من دفتر الوطن

لحظة انتظار!

| عصام داري 

يحق لنا مرة تلو المرة، العودة إلى أفكارنا، كلماتنا، فلسفتنا التي ترسم مسار حياتنا، إما لتكريس ما كنا نؤمن به منذ سنوات طويلة خلت، وإما لتصحيح أخطاء اكتشفناها مع مرور الوقت ونضج التجربة.
نمتلك لغتنا ومفرداتنا التي نظن أنها هويتنا التي تميزنا عن سوانا من الذين امتهنوا لعبة الكتابة، نحب استبدال لغة مدرسية ألفناها بأخرى لها طعم الحياة والرومانسية، لغة الحب والارتقاء إلى مراتب القدسية في العلاقات الإنسانية.
نستقبل كل صباح نسائم منعشة بصدور تواقة إلى النقاء والانطلاق والنشاط في بداية يوم جديد من مسيرتنا على كوكب الأرض الأزرق الذي نعرف أنه لون الحياة الذي يغطي ثلاثة أرباع كوكبنا الجميل.
مع بدايات النهارات.. نستبشر خيراً بيوم جميل ومثمر، لنا ولغيرنا من البشر الذين يسكن صدورهم قلب إنسان مرهف الأحاسيس والمشاعر ويملؤه الحب والأمل الدائم الخضرة.
تنسكب الشمس شلال دفء ونور لتعلن ولادة نهار جديد، نعرف أننا مازلنا على قيد الحياة، ننعم بالدفء والماء والهواء، والصحة وراحة البال- قليلاً- فراحة البال غاية لا تطال هذه الأيام العصيبة، فنحن نعيش في هذه الدنيا يوماً بيوم، ننتظر الغد عله يحمل الجديد، ولا جديد، لكننا نسير على وقع دقات قلوبنا، ونستعيد ذكريات مضت ولن تعود، ما دمنا غير قادرين على صنع فرح جديد، فنغرق في فرح كان، نكتفي بابتسامة هذا الفرح العتيق، ونطوي دفتر ذكرياتنا لنعود في الغد لنفتحه.. بانتظار فرحة مستعادة من الخيال.
من المستحيل أن تمر أيامنا وسنواتنا من دون حب يلونها ويعطيها نكهة السحر والحلم الوردي الجميل،.. الحب هو هبة اللـه لبني البشر، ومن ينكر هذه الهبة يتنكر لكل مكونات الإنسان والطبيعة البشرية ولمبرر وجوده.
في كل يوم تكبر أفراحنـا يومـاً، وتكبر معها الأحـزان والهمـوم والمشكلات وكل المنغصات، لكننا قادرون على جعل الأمل والتفاؤل أكبر من خيباتنا، فنقلل من حجم خسائرنا، وتسهل علينا أمور حياتنا ومواجهة المصاعب والمفاجآت بقوة أكبر وإيمان بأننا منتصرون، على ذاتنا قبل كل شيء، وعلى التحديات والعقبات والسير على دروب الشوك والجمر ونحن واثقون أننا سننتهي في وقت ما من هذه الدروب ونصل إلى واحة الأمان.
أستعير من نزار قباني ريشته لأرسم بالكلمات كل يوم لوحات حب للحياة وللإنسان، فتنبع من أوراقي أنهار من ماء وعطور، ويتحول حبري إلى مزيج من ذهب وبرادة الألماس، وأنسج من أبجديتي وشاحاً مرصعاً بالجواهر والأحجار الكريمة مرشوشاً بعطر وردتنا الشامية والزنبق البلدي.
أنحت التماثيل الغارقة في بحر الجمال من أحلام وردية مزركشة بأحجار كريمة تمثل كل الألوان، فيكاد التمثال ينطق فرحاً بحلاوة الإبداع، تزهر الأشجار في فصل الصقيع، وتغتسل الفراشات في قوارير العطر، وتسبح الأسماك في بحيرة من سحر وخيال، كل ذلك يصبح حقيقة عندما نؤمن بأن الغد الآتي على صهوة الأمل، سيكون أحلى، وأننا قادمون إلى الفرح الذي ضاع، وسنجده في القادم من الأيام، أنها فقط، لحظة انتظار.. وإن طالت.
اليوم.. استعدت بعضاً من أفكاري، وأبجديتي، وقدمتها وجبة على الورق في دفتر «الوطن» الذي مازال يتسع لنا جميعاً.. إذا أردنا!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن