حكومة نتنياهو في الجولان.. ما الرسائل؟
| نعيم إبراهيم
لم يكن انعقاد الجلسة الأسبوعية للحكومة الصهيونية يوم أمس الأحد في الجولان السوري المحتل مفاجئاً لكل ذي بصر وبصيرة، ولأصحاب الضمائر الحية من عرب وعجم. فالاحتلال قائم والممارسات القمعية والإرهابية والتوسعية ما زالت مستمرة بحق أصحاب الأرض. فما الفرق بين اجتماع حكومة بنيامين نتنياهو واستمرار بقاء جنوده على أرض الجولان؟
حسب الإذاعة «الإسرائيلية» العامة قرر نتنياهو القيام بهذه الخطوة لإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي مفادها أن انسحاب «إسرائيل» من الجولان «ليس مطروحا على الإطلاق، في الحاضر ولا المستقبل».
وقالت الإذاعة إن نتنياهو سبق أن أوصل هذه الرسالة إلى وزير الخارجية الأميركي جون كيري أثناء اجتماعه به مؤخرا، كما يعتزم تكرارها على مسامع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في موسكو التي سيزورها يوم الخميس المقبل.
وحسب وسائل الإعلام «الإسرائيلية» فإن نتنياهو يخشى «أن تتعرض إسرائيل لضغوط من المجتمع الدولي لحملها على الانسحاب من الهضبة المحتلة إذا ما تم التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل سورية خلال مفاوضات السلام التي تجري في جنيف».
رسائل صهيونية جديدة قديمة، يراد منها تكريس الاحتلال والهيمنة في الجولان كما هو حال فلسطين وكل أرض عربية محتلة. تختلف التكتيكات الجيوسياسية والعسكرية وتبقى الأهداف الإستراتيجية واحدة للمشروع الصهيوني – الإمبريالي – الرجعي في المنطقة والعالم. ونظرة ثاقبة اليوم لما يجري في سورية والعراق ولبنان واليمن والجماهيرية الليبية وتونس ومصر والسودان والصحراء الغربية وقبل ذلك وراهنا أيضاً في فلسطين، تؤكد صحة ما ذهبت إليه وهو بالأساس ليس جديداً إلا في الأساليب والتكتيكات.
ماذا يعني أن يفتخر نتنياهو باستمرار كيانه في استهداف سورية والمقاومة وحلفائهما، خلال زيارة تفقدية للقوات «الإسرائيلية» في الشطر المحتل من الجولان يوم الإثنين الماضي «إن إسرائيل قصفت عشرات المرات قوافل سلاح في سورية كانت مرسلة لحزب الله».
ومع ذلك من المهم الإشارة هنا إلى أن الخطوة الصهيونية الجديدة تزامنت مع عدة تطورات هي:
1- صمود الجيش العربي السوري وحلفائه منذ ما يزيد على خمس سنوات في محاربة الإرهاب وداعميه وإخفاق محور الأعداء في تفكيك هذا الجيش ومعه الدولة السورية (قيادة وشعبا ومؤسسات)، وإفشال كل محاولات إقامة أي شكل من أشكال «المناطق الآمنة» الهادفة إلى تقسيم سورية جغرافياً وطائفياً وقلب الموازين الميدانية لمصلحة الدولة السورية حيث باتت اليوم في وضع الهجوم على الميليشيات المسلحة على امتداد واسع من الجغرافية السورية.
2- صمود الدبلوماسية السورية في مقارعة مؤامرات متعددة عبر مشاريع سياسية وتكتيكات تمس التشريعات والقوانين الشرعية والوضعية ولم يستطيع محور الأعداء التأثير في شجاعة وإرادة وصلابة هذه الدبلوماسية رغم كل محاولات التهديد والترغيب.
3- ارتداد الإرهاب على داعميه حيث بات يهدد هؤلاء في عقر دارهم سواء في المنطقة أو في العالم كله.
4- ما سلف وغيره من التمسك بأسباب الصمود لمحور المقاومة والفشل لمحور الأعداء يؤكد أن الجولان كان وسيبقى سوري الوجه واللسان (الهوية) ولن يستطيع الاحتلال فرض أسرلته حتى لو حمل نتنياهو هذه الخطة إلى موسكو هذه المرة، واستغل الحرب السورية إلى الحد الذي يسمح لكيانه بانتزاع اعتراف دولي، بـ«الهوية الإسرائيلية» للجولان.
إذاً تبقى المقاومة بكل أشكالها الخيار الأوحد لتحرير الجولان وكل الأراضي العربية المحتلة ومن يراهن على غير ذلك فإنما هو واهم وساقط في عمق المشروع الصهيوني – الإمبريالي – الرجعي ليس إلا، والتطورات الراهنة واللاحقة كفيلة بتأكيد هذه الحقيقة الدامغة التي تتزامن مع إحياء السوريين لذكرى الجلاء السبعين وهذا الأمر فيه كثير من الدروس والعبر.