لا أحد يطلبها براً..ماذا تنتظر موسكو..؟!
أنور رجا:
دفعتني التطورات الميدانية الأخيرة في إدلب وجسر الشغور وأريحا وتدمر إلى كتابة هذه السطور علها تصل عبر القنوات المناسبة إلى أصحاب القرار في موسكو، وفي اعتقادي أن ما سأقوله هو لسان حال أغلبية السوريين الذين يحاربون داعش والقاعدة وكل مكونات الإرهاب نيابة عن الإنسانية جمعاء ويدفعون ثمناً باهظاً مقابل عدم استسلامهم للإملاءات السياسية التي يراد فرضها عبر استخدام داعش وأخواتها من الإدارة الأميركية وحلفائها الأوروبيين.
لا أحد ينكر أن الدبلوماسية الروسية قد لعبت دوراً محورياً في إفشال المساعي الأميركية الغربية لاستصدار قرارات مدمرة بحق سورية تحت الفصل السابع في مجلس الأمن.. ومؤكد أن تنفيذ روسيا لالتزاماتها بما يتعلق بعقود السلاح هو موضع تقدير واحترام ولكن حين نتحدث عن فهم روسيا وتقديرها لطبيعة العدوان الدولي الذي تتعرض له سورية وسبل الدعم الميدانية التي تحفظ لها دورها في المنطقة في مواجهة برامج إقصائها منها التي تمارسها أميركا بكل قواتها من خلال دعمها المطلق للجماعات الإرهابية المسلحة عبر الوسطاء الخليجيين والصهاينة.. هنا يبرز السؤال… هل تكتفي القيادة الروسية بالضغط الدبلوماسي وبيانات الشجب لمحاولات تغيير الخريطة السياسية في شمال سورية ووسطها لخلق واقع ميداني هو أشبه بالمنطقة العازلة؟!
إن حالة الاستنزاف التي تمارسها أميركا وملحقاتها بحق سورية وشعبها ومحاولة إطالة عمر الحرب لن يكسر ظهر الدولة ولن يجعلها تغير من تحالفاتها ومواقفها وقناعاتها التي يراد أن تتراجع عنها.
ولعل هذا الواقع هو ما يجب أن يكون دافعاً لتطوير الموقف الروسي بحيث يخرج من دائرة مراقبة الوضع الميداني إلى دائرة الفعل التي توازي نسبياً دورها وحجمها وحقها في ممارسة قناعاتها في مواجهة الإرهاب.. والمعادلة في هذا السياق ليست معقدة ولا تتعارض مع قواعد اللعبة الدولية التي منحت أميركا نفسها الحق بتشكيل ما سمي التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في سورية والعراق واعتمدت على الضربات الجوية وخاصة بحجة إنقاذ عين العرب وهنا يبرز سؤال واقعي… لماذا لا تقوم روسيا بالمهمة ذاتها سواء عبر تشكيلها لتحالف دولي خاص بمعسكرها أو عبر الضغط لإعادة تشكيل التحالف الدولي لتكون جزءاً فاعلاً منه بهدف محاربة تمدد داعش؟!
روسيا التي تملك حضوراً وامتيازاً بحرياً عسكرياً على الشواطئ السورية هي وحدها التي تحظى بغطاء من الدولة السورية إن شاءت التدخل والحفاظ على مصالحها، وبهذا تكون قد ضمنت لنفسها تحالفاً جذرياً وموقعاً دولياً لا يهتز بين شبه جزيرة القرم وطرطوس لمحطة أولى حول دور أوسع.
لقد آن للدب الروسي أن يصبح أكثر رشاقة وألا يكتفي القمر الصناعي الروسي برصد تحركات داعش وأرشفتها، وثمة كلمة حارة لا بد من قولها وهي أن ما سبق لا يعني أن أحداً يفكر بطلب الاستعانة بقوات روسية على الأرض، لكننا نهمس بآذان الأصدقاء الروس ربما ستجدون من يتقوّل معلقاً حتى من التحالف الأميركي وهل حاولت روسيا أن تتدخل جوياً ضد داعش بعد أن تسارعت الأخطار وحاول منعها أحد ما؟!