والدولة العثمانية، وهي المعاهدة المعروفة بمعاهدة «سيفر» اعترفت الدولة العثمانية المنهارة بعروبة منطقتي الإسكندرون وقيليقية (أضنة ومرسين) وارتباطهما بالبلاد العربية (المادة 27).
وأيضاً كان لواء إسكندرون في اتفاقية سايكس بيكو داخل المنطقة الزرقاء التابعة للانتداب الفرنسي بمعنى أن المعاهدة اعتبرته سورياً وهذا يدل على أن هذه المنطقة هي جزء من سورية.
وبعد توحيد الدويلات السورية التي شكلها المستعمر الفرنسي، ضُم لواء الإسكندرون إلى السلطة السورية المركزية. مع بدء الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان وكان تابعاً لولاية حلب.
حتى الاتفاقية الائتلافية التي عقدت في لوزان يوم 24 تموز من عام 1923م التي وقع عليها تسعة دول (إنكلترا- فرنسا- إيطاليا- اليابان- اليونان- رومانيا- الصرب- كرواتيا- سلوفانيا) وأصبحت نافذة من تاريخ التوقيع وجاءت تعديلاً على اتفاقية سيفر التي رفضها الأتراك. ذكر في (المادة الثانية من الاتفاقية المتعلقة بالحدود: لواء اسكندرون خارج حدود الدولة التركية).
بداية السرقة
حين آلت أمور السلطة في تركيا إلى مصطفى كمال، أخذ يدعو إلى عدم الاعتراف بعروبة اللواء، وأخذ يستغل الفوضى الدولية آنذاك لعقد اتفاقيات منفردة مع الدول الأوروبية.. في هذه الأثناء زار تركيا أحد أعضاء البرلمان الفرنسي، واسمه فرانكلين بويان، وكان وزيراً سابقاً للدعاية، هذه الزيارة لفتت نظر انتباه السياسيين، لكن سرعان ما نفى وزير الخارجية الفرنسي بريان، أي علاقة للدولة الفرنسية بهذه الزيارة، وأنها زيارة ذات طابع صحفي بحت!؟ وأكد وزير الخارجية الفرنسي في مذكرة رسمية إلى وزارة الخارجية البريطانية بأن فرنسا لا تفكر في مفاوضات خاصة!؟
ولكن الأيام أثبتت كذب فرنسا في هذه الادعاءات، وسبب زيارة فرانكلين بويان إلى تركيا، أن هنالك اتفاقية تجري بين المستعمر الفرنسي و«مخلب القط» تركيا!؟
وعقدت اتفاقية خاصة بين فرنسا وتركيا عرفت باسم «اتفاقية أنقرة» بموجب هذه الاتفاقية تنازلت فرنسا المحتلة لبلادنا عن ألف وثمانمئة متر مربع من الأراضي السورية بما في ذلك مقاطعة «كليكليا»..
ومنحت هذه الاتفاقية للأقلية التركية في لواء إسكندرون وأنطاكية بعض الامتيازات، وتعهدت أن يكون للغة التركية مركزها الرسمي في اللواء!؟
مقابل هذا السخاء للمستعمر الفرنسي «لمخلب القط» حصلت فرنسا على الطاعة العمياء من تركيا وعلى امتيازات اقتصادية لشركاتها منها استخراج معادن الحديد والفضة في الأراضي التركية لمدة تسع وتسعين سنة!