قضايا وآراء

على أمل أن يؤدي المجلس الجديد دوره المأمول

| باسمة حامد 

مما لا شك فيه أن المشاركة الشعبية الواسعة في الانتخابات التشريعية أعطت رسالة واضحة للعالم بشأن وقوف الناخب السوري مع كل إجراء عملي من شأنه منع حدوث فراغ دستوري في البلاد.
وبصرف النظر عن التفاصيل المتعلقة بالأرقام والنسب وأحجام التمثيل والقوائم المتنافسة ومشاركة المرأة والأحزاب الجديدة وما تفرزه صناديق الاقتراع بهذا الخصوص.. إلا أنه يجب عدم إغفال أهمية هذا الاستحقاق في ظل الإقبال الشعبي الواسع على التصويت.
فعلى المستوى الشعبي يُنظر إلى هذا الاستحقاق (المدعوم من الحليف الروسي باعتباره «لا يعرقل الجهود الرامية لبناء عملية السلام» والمتزامن مع إطلاق جولة جديدة للتفاوض في جنيف) نظرة إيجابية متفائلة على أساس أنه شكل من أشكال الحفاظ على مؤسسات الدولة.
وإتمام العملية الانتخابية ضمن الظروف المتاحة إذ إن الانتخابات اقتصرت على المناطق الواقعة تحت سيطرة الدولة «تأميناً لشفافية الانتخاب وحرية الناخب وأمانه في الوصول إلى المركز الانتخابي» نصر سياسي استثنائي لسورية، فهي خطوة ضرورية تفرضها المرحلة الراهنة يدرك المواطن السوري جيداً أنها عامل استقرار إضافي ودفع بالوطن نحو الأمام، وترسيخ للإرادة الوطنية، وتعبير عن رفضه التدخل الخارجي ومحاولات الوصاية والدمى المتحركة، وترجمة لتمسكه بالقرار الوطني المستقل الذي تحاول الدول المنخرطة بالحرب على سورية وأدواتها النيل منه بالحرب تارة وبالمفاوضات تارة أخرى.
ولا شك أن الحماسة الشعبية للمشاركة حتى في مدن تقع تحت تهديد مباشر من الإرهابيين كحلب ودير الزور، إضافة إلى إشراك الجيش العربي السوري لأول مرة وانخراط الفئات الشابة في هذه العملية تأتي في إطار مسار عمل طويل وشاق يتطلب تعزيز (الهدنة) ودعم جهود الحل السياسي وترسيخ حالة الأمن والأمان وإفساح المجال أكثر لعودة المهجرين إلى مناطقهم.
والمواطن الصامد وهو يخوض حرباً كبرى بوجوه متعددة (سياسية واقتصادية وعسكرية وثقافية) ويدفع ثمناً غالياً في مواجهة الإرهاب والأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية الصعبة ويتطلع للأمن والأمان والبناء والإعمار والنهوض من ركام الحرب أثبت أنه يقرأ حقائق المشهد بوعي سياسي متقدم.
فقد مارس حقه القانوني الطبيعي في اختيار ممثليه وفق أحكام الدستور، وأدى واجبه الوطني دون الإصغاء لنفاق (المجتمع الدولي) حيال (الشفافية) و(الحياد) و(النزاهة) لأنها مجرد (شماعة) لفشله السياسي والأخلاقي والإنساني وعناوين فارغة المضمون حين يتعلق الأمر بالملف السوري، فالعالم كان شحيحاً حتى ببيانات (الشجب والإدانة والاستنكار) بل وقف متفرجاً على مأساة السوريين بالداخل والخارج وفي مخيمات اللجوء، متنكراً لكل مزاعمه وشعاراته ومكتفياً بذرف دموع التماسيح!!
وأدى هذا الواجب أيضاً دون أن يكون مهتماً بسخرية الأنظمة المتطرفة وإعلامها من عرسه الديمقراطي كونه يعرف سلفاً أن بينها وبين (الديمقراطية) عداء مستفحلاً، ولا معنياً بترهات الغربيين حول (الشرعية) الثوب الفضفاض الذي تلبسه قوى الاستعمار الغربي لمن تشاء ووقتما تشاء وتنزعه عمن تشاء وقتما تشاء!!
وفي الواقع، كان المواطن السوري أميناً على تضحيات الشهداء والجرحى وأدى دوره المطلوب متأملاً أن يكون مجلس الشعب القادم أهلاً للثقة وعلى قدر المسؤولية وأن يؤدي دوره المأمول منه أيضاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن