الصفحة الأخيرة

دين أكثر.. تطرف أقل!!

| عبد الفتاح العوض

هذا الموضوع مثير للجدل… لأن مدلولاته مهمة…
دراسة غربية ربطت بين ضعف الثقافة الدينية عند المنتمين لداعش في الغرب، توصلت الدراسة إلى أن أكثر الناشطين في الدعوة إلى داعش ليسوا على ثقافة عالية في التدين، وأنهم مجرد مقلدين، وأداء العبادات تتم من دون معرفة المغزى من أداء ما سموه «التكليف» أو الواجب. أنقل هنا فحوى ما ورد في الدراسة، فقد أظهرت كميات هائلة من الوثائق الداخلية لداعش، أن أغلب مجنديها الأجانب ضعيفو الثقافة الدينية، فقد احتوت الوثائق على بيانات شخصية وخلفيات المجندين ودوافعهم للانضمام لداعش، وبفضل المجهودات الاستثنائية المضنية للصحفيين في البحث خلال تلك الوثائق، مجلة «دير شبيغل» الألمانية التي دققت البحث في 3000 وثيقة مسربة، وكشفت عن أن السواد الأعظم من مجندي داعش ثقافتهم الدينية «ضعيفة»، وقليل منهم بالكاد تلقى أي تعليم عن الشريعة الإسلامية.
هذا الكلام شديد الوضوح وهو يصح على المجندين الأجانب في داعش ولا أظن الفرق كبيراً بين ثقافة الدواعش المحليين أو المستوردين، وهنا أريد أن أنقل تجربة شخصية خضتها في أيار عام 2012.
وقتها قررت أن أزور كلاً من حمص وإدلب وحماة وكانت الفكرة التي أبحث عنها:
ما المرجعية الفكرية لمن كانوا يسمون في ذلك الوقت النشطاء؟
بمعنى ما الثقافة التي تحركهم؟!
وبغض النظر عن المصالح التي تحرك البشر، أو المشاعر التي تدفعهم باتجاه أو بآخر، فإنه بالمحصلة لا بد أن يكون هناك أساس فكري ينطلقون منه.
وربما الكثير لا يدرك الأساس الفكري الذي يحركه، لكنه بشكل أو بآخر يتصرف من خلال العقل الباطن المملوء بالأفكار المخزنة.
في حمص دخلت إلى بابا عمرو بصحبة صديق كان يعمل في جريدة العروبة، وهو الآن خارج القطر وفي الوقت الذي بقي في انتظاري بالسيارة كنت قد بدأت نقاشاً مع أشخاص مسلحين، وبغير الدخول في التفاصيل فهؤلاء ممن لم يحركهم أي فكر أو ثقافة أو مرجعية إلا الجهل وأشياء أخرى مثله!! في جانب آخر كانت الوجوه بين ذوي اللحى أو ذوي الوجاهات الاجتماعية.
في إدلب كان دليلي إلى المعارضة صديقاً صحفياً سورياً معروفاً ككاتب ساخر وهو أقرب عقلاً وسلوكاً إلى الفكر اليساري.
لكن الذين اجتمعنا معهم كانوا ذوي مرجعيات تعود إلى الإسلام السياسي، وتبين مع حوار طويل أن أصل الحكاية ليست قضية لها علاقة بتلك اللحظة بل بعقلية تمزج بين الثأر والتعصب، لكن يمكن في الحوار أن تحصل على تنازلات «فكرية» من نوع ما.
ولم يختلف الأمر في حوارات أخرى وفي مناطق أخرى. وكان المتشددون من المتدينين وغير المتدينين. التطرف مرض لا يميز بين هذا وذاك، ومشكلتنا هي في العقل المتطرف اليابس المتعنت الذي لا يقبل بالتنازلات ولا بالتسويات، ويفكر بأن يكون رابحاً أو خاسراً ولا شيء غير ذلك.
الآن وأنت ترى شباباً في العشرينيات يقومون بأعمال إرهابية لمصلحة داعش في أوروبا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه، ما التعليم الديني الذي حصلوا عليه، وبالتالي ما مدى التعمق في الإسلام حتى اتخذوا مثل هذه القرارات الصعبة؟
بالتأكيد بمثل هذا العمر لا يمكن الوصول إلى إنجاز في مجال التعمق بدراسة الإسلام، فما مدى تعمق مراهق بالدين عندما يفجر نفسه في ملعب كرة قدم في بلده؟
هذا ليس تبرئة لمؤسسات التعليم الديني لكن في الواقع إن معظم المنتمين لداعش لم يتلقوا تعليماً دينياً… تطرفوا لأنهم بلا دين!!
بمعنى آخر دين أقل تطرف أكثر.

مدائح نيابية
أول إنجازات نائب في مجلس الشعب إصدار أغنية باسمه تمجد به وتمتدح صفاته.. نتمنى على السادة النواب تأليف وتلحين الإنجازات وليس الأغنيات.

آخر الكلام
إذا لم تحول عدوك «المنهزم» إلى صديق فأنت لم تنتصر في الحرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن