ثقافة وفن

عامان على رحيل الزعيم صاحب الصوت المميز … عبد الرحمن آل رشي: ما يهمني أن أموت واقفاً .. ولم أفعل شيئاً يستدعي الخوف من الموت

| وائل العدس

مر عامان على رحيل الفنان القدير عبد الرحمن آل رشي الذي غادر الحياة يوم الثاني عشر من شهر نيسان عام 2014 عن عمر ناهز الـ83 عاماً، قضى ثلثه على خشبات المسارح وبين أروقة الدراما والسينما، بعد أن وافته المنية إثر أذية تنفسية أسدلت الستار على حياته.
غادرنا نجم ساطع في سماء الفن السوري، فاختتم مسيرة فنية حافلة قدم خلالها عشرات الأعمال، تاركاً أثراً جلياً على وطن تغنى به ومجدّه، علماً أنه عضو مؤسس في نقابة الفنانين، وأثرى الدراما بالكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية، التي تجاوزت مئتي عمل.
فارق الحياة وقلبه يحترق على بلده الذي أبى أن يغادرها مهما صعبت الظروف، فعاش تحت ظلال سورية بحلوها ومرها وبقي متمسكاً بها حتى آخر رمق في حياته، وختم حياته بكلمات مؤثرة قائلاً «كل شي اتدمر.. رح يتعمر»، وخاطب أبناء سورية «سيبقى الهدامون يلهثون وراء البنائين».

رأساً على عقب
كان الفنان الراحل يخاف من والده كثيراً، فتحول عن الفكرة ولم يدخل مجال التمثيل إلا بعد وفاته من خلال النادي الشرقي عام 1955 الذي ضم أعضاء متمكنين في اللغة والأداء والقراءات، ووقتها شعر بأن مستواه الثقافي سيئ عندما توقف تعليمه عند الشهادة الإعدادية فواظب على القراءة وقلب حياته رأساً على عقب، حتى بات يحفظ أكثر من ألف بيت من الشعر العربي.
عاش الحياة بألوانها المختلفة وعوالم كثيرة كشفت له عن دواخل إنسانية متنوعة بفقرها وغناها وسطحيتها وعمقها، فهناك الشخصية الشريرة والنظيفة والتاريخية والمعاصرة شخصية الحاكم والفقير وغيرها.
لكن اللافت أنه جسد جميع الشخصيات تقريباً عدا شخصية الإنسان الثعلبي الطباع والجبان لأن شكله وصوته لا يتناسبان معها.
صوت رجولي

اشتهر الراحل بنبرة صوته المميزة، والكاريزما الخاصة التي منحته تأثيراً لا ينسى في أذهان وأسماع جمهوره العريض، فكان يمتلك صوتاً رخيماً ورجولياً، مكنه من الغناء.
وكان أبرز محطاته الغنائية الوطنية أغنية «أنا سوري آه يا نيالي»، إضافة إلى مشاركته في الأوبريت الوطني «كل شي تدمّر رح يتعمّر»، برفقة عدد من نجوم الطرب والغناء والفن.

مشاركات متنوعة
تعددت مشاركات آل رشي في مختلف المجالات الفنية، فشارك في السينما السورية، بصورة مكثفة خلال سبعينيات القرن الماضي، وكان بطلاً للعديد من الأفلام السينمائية، كفيلم «الثعلب» عام 1971، و«اليازرلي»، و«السيد التقدمي»، و«كفر قاسم»، و«المخدوعون» 1974، و«الفخ» 1979، و«المطلوب رجل واحد».
ومن أعماله المبكرة في التلفزيون «مذكرات حرامي» الذي قدمّه أواخر الستينيات، تحت إدارة المخرج علاء الدين كوكش، وتعاون معه مجدداً في أحد أشهر المسلسلات البدوية «راس غليص» أواسط السبعينيات الذي أخرجه المخرج القدير علاء الدين كوكش، وكان من إنتاج (تلفزيون دبي)، حيث صور بالكامل بعربة النقل الخارجي في منطقة العوير في دبي.
وتسجّل ذاكرة الدراما السورية للممثل الراحل العديد من الأدوار البارزة، نذكر منها: «الأزرق» في مسلسل «غضب الصحراء» 1989، و«ريّس المينا» بمسلسل «نهاية رجل شجاع» 1993، و«جنكيز خان» أحد أبطال مسلسل «هولاكو» 2002.
كما كان آل رشي أحد أبرز نجوم «الأعمال الشامية»، عبر أدوار جسّد فيها قيم النخوة، والشهامة، والبطولة، ومنها: «أبو جواد» في «الخوالي» سنة 2000، و«الزعيم أبو صالح» بالجزأين الأول والثاني من السلسلة الشاميّة الشهيرة «باب الحارة»، و«أبو بطرس الزكرتي» بمسلسل «رجال العز» 2011، وشارك في بطولة «قمر شام» 2013.
ومن أعماله أيضاً: «الحوت»، و«العبابيد»، و«جواهر»، و«تاج من شوك»، و«ملوك الطوائف»، و«الطير»، و«زمان الوصل»، و«بقعة ضوء»، و«الظاهر بيبرس»، و«أنا وأربع بنات»، و«رحلة المشتاق»، و«جريمة بلا نهاية»، و«صلاح الدين الأيوبي»، و«زمان الوصل»، و«بيت جدي»، و«العار»، و«الدبور»، و«صدق وعده»، و«رجال العز»، و«القعقاع بن عمرو التميمي».

بعد الممات
يعود آخر عمل ظهر فيه على الشاشة إلى عام 2014، حيث انتهى قبل مماته من تجسيد شخصية «أبو سالم» زعيم حارة «الشاغور» في مسلسل «الغربال»، من إخراج ناجي طعمي.

طرفة
يمتاز الفنان الراحل بدماثة خلقه وخفة دمه، وأسر قبل عامين بسر لموقع النشرة اللبناني حيث روى طرفة: بعد الانتهاء من تصوير أي مسلسل، لا أعود أذكر عنه شيئاً.. أنسى كل شيء عنه، ونادراً ما أشاهد مسلسلاً عند عرضه.. وحتى النص الورقي للعمل كنت أعطيه لأولادي حين كانوا صغارا ليكتبوا على الجانب الآخر من الصفحات ما يشتهونه.

مات واقفاً
عندما غيبت الدراما السورية الكثير من نجومها وعمالقتها في خلال العامين الماضيين، علّق آل رشي في إحدى حواراته الصحفية قائلاً: أهنئهم على وفاتهم… «نيالهم» لأنهم رحلوا وقاماتهم واقفة وليسوا أذلاء، هم وجدوا طريقهم على حين نحن مازلنا نجهل شكل طريقنا وما الذي ينتظرنا.
وعند سؤاله: هل تخاف من الموت؟ أجاب: لماذا الخوف؟ أنا ضده وهو مرفوض كلياً لدي، لم أفعل شيئاً يستدعي الخوف، والله غفور رحيم…. ما يهمني أن أموت واقفاً، تجربة الحياة سيعيشها الإنسان شاء أم أبى، وكل امرئ سيّر لما خلق له.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن