اقتصادالأخبار البارزة

حريق العصرونية يلهب اجتماع تجار دمشق … القلاع: صندوق لمساعدة المتضررين.. حمشو: سنقف مع التجار المتضررين

تزامن اجتماع الهيئة العامة السنوي لغرفة تجارة دمشق أمس مع تداعيات الكارثة التي حصلت في سوق العصرونية في دمشق القديمة فجر السبت، حيث ألقت هذه الحادثة بظلالها على مجريات اجتماع الهيئة العامة وغيرت من بوصلة بنود هذا الاجتماع وهيمنت على مداخلات الحضور كيفية التعاطي والمعالجة لهذه المشكلة التي تتكرر في كل حين.
وأشار رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق غسان القلاع خلال الاجتماع أمس إلى أن الغرفة أنشأت صندوق إعانة لمتضرري سوق العصرونية لتعويض أصحاب المحال التي تعرضت للحريق فجر السبت الماضي وفتحت حساباً في الغرفة للمساهمة فيه من أعضاء الهيئة العامة بحسب إمكانيات كل عضو في دعم هذا الصندوق بعد أن صوت المجتمعون بالإجماع على هذا الصندوق الذي ورد ضمن حزمة من البنود الخاصة بمعالجة هذه المشكلة مع اقتراح بالإعفاء من الرسوم المستحقة للعام 2016 وقد حددت لجنة خاصة بالغرفة لاستكمال أسماء المتضررين في سوق العصرونية وتحديد حصر الأضرار بالمحل أو المستودع أو البضاعة أو باثنين أو ثلاثة من هذه الأضرار معاً. منوهاً بأن الأولوية من واردات الصندوق ستتوجه إلى إعادة بناء المحال والمستودعات التجارية وبعدها يمكن التعويض عن البضائع حيث إن البناء لهذه المحال سوف يتكون من مواد بناء معالجة آمنة وتحقق السلامة مع أنظمة إطفاء حقيقية وحديثة مع الحفاظ على الطابع العمراني والتراثي لدمشق القديمة والحي التجاري القديم.
وأشار القلاع إلى وجود مخططات وتصاميم لدى مهندسي المحافظة وتفصيلات كثيرة كانت تتعلق بمشاريع توسيع مباني دمشق القديمة يمكن الاستفادة من هذه التصاميم والمخططات وإدخال الجديد على الطابع القديم دون تشويه المنطقة القديمة، مشيراً إلى أن هذه الحوادث تكررت كثيراً في العقود السابقة وأن لا شيء يبقى على حاله حيث إن السوق سوف يعود إلى مممارسة نشاطاته بشكل طبيعي وتعود المياه إلى مجاريها ضارباً مثالاً احتراق سوق الصاغة القديم في مطلع خمسينيات القرن الماضي الذي تحول مكانته إلى بؤرة للنفايات والقمامة بعد نقل السوق إلى منطقة الحريقة وبشكل مؤقت حيث لا يزال أصحاب سوق الصاغة إلى الآن يعيشون في محال مهددة بالإخلاء في أي لحظة وما زال أصحاب المحال يحزمون مقتنيات محالهم في شنطة قبل إغلاق محالهم لنقلها إلى منازلهم لشعورهم بعدم الاستقرار وأن صاحب محل الصاغة يمكن أن يأتي في اليوم التالي إلى السوق ويلقى محله مهدداً بالإخلاء.
وأشار القلاع إلى حريق سوق الجمرك حيث أتى الحريق على كل المحال والبضائع في هذا السوق حيث تم إنشاء صندوق في حينها وعاد إلى أعماله لما كانت عليه عبر بنائه بمواد معالجة آمنة، إضافة إلى تضرر سوق مدحت باشا بما يعادل نصفه نتيجة القصف المدفعي من الاحتلال الفرنسي وعادت المحال إلى ما كانت عليه.
وبدوره عبّر أمين سر غرفة تجارة دمشق محمد حمشو عن الحزن العميق لما أصاب السوق من أضرار، موضحاً أن غرفة تجارة دمشق تواصلت منذ بدء الحريق مع دوائر محافظة دمشق ومع المحافظ لمتابعة أموره وحصار الحريق حيث تمت السيطرة على الحريق من الامتداد منذ الثانية ليلاً.
مؤكداً أن الغرفة والتجار سوف يقفون مع المتضررين بالإمكانات المتوفرة المختلفة حالياً عن السابق وليس كما يمكن أن يتوقع أصحاب المحال. وأشار إلى أن خطوط الخدمة بأنواعها كافة الكهربائية والصحية والمياه وغيرها جزء من مشاكل دمشق القديمة وأسواقها وهناك تقصير واضح اتجاه هذه الأحياء القديمة من كل القطاعات الخدمية، إضافة إلى أساليب التخزين السيئ وبلا توفير الشروط الفنية المناسبة في المحال والمستودعات حيث فوضى عمرانية في الأسواق فمن ينظمها؟ واقترح رفع توصية إلى محافظة دمشق لتزويد أحياء دمشق القديمة وأسواقها بأنظمة إطفاء وحماية حديثة لتأمين سلامة وأمن هذه الأسواق وتوفير الخسائر الفادحة التي تمنى بها في كل حين.
