سورية

أوباما المتضايق من «الحلفاء».. يمد يده لإيران

| أنس وهيب الكردي

تلقي الزيارة التي قادت أوباما إلى الرياض وما رافقها من لقاءات في نيويورك ضوءاً على سياسة الرئيس الأميركي الشرق أوسطية؛ فبالترافق مع لقاءات أوباما المكثفة مع قادة مجلس التعاون الخليجي، كان وزير خارجيته جون كيري يلتقي نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك.
أوباما، استبق وصوله للعاصمة السعودية بجردة حساب قاسية مع المسؤولين الخليجيين، الذين يطالبونه بما لا يريد تنفيذه، عمل خلال القمة الخليجية الأميركية على توضيح حدود الالتزام الأميركي تجاه بلدان الخليج العربي. فالرئيس الأميركي ربط دعم تلك الدول اقتصادياً لتجاوز أزمة انخفاض أسعار النفط من دون التأثير على مستوى معيشة أبنائها، بتوفير فرص «لكل مواطنيها» في رسالة فهمتها العواصم الخليجية، وتعني ضرورة عدولها عن سياسات التمييز بين مواطنيها. كما حذر أوباما دول الخليج من الاستمرار في معاداة إيران.. ومن المتوقع أن يكون قد عرض على القادة الخليجيين مبادرة للتهدئة مع طهران تقوم على التوصل إلى «سلام بارد»، بين الجيران التسعة وبالأخص السعودية وإيران، يسمح بتهدئة التوترات المذهبية، من أجل تركيز جهود كل بلدان المنطقة، بما فيها إيران، على محاربة تنظيم داعش المدرج على لائحة التنظيمات الإرهابية. وكرر أوباما في حديث نشر أمس أن مقاتلة التنظيم هي أولويته في الشرق الأوسط.
واتضح السر وراء الرغبة الجامحة للرئيس الأميركي في زيارة الرياض على الرغم من شعوره بقلة حماس مضيفيه. فلم يكن أوباما يصل الرياض حتى تسربت أنباء عن أنه سبق، أن طلب عقد لقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني من أجل مناقشة قضايا المنطقة بالأخص الوضع في سورية. وبالترافق مع تسرب هذا التقرير التقى كيري وجواد ظريف للمرة الثانية خلال أسبوع. وأثمر لقاء نيويورك عن صفقة تبيع بموجبها إيران (30) طناً من المياه الثقيلة لواشنطن في خطوة لم تكن متصورة قبل شهر من الآن. وبالتوازي أعلن كيري أن المصارف الأجنبية لها مطلق الحرية في تعاملاتها مع إيران، وذلك بموجب الاتفاق النووي.
لقد أراد الرئيس الأميركي من وراء التزامن بين مشاركته في القمة الخليجية الأميركية، وعقد أول صفقة أميركية إيرانية، أن يبرهن لمنتقديه في الولايات المتحدة أن سياسته حيال طهران تحوز رضا ودعم دول الخليج.
مجدداً مد أوباما يده لإيران معرباً عن تضايق مكتوم من حلفائه الخليجيين. جاء ذلك وسط امتعاض أميركي من سياسات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سورية. لقد أعرب أوباما من العاصمة البريطانية لندن عن رفضه لحل الأزمة السورية من غير طريق المفاوضات، في رسالة موجهة لبوتين. برز الخلاف مؤخراً بين الزعيمين عقب اتصالهما الهاتفي الأسبوع الماضي. أوباما حذر من أن سورية تتهالك. لم يتأخر رد الرئيس الروسي: «القوات الروسية بدعمها الجيش السوري منعت انهيار الدولة هناك».
ولأول مرة كشف أوباما عن شكوكه حيال تصرفات نظيره الروسي وتحركاته في سورية. شكوك أوباما جاءت وسط التحضيرات المتزايدة لمعركة حلب. مع ذلك، تنبأ أن تعترف روسيا بأن الأزمة السورية لا يمكن حلها بالوسائل العسكرية.
في سنته الأخيرة، يواصل الرئيس الأميركي العمل على تحسين العلاقات بين بلاده وإيران. هو يعتقد أن تحصين الاتفاق النووي يقتضي المضي قدماً في تطبيع العلاقات بين البلدين. وربما يكون قد نجح كيري وظريف في تمهيد الطريق أمام خطوة غير عادية قد يشهدها العام الحالي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن