تميّز عهده بالإنصاف وأبدع في سياسة المال.. عمر بن عبد العزيز … معجزة الدولة الأمويّة .. قدّم للدولة في عامين ما قدّمه أكثر خلفائها في الإصلاحات
| عامر فؤاد عامر
يقسّم مؤلف الكتاب «رحيم هادي الشمخي» مبحثه في 3 فصول الأوّل منها يتناول تعريفاً عن الخليفة عمر بن عبد العزيز ونسبه وعن زواجه وعلمه ومناصبه التي تولاها، وغير ذلك من الأحداث المرتبطة بمسيرته في الدولة، والفصل الثاني خصّه بالإصلاحات الاقتصادية في زمنه، والمبحث الثالث عنونه بـ«ماذا قالت المصادر عن هذا الخليفة».
تعريف
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم وأمّه أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، وكنيته أبو حفص. ولد في قرية حلوان في مصر حيث كان والده أميراً عليها، سنة 61 ويقال سنة 36 للهجرة، له 14 ولداً. اتجهت والدته للعبادة والتقشف واتصفت بالمروءة والبر وهذا ما كسبه منها، أما والده فمال إلى الإسراف والترف في الثياب وأبهة الملك، وتأثر بهذا الطبع أيضاً. زار عمر بن عبد العزيز الشام في عمر العشرين ليعود منها متزوجاً من فاطمة ابنة عمّه الخليفة عبد الملك بن مروان.
لقب الأمير
حفظ القرآن الكريم في صغره وحفظ الكثير مما روي عن سنة النبي، فأصبح حجة ووصل لمرتبة الاجتهاد وعاد إليه بعض الذين أخذ منهم. توفي والد عمر سنة 85 للهجرة وتولى عمر الحكم بعده الولاية نفسها، ثم تولى حكم المدينة بعدها، وفيها جمع إلى العلم رواية الشعر وشجّع الفقه وسماع الغزل والغناء، وأحبه الناس فيها ولقبوه بالأمير. ومع الإصلاحات والخدمات التي قام بها في المدينة اختص بإدارة مكة ثم الطائف ثم استلم إمارة الحجاز بالكامل.
المؤامرة
عُزل عمر من منصبه نتيجة منافسة وخلاف من الحجاج الذي اشتدّ طغيانه في تلك المرحلة واستمال الخليفة إلى جانبه، فقصد «عمر بن عبد العزيز» السويداء ليسكن فيها بعد ذلك العزل وفيها أمضى فترة من الزهد والتأمل في حاله وما مضى وفي مستقبله المقبل، وبعدها انتقل إلى دمشق ليموت الحجاج وبعده بفترة الوليد بن عبد الملك ويستخلفه أخوه سليمان بن عبد الملك، الذي كان صديقاً لعمر.
التكليف بالخلافة
اشتد مرض الخليفة سليمان ولم يكن له من يخلفه بعده من أولاد بالغين، وشاور وزيره رجاء بن حيوة في جعل عمر خليفة من بعده وتمّ الأمر على أن يكون يزيد أخوه هو من يخلف عمر، ووسط اعتراضات وموافقات من جمهور بني أميّة تمّ تكليف «عبد العزيز» خلافة الدولة الأمويّة، إلا أن موقفه من الأمر كان بالدهشة وفي البداية خلع نفسه وترك للناس تقرير الأمر والمسألة فقال: «يا أيها الناس إني قد أبليت بهذا الأمر من غير رأي كان مني فيه، ولا طلبة له، ولا مشورة من المسلمين، وإني قد خلعت ما في أعناقكم من بيعتي، فاختاروا لأنفسكم». إلا أن الجميع بايعوه بعد ذلك.
إصلاحات عمر
الإصلاحات الاقتصادية التي قام بها الخليفة عمر بن عبد العزيز كثيرة فقد أنشأ أنظمة وقوانين منع فيها نمو الملكية الخاصة وتعاظمها على حساب الفقراء ودعم بيت مال المسلمين من خلال الجزية وقوانين الضرائب على الأرباح واهتم بالزراعة كثيراً وشجّعها، وحاول أن يمحو فكرة الطبقات وحقد عليه كثير من الأغنياء لأنه حاصرهم بقوانين كثيرة وجعلهم يدفعون ويعملون ويبتعدون عن فكرة الاكتناز، وكان سبّاقاً في وضع مبادئ في السياسة الماليّة الناجحة ودعم الاقتصاد.
في رثائه
توفي عمر بن عبد العزيز وهو في الأربعين من عمره ولم تتعد سنوات حكمه العامين إلا قليلاً، وفيما يلي شيءٌ مما رثاه «جرير» في شعره:
ينعى النعاة أمير المؤمنين لنا
يا خير من حجّ بيت الله واعتمرا
حملت أمراً عظيماً فاصطبرت له
وقمت فيه بأمر الله يا عمرا
فالشمس طالعةً ليست بكاسفةٍ
تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
تقسيم
اعتمد كتاب «الخليفة عمر بن عبد العزيز معجزة الدولة الأموية» للكاتب «رحيم هادي الشمخي» على عدد من المصادر الأصليّة التي ألفها كبار المؤرخين مثل: كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد محمد منيع، وكتاب سيرة عمر بن عبد العزيز كما رواها أنس بن مالك لمؤلفه ابن عبد الحكم عبد الله بن عثمان، وكتاب العقد الفريد لابن عبد ربه أحمد بن محمد، وكتاب تأريخ دمشق لابن عساكر وكتاب المنتظم لابن الجوزي، وكتاب تذكرة الحفاظ للذهبي شمس الدين محمد بن أحمد، وتاريخ الخلفاء للسيوطي جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، أما المراجع التي اعتمدها الكتاب فكانت كتاب النظم الإسلامية لعبد العزيز الدودي، وكتاب تاريخ الشعوبية لكارل بروكلمان، وكتاب الشرق الإسلامي في العصر الوسيط لمؤلفه نيكتا.