أردوغان وخطأ الرهان
| بيروت – رفعت البدوي
راهن البعض على تغيير في الموقف التركي وخصوصاً بعد الزيارة الأخيرة التي قام بها أحمد داود أوغلو إلى طهران مؤخراً طالباً مساعدة إيران في حلحلة الموضوع الروسي بعد الأزمة التي نشبت بين روسيا وتركيا إثر إسقاط الأخيرة السوخوي الروسية وقتل أحد طياري السوخوي إضافة للحديث الذي تم التطرق إليه والتطابق الذي ظهر بين أنقرة وطهران لجهة عدم السماح بقيام دولة كردية في الشمال السوري مقابل وعد تركي باستدارة في السياسة التركية فيما خص الملف السوري والعمل على إقفال الحدود التركية أمام تسلل وتمويل وتسليح الإرهاب الذي يتخذ من تركيا ومنافذها الحدودية مع سورية معبراً رئيسياً لبيع النفط السوري المنهوب إلى شركات تركية تخص أقارب وأبناء رجب أردوغان نفسه.
لكن ما حصل عكس ذلك تماما فتركيا حسب آخر المعلومات قامت بتزويد التنظيمات الإرهابية بالأسلحة الحديثة وبصواريخ مضادة للطائرات وآخر إنجازات تلك التنظيمات مدعومة بشكل مباشر من تركيا عسكريا وتقنياً تنفيذ هجوم مضاد على منطقة تل عيسى مستخدمة أسلحة كيميائية في قصفها مواقع الجيش السوري بغاز السارين في تلك المنطقة ما أدى إلى انسحاب الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية من تل عيسى واحتلالها من تنظيم داعش.
قبل فترة وجيزة تم الإعلان عن قيام تنظيم داعش بقصف مواقع الجيش العربي السوري في محيط مطار دير الزور بغاز الخردل لكن من دون إعطاء أي تفاصيل عن تطور الوضع العسكري في المنطقة.
في الأمس أعلن أردوغان أمرين لافتين الأول هو أن زمن التفاوض مع الأكراد قد ولى إلى غير رجعة وأنه أي أردوغان سيسحق التمرد الكردي داخل وخارج تركيا مقترحاً سحب الجنسية ورفع الحصانة عن مناصري حزب العمال الإرهابي في إشارة واضحة للولوج بمعركة عسكرية مفتوحة مع الأكراد.
أما الأمر الثاني فهو عبارة عن رسالة واضحة وصرخة بوجه الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا حين انتقد ممارستهما للديمقراطية واصفاً ذلك بالممارسة الكاذبة إضافة لإثارة ورقة أذربيجان تنفيذا لأوامر إسرائيلية بهدف الضغط على روسيا تحديدا مصرحاً أنه يدعم أذربيجان في حربها على أرمينيا وأن إقليم «قرة باغ» المتنازع عليه لا بد أن يعود إلى أذربيجان.
من المعروف أن روسيا لديها رؤية خاصة تحاول فرضها على المسرح الدولي سعياً لتحقيق توازن إستراتيجي مع الولايات المتحدة من خلال تنفيذ وجهة النظر الروسية القاضية بوقف العمليات العسكرية عند حدود تحرير تدمر كاسرة الميزان العسكري لمصلحة الجيش العربي السوري بشكل واضح ما يؤهل الدولة السورية إلى امتلاك الورقة الأقوى في أي مفاوضات وما يوجب ضرورة انغماس سورية كدولة في العملية السياسية الجارية في جنيف في حين أن لسورية الدولة وجهة نظر مختلفة في هذا الشأن.
أما وجهة النظر السورية فهي التصميم والاستمرار في التقدم العسكري للقضاء على الإرهاب نهائياً لكن بشكل متزامن مع المفاوضات الجارية في جنيف لأن الفرصة متاحة لتحقيق ذلك بعد الانتصارات المتتالية للجيش العربي السوري في الميدان العسكري.
يبدو أننا أمام مرحلة قادمة حامية بنيرانها في الشمال السوري ومن غير المستبعد أن نشهد عودة القوة الإستراتيجية الروسية إلى الميدان السوري.
إنها حرب بين أنقرة وموسكو بالواسطة ومن المتوقع ترجمتها باللكنة الحلبية تحديداً.
تركيا رجب أردوغان استنفرت واستنفدت كل قواها وألقت بكل ما تملك من أوراق بوجه الجميع لأن أردوغان بات يدرك أنه صار منبوذا من الجميع وأنه الخاسر الأكبر وان حلمه بإعادة السلطنة العثمانية سيبقى حلماً غير قابل للتنفيذ وأن حكم أردوغان وداود أوغلو بات يستمد البقاء من أجهزة التنفس الاصطناعي وهو في مرحلة الأنفاس الأخيرة لا محالة.