ولفت عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق منار الجلاد إلى أن الخسائر في سوق العصرونية تقدر بعشرات المليارات من الليرات السورية وهو حريق يمكن أن يتكرر، مشيراً إلى ضعف المعدات والأجهزة المستخدمة في إطفاء الحريق حيث كانت تعاني كثيراً من العيوب التي أثرت في أداء عناصر الإطفاء الذين تفانوا في القيام بمهامهم على أكمل وجه، وطالب بضرورة منح قروض ميسرة لأصحاب المحال المتضررة من المصارف العاملة في سورية من دون فوائد ولمدة سنتين أو ثلاث سنوات لكون الخسائر كبيرة.
وقد حضر رئيس فرع حزب البعث العربي الاشتراكي وائل الإمام اجتماع الغرفة لاحقا والذي كان مقرراً قبل نحو أسبوعين للاستماع إلى مشاكل التجار وتزامن كذلك مع حريق العصرونية وانتقد طريقة مد الأسلاك والتوصيلات الكهربائية من فوق سطوح المنازل والمحال وعلى جدران الأسواق في دمشق القديمة وهي تمديدات غير آمنة ولا تحقق السلامة لهذه الأحياء داعياً أصحاب المحال التجارية في دمشق القديمة إلى اعتماد توصيلات كهربائية آمنة لأنها تجنبهم الكثير من الخسائر التي يمكن أن تحصل في المستقبل وهي مشاكل حرائق تحصل غالباً نتيجة تبادل خطوط الكهرباء بين الأحياء أو المحال. مشيراً إلى تشكيل فرق حزبية لتكون صلة الوصل بين التجار والجهات المسؤولة في المحافظة.
وأوضح الإمام أن الخسائر نتيجة الأزمة طالت كل مناحي الحياة المواطن والدولة والمؤسسات والاقتصاد بكل فروعه قائلاً: إن موازنة محافظة دمشق كانت بحدود 25 مليار ليرة قبل الأزمة عندما كان الدولار 50 ليرة واليوم موازنتها 27 مليار ليرة إلا أن قوتها الشرائية لا تعادل أكثر من مليارين و700 مليون ليرة.
وأوضح من جهة أخرى أن الدولة اعتمدت آليات العرض والطلب في الاقتصاد وأن حزب البعث غيّر الكثير من أفكاره ومفاهيمه القديمة حيث تغيرت آليات وأفكار الحزب على أرض الواقع معتمداً صيغة وصبغة المواطنة ومفهومها الشامل وآليات العرض والطلب داخل الأسواق ودور القطاع الخاص في التجارة والصناعة ولا وجود لكلمة البرجوازية في أي كتاب ولا في الاقتصاد الكلي أو الجزئي.
وانتقد التاجر سعيد الحلبي بشدة آليات التعاطي مع أسعار الصرف مقارنة بما كان يعمل به في الخمسينيات من القرن الماضي حيث كان كل مواطن يحصل على الدولارات فقط في حال أراد تغطية احتياجات محددة للسفر أو للعلاج خارج سورية وغيرها وكان يلتزم بتقديم الفواتير الخاصة بصرف القطع الأجنبي وكان المواطن يحصل على 2000 دولار لتغطية هذه الاحتياجات ووصف شركات الصرافة ومكاتب القطع بما يشبه بائعي الحلاوة مع ما يرافقها من مشاكل وشجار على الطرقات حيث من يرد تصدير بنزين يوفروا له الدولار، داعياً إلى التوقف عن التحكم بموارد الدولة بهذه الطريقة وموارد الشعب والاقتصاد التي دمرت الليرة السورية وهو أمر لم يحصل في أي بلد آخر مهما كانت الظروف.
على حين أشار التاجر أحمد عداس إلى مشكلة إجازات الاستيراد والمراوغة في منحها تحت ذرائع مختلفة، ضارباً مثالاً الزيت الذي تقتصر الأسواق على نوعين منه فقط وهي تخلق حالات تفرد في السوق وتغيب عمليات المنافسة عبر طرح سلع محدودة تخلق حالات احتكار، واصفاً تجار دمشق كالسيل الجارف حيث إن وضع الحواجز والعراقيل لا يجدي نفعاً لأنهم لا يعدمون الوسيلة في الحفاظ على موارد رزقهم.
وردّ القلاع: «لو أن القرار لي في ما يخص القطع الأجنبي لكنت تعرضت للكثير من المشاكل»، مشيراً في الوقت ذاته إلى نقص حاد في الإيرادات وخاصة من القطع الأجنبي «فلا نفط ولا فوسفات ولا حاصلات زراعية ولا تحويلات ولا سياحة ولا ترانزيت، متسائلاً: من أين نأتي بالمال؟».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن